شهدت موريتانيا منذ نشأتها وحتى اليوم مظاهر اجتماعية واقتصادية غدت تشكل عناوين هامة من الثقافة السائدة في المجتمع مفادها أن الشخص يكون أسيرا لنمط التفكير السائد في العرف الاجتماعي، مما زاد من اتساع الهوة بين مكونات أجناسه التي أضحت عبارة عن عن مجموعة فسيفساء اجتماعية تتصارع فيما بينها من أجل سيادة مكون ما على بقية المكونات الأخرى .
وكان طغيان ثقافة الذات في البيئة الاجتماعية ورسوخها في أركان الدولة الناشئة له تداعيات سلبية طالت مختلف القطاعات الاقتصادية، إذ استشرى الفساد المالي والإداري والاجتماعي في نواة السلم الإدارية ما أثقل كاهل الدولة الناشئة ووضعها في مصاف الدول المتخلفة رغم ما تملكه من موارد طبيعية (كالسمك والحديد والذهب والنحاس...)حيث كانت ثقافة الأنا مبنية على أن الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت طبيعة تلك الوسيلة لأنها خاضعة لثنائية العرض والطلب , وهذا يعني في المنظور التجاري أن الربح هو الغاية وأن الوسيلة تدوس على كل المحظورات في سبيل بلوغ الغاية حتى ولو كانت انتهاكا لكرامة النفس البشرية .
ولعل ذلك كان أحد العوامل غير المباشرة لثقافة الانتهازية التي تميل إلى الجنوح نحو حب الذات الغارق في الأنانية التي تجنح إلى الاستحواذ على نهب الخيرات والثروات، باعتبارها جزءا من الممتلكات العامة التي ينبغي سرقتها من أجل تحقيق الثراء الفاحش في وقت وجيز دون أن يكون للمنظومة الأخلاقية أي اعتبار, حيث تكون ملفوفة في ثقافة النسيان ولا تستخدم إلا في أمور أخرى تكون جالبة لمصلحة شخصية معينة.
ومن جراء ذلك تنامت المسارات المعوجة والمختلة في ثلة من أبناء هذا الوطن الذي يفتقد إلى الحنان الوطني.. وانقلبت المفاهيم لدرجة اختلاط الحابل بالنابل ولم يعد التمييز بينها ممكنا، إذ تغلغلت في العقلية الاجتماعية مخالب ثقافة الانتهازية وغدت جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للفرد .
الحسين ولد سيد محمد