تتحدث العديد من الأوساط هذه الأيام ,عن زيارة الرئيس لموريتانيا الأعماق وتتساءل عن قيمتها ,وأبعادها الإستراتجية ,وبما أن توضيح الواضح يزده إشكالا,فإنني سوف أتجاوز موضوع الزيارة المعلن عنه,وهو تفقد أحوال الرعية,ومتابعة مشاريع الدولة,وتقديم الرئيس ما يمكن تقديمه للمواطن البسيط,إلى الأبعاد ألإستراتجية البنيوية,التي تقدم فهما أكثر شمولية وعمقا للحالة العامة للبلد والتي تعتبر الزيارة عنصرا بسيطا من العناصر المكونة للمنظومة السياسية والفكرية,التي أفرزت الواقع,بتجلياته المختلفة,هذا الواقع بحد ذاته أصبح قوة سياسية ضاغطة لها القدرة ,على إجبار الرئيس والمعارضة ,على تجديد ومراجعة المنظومة الفكرية السائدة ,باعتبارها فقدت قوة الدفع ,ولم يعد بإمكانها الإجابة على أسئلة الحاضر أو تقديم ما هو مفيد للوطن والمواطن,وانطلاقا من هذا الواقع, الذي فرض نفسه,فإن قيمة زيارة الرئيس للداخل لا يمكن تقييمها, بشكل موضوعي وعلمي,إلا في إطار النسق الكلي لفكر وتوجهات الرئيس العامة,فهي ليست زيارة بالمفهوم التقليدي,وإن ماهي رسالة موجهة إلى الجميع,تخبره بأن الواقع يطرح ضرورة فهم جديد للواقع المحلي والدولي,هذا الفهم الجديد هو الذي عبر عنه الرئيس,بالحوار والتنمية,إن قيمة الزيارة بغض النظر عن موضوعها المذكور.فإنها تقدم لنا صورة,عن ما ينوي الرئيس القيام به في المستقبل وهو:
تغيير في الإستراتجية والتكتيك,وبالتحديد تغيير قواعد الاشتباك مع المعارضة,هذا التغيير مرتبط بالحوار الشامل الذي يعول عليه الرئيس,من أجل التوصل إلى وفاق حول القضايا العامة والأساسية والجوهرية الوطنية,وما سيتم الإفاق عليه سيكون قواعد جديدة ,تشكل منطلق للرئيس والمعارضة,وتحدد مجال الاتصال والانفصال,بين من يحكم ومن يعارض,ويوضح الأمور بشكل جلي,بين مصلحة الدولة ومصالح الأحزاب السياسية,فالحوار المرتقب موضوعه:إما المصالح العليا للدولة الموريتانية,والشعب الموريتاني,وإما موضوعه المصالح الشخصية,لرؤساء الأحزاب السياسية,وإما الجمع بين مصلحة الدولة والمصالح الشخصية.والأرجح عندي في إطار تغيير الرئيس لقواعد الاشتباك مع المعارضة أنه مستعد لمناقشة جميع المواضيع المذكورة,بما فيها المصالح الشخصية لرؤساء الأحزاب,وهذا هو بيت القصيد,ومربط الفرس,عند المعارضة وهو ما تسميه المعارضة بالتهميش والتسيير الأحادي ,وزيارة الرئيس لموريتانيا الأعماق للتعرف على أحوال المواطنين وحل مشاكلهم,فإنه أيضا يعتبر الحوار زيارة للمعارضة للتعرف على أحوالها وما تعانيه من مشاكل مادية ,فإذا كانت مشاكل المواطن في الداخل:الماء والعلف والتعليم.... فإن مشاكل المعارضة هي:الحصول على وظائف ومناصب إلى علف الحش:المقاولات وشرائك توظيف هنا وهناك وعلى المعارضة أن تنتهز الفرصة وتراجع مواقفها وتبدأ في التحضير لاستقبال الرئيس سواء في إطار الحوارأوغيره,فهو مستعد لحل كافة مشاكلها كما حل مشاكل الحوضين والمواطن البسيط ومستعد لحل مشاكل النخبة لأن ما في الرب تعلمه كنبا ,وخلاصة القول أن زيارة الرئيس للحوضين ليست زيارة تقليدية,بل هي ضمن رؤية فكرية جديدة جوهرها حل كافة مشاكل البلد,من المواطن البسيط إلى المعارضة,فهل المعارضة تريد حل مشاكلها ؟ أم هي مأمورة من جهة ما لغرض ما ؟,أعتقد أن المعارضة وطنية وحريصة على مصلحة الوطن ,وكل ما ينقصها ما سيقوم به الرئيس من زيارتها ,تحت مظلة الحوار,واعتقد أن المعارضة سوف تستفيد من عدة مشاريع.منها ما ستكون منفعته عامة للشعب الموريتاني,وبعضها منفعته خاصة برؤساء الأحزاب ,وأرجوا من المعارضة أن تعبر بوضوح عن مطالبها مثل ما عبر عنه سكان الحوضين,وأن تتعامل مع الحاضر والمستقبل وتترك الماضي جانبا .فالملك والأرزاق بيد الله,والجميع مطالب بحفظ الدين والنفس والمال والأمن,والرئيس في مأموريته الأولى ليس هو الرئيس في مأموريته الثانية,وسبب هذا التحول التجربة والممارسة,وتشبع الرجل بفكر العمالقة الذين أحدثوا تحولا ,جذريا في مسيرة البشرية نحو الأفضل.فهل يمكن أن تشهد المعارضة تحولا في الإستراتجية والتعامل مع الآخر؟ أم أن نظرية الصراع وحرب الكل ضد الكل هو هدفها للوصول إلى السلطة؟.
سيد محمد ولد احمد ولد الشيخ