فرح السوريون بوصول "الربيع العربي" الى وطنهم، وشرّعوا أبوابهم وشرفاتهم لاستقباله، فهم بحاجة الى نسمات الحرية التي يحملها، بعد سنوات من فصول القمع والتعذيب التي عاشوها. اعتقدوا ان تلطيف "الأجواء" وإسقاط النظام لا يتطلب وقتاً طويلاً ودماً غزيراً، لاسيما انهم رأوا سرعة فرار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وإطاحة الرئيس المصري حسني مبارك في مصر، وتنحّي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، ومقتل العقيد الليبي معمر القذافي. اعتقدوا أن الدعم الخارجي لموجة التغيير في المنطقة لن يتوقّف عند حدودهم، لم يتصوّروا يومًا أن المطالبة بالديموقراطية سيكلّفهم سيلاً من الجثث ودمار وطن وتخاذل أمم.
أثارت حرارة "الربيع" بركان التطرف الخامد في سوريا، حممه قذفت بتنظيمات متطرفة ومقاتلين من كل الجنسيات، والنتيجة أنهار من العذابات. اكتفت أميركا والغرب بتوجيه التحذيرات ومن بعدها بعض الطائرات لضرب "داعش" لا النظام، كذلك فعلت الدول الاوروبية، لكن الصدمة الكبرى التي تلقاها السوريون هي سرعة التدخّل العربي في اليمن وتركهم يواجهون عراة براميل النظام.
في الأمس القريب تساءل اوباما لماذا لا نرى عرباً يحاربون الانتهاكات الفظيعة التي ترتكب ضد حقوق الانسان، أو يقاتلون ضد ما يفعله بشار الأسد؟ سؤال طرح علامات استفهام عديدة، هل هذه دعوة الى تحالف عربي عسكري على غرار ما يحصل في اليمن؟ أم غسل اوباما ليديه من أزمة باتت رائحة الدماء التي تفوح منها لا تحتمل؟
سؤال أوباما طرحته الشعوب العربية قبله، لماذا يترك الجرح السوري من دون عملية تطهير من قبل "الاطباء" العرب. الدكتور سمير جعجع رئيس حزب "القوات اللبنانية" رأى أنه "قد نشهد في الأشهر المقبلة وجوداً عربياً مباشراً وقوياً في سوريا، وإذا اتُخذ هذا القرار سيكون وجوداً حاسماً مرة لكلّ المرات" فهل من الممكن ان تتشكل غرفة العمليات العربية قريباً لمداواة "المريض" الذي بات يحتاج الى بتر احد اطرافه؟
المصدر:جريدة النهار