بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة "الأقصى"
مما نسبه الأخ الدكتور علي العمري لشيخنا العلامة البحر أخي، محمد الحسن ولد الددو، يقول الدكتور علي، ضمن ما قال أنه كلام الشيخ حول الرؤيا المنشورة في عدة مواقع محلية وغيرها من المصادر الإعلامية: "رأيت اليوم وأنا نائم في الجزائر سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرم وعظم ومعه ملأ من أصحابه رضي الله عنهم، وكأننا في مسجد من مساجد القبائل في اليمن أو جنوب المملكة العربية السعودية، وكان المسور بنو مخرمة رضي الله عنهما، يسأل النبي صلى الله عليه وسلم بإلحاح عن حكم هذا الجهاد، هل هو فرض ، فأجابه أنه فرض، فقال مثل الصلاة والزكاة.
وقد رأيى في وجوهنا عدم ارتياح لمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أنا الآن منطلق في غزوة إلى الشام، وما أدري هل ألقاكم بعدها، فأردت أن تشهدوا على جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأن المسور يطوي ملابسه ومتاعه"...، إلى آخر الرؤيا المثيرة بامتياز!.
إن الرؤيا عموما تسر ولا تغر، فإن رأى أحدنا كما رأيت في التسعينات بنواكشوط، أنني أدخل الجنة وأقرأ قوله تعالى من سورة الرحمن: "متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان"، فهذه بشرى، خصوصا أنني لما استيقظت كان في بصري بقية طعم حلو غريب، غير طبيعي، لشدة برودته في العين وسروره بها، أي العين الخلفية في الرؤيا الصادقة بإذن الله، أعني المشهد من الجنة الذي واجهت، كان في قمة الجمال، وقوة إنجذاب النفس إليه، إنبهارا بمدى جمال الصورة فعلا، وهي حدائق غناء، ذات أزهار، متنوعة الألوان، يفوق جمالها الوصف باختصار!. ويفهم من السياق القرآني المذكور من سورة الرحمن، أن النعيم المكشوف عنه في الرؤيا، جزء مما وعد به أصحاب اليمين.
إنني شخصيا متأكد حسب وضعي الخاص والخاص جدا!، أنها رؤيا وبشرى صادقة بإذن الله، على الأقل من باب التأسي بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما رواه ابن ماجة: "إن الله يحب أن يسمع الفأل الحسن"، ولكنني لا ألزم بها أحدا، ولا أدعو أي أحد لتصديقها، لأن الرؤيا عموما تسر ولا تغر.
ولعلها على شرط لم يقع بعد، كما أنها بإيجاز ليست مصدرا خبريا يقينيا، على المذهب السني النبوي، لأنها تدعى المبشرات، ولا يلزم الإيمان بها مطلقا بالنسبة لرؤيا غير الأنبياء، ولا وحي بعد ختم الرسالة، وإنما فحسب مؤشرات ومبشرات، وجزء من الوحي ولو كانت تمثل "واحد اعل تسعة وأربعين" من مجموع الوحي الكامل، بشرط التأكد أنها رؤيا صادقة، ولا يستطيع الجزم بهذا إلا خواص الخواص، ولا تمثل أي رؤيا صادقة، سوى رؤيا الأنبياء والمرسلين وحيا كاملا ملزما، وإن قيل وقيل، أنها ملزمة عند البعض، فلا مانع من الجدال بأدب ومحدودية في هذا الباب الصعب على البسطاء وإن قال بعض التلامذة المتصوفين، فعلت كذا وكذا، على ضوء رؤيا شيخي فلان، ويجوز أخذ الأحكام من هذه الرؤيا، فذلك أمر خلاف إجماع أهل السنة والجماعة، ويجوز التجرؤ على تكذيبه، فلا مصدر للشرع إلا الوحي الكامل المنقول قرآنا وسنة صحيحة وغير ذلك من إجماع العلماء مثلا، وما سوى ذلك، يظل فقط في دائرة الاستبشار ولا يترتب عليه شيء في باب الحكم الشرعي الملزم، وقد قال المجاهد والعلامة الكبير الشيخ ماء العينين: "لا عذاب إلا في المجمعات"، وأقول تحديدا ومباشرة رؤيا غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يجمع علماء المسلمين على أنها مصدر من مصادر التشريع، والتي أقول مجددا، قد اكتملت في عهده صلى الله عليه وسلم وحياته الدنيوية لقوله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".
إن الرؤيا المنسوبة للشيخ الددو، -إن صحت نسبتها- فعلا رؤيا طيبة، وعظيمة، وقد عبرها الشيخ تعبيرا طيبا ومفيدا، وهو أدرى بتأويل الرؤيا عموما، ولا محاججة في مجالس العلماء المجاهدين، بكلمة حق عند سلطان جائر، كما سبق من طرف الشيخ الددو، وهو شاب وقتها عندما أصر على مناصرة الدعوة وأهل الحق، ونافح وضحى في ذلك السبيل، أيام حكم معاوية المثير، والذي اعتقل شيخنا فصبر، ولم يرضخ للإملاءات، وهو بعيد من الطعون والظنون، بإذن الله، وفوق كل الشبهات، وإن كان غير معصوم طبعا.
وما تقدم من قبلي في مطلع المقال، حول موضوع الرؤيا بصورة عامة، مجرد تذكير ببعض البديهيات، التي يجيدها الجميع تقريبا، وهي ما علم من الدين بالضرورة، لأن الرؤيا تسر ولا تغر، كما أن بعض ما يلزم البعض في خاصيته، لا يتحول شرعا ملزما في البعد العمومي.
وحتى أن البعض طلب عدم نشر كثير من المبشرات والغوامض في حساب العامة، تفاديا لإثارة البلبلة في أوساط البسطاء لصعوبة الفهم وعدم القدرة على الاستقبال المتوازن لما يرد أحيانا، عبر رؤيا أو كشف مباشر، أو إلهاما ووحيا من الله دون الوحي المعروف الملزم!.
فالرؤيا جزء من الوحي، لكن هذا الجزء تحقيقا عند علماء السنة والجماعة، من بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يلزم إلا على وجه الاستبشار والاستئناس فقط، ولا يبنى عليه حكم شرعي إطلاقا. ولذا تفادى الشيخ نشر هذا التفسير حتى الآن لرؤياه التي لم يتأكد بعد تواترا نسبتها إليه،، وربما قد خص بها بعض أصحابه في المشرق، أو غيره كتابة وبشرى في بعض الأمور الجدلية، والتي قد تحتاج إلى سؤال غير مباشر، أو إستفسار مشروع بصيغة مؤدبة تماما، لدى حضرة الشيخ، خصوصا أنه لم يذكر عاصفة الحزم مثلا بصورة صريحة، وإنما ذكر منطقة القبائل اليمنية، أو المنطقة الجنوبية من المملكة العربية السعودية حاليا، حسب ما ذكر تحديدا في النص المنسوب للشيخ الددو، والذي نشرناه في موقع "الأقصى" نقلا عن موقع "مراسلون" المحلي الألكتروني.
وأتصور أن مناصرة عاصفة الحزم، أو الدخول المباشر أو غير المباشر فيها، ليس من الحزم!، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان مرابطا، حسب الرؤيا دون الحرمين، مانعا دخول الحوثيين وأنصار علي عبد الله صالح، إلى جهة السعودية، حيث ضريحه صلى الله عليه وسلم والكعبة المشرفة، البيت العتيق، فجاز الاستنفار الجوي والبري خصوصا، حتى لا تصل انعكاسات الحرب الأهلية اليمنية، إلى الديار المقدسة!.
وربما ليس دورا آخر سلبيا في حرب الأخوة اليمنيين، سواء كانوا سنة أو زيديين أو غير ذلك، من طوائف المسلمين، المتفاوتة في القرب أو البعد، من المنبع النبوي الصافي المعصوم.
والله أعلم، ولعل هذه الرؤيا، حسب كل المؤشرات، تدل على صدق الشيخ محمد الحسن ولد الددو حفظه الله، ذخرا للأمة كلها، حاضرها ومستقبلها الواعد بإذن الله، فما قاله –ضمن ما نسب إليه حتى الآن-، كان دقيقا: "جنوب السعودية أو منطقة القبائل اليمنية".
أجل هذه خطوة احترازية منه صلى الله عليه وسلم، ومن معه من جند الرحمان، الأخفياء أو الظاهرين، وفي هذا التوقيت بالذات وربما غيره، حتى لا يدخل أي عدو أو متطرف، أو غير مأمون، إلى حدود المملكة العربية السعودية، ليس ربما لحكم واقعها السياسي الراهن، المثير بجدارة، للتساؤل والاستفسار الطويل المشروع، على رأي البعض، بحجة وجود مآخذ على الحكم السعودي الحالي أو السابق، وإن كانت له أدوارا إيجابية مشهودة مسلم بها لدى الجميع تقريبا، خصوصا في باب خدمة الحرمين، لكن هذه الإيجابيات، قد لا تجدي عند البعض في التغطية على سلبيات وموبقات وفضائح بعض الأمراء السعوديين أو بعض المحسوبين عليهم، على الأصح، عن قصد أو سبق إصرار، ربما قصد الإضرار بسمعة الحكام المتغلبين، في تلك الديار المقدسة الغالية، وبوجه خاص تشتد محبة المسلمين وتقديرهم العظيم للحرمين الشريفين، حفظهما الله إلى يوم القيامة، من سائر كيد الأعداء، الداخليين والخارجيين على السواء.
إن ترك المجال الحدودي السعودي اليمني، لدخول غير المأمونين سياسيا أو عقائديا على مصير الكعبة المشرفة أو الضريح النبوي، لعله هو ما استدعى من الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه وأنصاره الظاهرين أو الأخفياء، من جنود ربك، وما يعلم جنود ربك إلا هو، فتح ذلك الرباط الجهادي المقدس، في تلك النقطة الحدودية بالذات، دون إفراط أو تفريط، حرصا على حماية السعودية عموما، والحرمين خصوصا، ولأن حماية السعودية في الوقت الراهن، تعني صراحة حماية المقدسات الإسلامية في الحرمين، مكة المكرمة والمدينة المنورة، وبغض النظر عن نواقص التجربة السعودية، وإن كان لكل عمل بشري –عموما- نواقص طبعا وبداهة.
وأما أن نقول تأولا واستغلالا للرؤيا محل البحث المشروع، بأدب مشروع مسبقا، أن في هذه الرؤيا مثلا، تزكية لعاصفة الحزم، أو إذن نبوي بالتدخل المباشر في الشأن اليمني الصرف، فهذا لا يفهم إطلاقا من هذه الرؤيا الطيبة البليغة، إن تأكدت صحتها ونسبتها لشيخنا وعلامتنا محمد الحسن ولد الددو.
بل إنني أجيز لنفسي القول، دون نية سيئة أو تحامل على أي طرف، أو تزكية لأي جهة من جهات الفتنة الجارية، أن عاصفة الحزم، ليست من الحزم، وإنما فرصة للأعداء ليبيعوا سلاحهم ويعمقوا الجرح بيننا، شيعة وسنة، ونحن مسلمون جميعا، مهما قيل عن أخطاء بعضنا العقدية أو السلوكية، إن لم تخرج من الملة بعضنا على رأي بعض العلماء، المحققين، وإن لزم إجماع جميع علماء المسلمين في هذا المنحى الحكمي الإفتائي الخطير الحساس، لأنه حسب البعض كما تقدم من القول المأثور المنقول عن المجاهد العلامة الشيخ ماء العينين، أن لا عذاب إلا في المجمعات، أي الإجماع الكوني الشامل، لسائر علماء المسلمين المحققين والفحول المفحمين.
كما أن عاصفة الحزم، ستخلف الكثير من القتلى والجرحى والمعوقين في الطرفين المسلمين، سنة أو زيديين، أو غيرهم من مذاهب المسلمين، ونحن في غنى واسع عن هذا الإفتتان الداخلي الدموي القاسي السيئ، وإن لم يبعث الكل على نياته، فسيكون مصيرهم لا قدر الله، في سياق حرب الأشقاء عقيدة ودينا، حسب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا إلتقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار".
وحاشى للددو أن يبارك هذا أو بعضه، وإنما له نظراته وأقيسته الخاصة، الموافقة للشرع، ولا يتطرق لفتاويه الثابتة في أي موضوع سوء الظن وسهولة التفنيد، وإن كان الأصل المتمسك به عندنا، أن كل كلام فيه مقبول ومردود، إلا كلام صاحب هذا القبر، وأشار مالك بن أنس رحمه الله إلى ضريح رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمعهود عند الشيخ الددو الحرص على موافقة الكتاب والسنة وإجماع العلماء، ولو إجتهاداته الخاصة وفتاويه، لبلوغه درجة الإجتهاد، على رأي البعض.
كما قد تدخل عاصفة الحزم –المثيرة لهذا الجدل الواسع المتعدد الدروب والأبواب-، أقول قد تدخل في مجال الصراع المزمن بين الروس وحلفائهم، حتى من المسلمين أحيانا، هذا الصراع على دائرة النفوذ والمنافع، ومن جهة أخرى، طرفه أمريكا وحلفائها، حتى من المسلمين أحيانا وأيضا على دائرة النفوذ والمنافع نفسها!.
وهي حرب مستمرة، لإسرائيل فيها "الكيان الصهيوني" الغرض والغاية بالدرجة الأولى استراتيجيا وأمنيا، ولأمريكا وربما السعودية كنظام، قبل مصلحة الدولة السعودية ذاتها، إلى جانب بقية الخليج لها هي الأخرى مصالح دنيوية صرفة، قبل المصالح الدينية والأخروية وقيم الأمة ومصالحها العليا عموما، مثل وحدة الأمة وخدمة الربيع العربي، وبعض أوجهه خصوصا تلك المفيدة منها فقط، لإخراجنا من محيط وتجربة الإستبداد المرة، والاستحواذ المقلق، إلى مسرح أوسع وأعدل مثلا، عبر حكم تشاركي، غير ملكي، مسلم مسالم جامع!.
ولا أغض الطرف عن ما تبتغيه أطراف أخرى، مثل الروس وإيران، من رغبات التمدد والاستحواذ والتوسع، هذه الرغبات التي قد لا تكون سليمة مطلقا من الظلم للجيران والتاريخ، فالحكم الشيعي الإيراني المسلم، متى كان أجدر بالنفوذ من الأغلبية السنية المهددة وقتها وساعتها، وبامتياز، إلا أن هذا لا يبرر التحالف بهذا المستوى الدموي، والارتهان الكامل لسياسات أمريكا وإسرائيل والروس، لتوقعنا في مزيد من الفتن والاقتتال الداخلي المبرح المرزي بكل المعاني.
ولا معنى لتحميل هذه الرؤيا إن صحت ما لا تحتمل، ضمن حرب غير مقدسة وغير نظيفة، قد تستخدم فيها كل الآليات الثقيلة المؤثرة، سواء كانت مادية أو معنوية، مثل الدين والرؤيا والإعلام وغير ذلك ربما!.
توقيت نشر الرؤيا غير بريئ، وإن صدقت نسبتها لشيخنا، وخصوصا أن دكتورا خليجيا هو من تولي نشرها باسم الشيخ، أو أناب نفسه صراحة، بعدما حصل على نسخة يدوية ربما من طرف شيخنا، الذي لا نشك في نزاهته الفكرية، فمن باب أولى الروحية والعلمية.
والعصمة للأنبياء والمرسلين فقط، وعلى العلماء الحرص على مكانتهم، فلا يسخروا أي سلاح لديهم، ولو كان رؤيا صادقة للاستغلال المغرض غير المعصوم من الأهواء والمقاصد الاستيراتيجية العميقة البعيدة المدى، والتي قد يكون من بينها، التلاعب ببعض الرموز العلمية والروحية الغالية، وإن كان هذا لا يصدق إطلاقا على شيخنا الذكي النابه الفطن العارف، محمد الحسن ولد الددو، حفظه الله ذخرا للأمة كلها، في مشرقها ومغربها.
ولعله من أعلم أهل الأرض بالعلم الإسلامي الشرعي، في وقتنا هذا، على رأي البعض المتابع بدقة للمشهد الإسلامي العلمي والدعوي في المنعطف الزمني الحالي، من تاريخ أمتنا المسلمة المباركة.
وباختصار، لا غرابة أن يأخذ كل طرف من نبع الشيخ على مزاجه!.
لكن الشيخ كان مفيدا واضحا فيما نسب إليه من رؤيا، ولا أستبعد صحة النسبة أصلا، لأن الرؤيا تتضمن كل علامات الرؤيا، وإن أثارني جانب الأطفال الصوماليين، فانتشلني شيخي من سوء الظن، وأردف قائلا: بتأويل الأمر بوجود تصرفات صبيانية في المشهد الصومالي، وبصراحة لم أطمئن تماما لذلك الجانب من الرؤيا المذكورة ولا إلى تأويله، والله أعلم.
ولشيخنا السبق والدراية، وما كان لي أن أتجرأ إلى هذا الحد، لولا مخافة وحرمة كتمان العلم أو ما هو مظنته صدري في هذا الصدد بصراحة، ولله العلم والأمر من قبل ومن بعد.
حفظ الله شيخنا وأطال عمره في طاعته، وأبقاه ذخرا للحق، وإن رأيى أن الحرب الراهنة "عاصفة الحزم" بالمعنى الواسع، جزء من الوقع المؤلم الفتنوي، ولابد من التخندق في أحد الصفين، وإن كان في كلا الصفين عيوب ظاهرة بديهية وخطيرة أحيانا، والحياد أخطر، فهذا معقول ومقبول، لكنه ليس هو الحزم شفقة بالأمة وذراريها وبيضتها.
قال تعالى: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم".
اللهم إنني نصير للدفاع عن الحرمين، معارض لعاصفة الحزم وكل ما قد يسكب نصف كوب ماء لأي مسلم أو بريء غير مسلم، فمن باب أولى تزكية أو تبرير هذه الفتنة الطامة الزاخرة بالدماء، ولغيري حكمه، ولست شخصيا ملزما به.
ابتعدوا يا معشر الإعلاميين الشرفاء الأحرار عن الترويج للفتاوي المبررة لعاصفة الحزم وما تعلق بها من مرائي، سواء صدقت نسبتها أم لم تصدق.
فإننا نجر جرا -عن قصد أو غير قصد- أو سوء نية أو حسنها أو سلامة تأويل أو فساده إلى فتنة اليمن والمشرق، ولن أقبل مطلقا بإذن الله ما حييت الإسهام فيها، تغاضيا أو قبولا دون تحفظ.
حفظ الله الشيخ محمد الحسن ولد الددو، إنه أعلم من في الأرض ظاهرا.
وليتق الله الجميع، علماء فطاحلة أو مسلمين بسطاء، وليشرحوا مرائيهم -إن لزم نشرها بصورة مباشرة أو غير مباشرة-، أجل ليشرحوها بدقة وجرأة، مهما صعب ما قد يترتب على ذلك، فالآخرة والأمة أولى، بالمكاشفة والنصح الكامل، من أي اعتبارات محتملة، معقولة أو مقبولة، لكنها ربما ليست من الحزم، تماما مثل عاصفة "الحزم"، المسماة ظلما وعدوانا بالحزم، بل الحزم ربما الابتعاد عن "عاصفة الحزم" هذه.
اللهم احفظ شيخنا محمد الحسن ولد الددو، فهو جذيلها المحكك، وهذا اختصاصه علم الشريعة الظاهر، وأما ما كتبت فمجرد تساؤلات ربما طائشة، وددت طرحها عليه، بصورة غير مباشرة، عبر هذا المقال تأدبا معه، بعدم التجرأ على المباشرة، حتى لا تحرقني أنوار وجهه الوقور الجذاب، المعبر كفاية عن ورعه وتقواه وقيام ليله وحكمته وحزمه وعقله وسمو روحه، ما شاء الله، وقد قيل دواء العمى طول السؤال.
والسؤال باختصار، هل نسبة الرؤيا المنشورة صحيحة، بكونكم رأيتموها وكتبتم ما نسب إليكم الدكتور الخليجي المذكور في باب تأويلها.
أجيبوا رحمكم الله إن أمكن، لتمام الفائدة وحسم الجدل، أم أن حسم الجدل أصلا، يا شيخنا، بإكتفائنا بمطالعة ما نشر، دون جزم أو تكذيب، فالنشر في هذه الأيام يصعب تمييزه، والأفضل ربما أن نتوقف عن المزيد حتى لا يصل الأمر إلى الجدل العقيم، فكل المؤشرات تدل على صدق النسبة إليكم، ومن أراد أن يتأمل ما بين السطور، فلن يزيده ذلك، إلا ثقة فيكم وفي تدقيقكم وورعكم وعلمكم لله الحمد والمنة.
وأستغفر الله العظيم.
ما من صواب فمن الله، وما من خطإ فمني.