أحد أصدقائي في العالم الافتراضي قال بأنه على قناعة كاملة بأن شريحة لحراطين قد تعرضت لظلم كبير في الماضي، وبأنها لا زالت تتعرض في الحاضر لكثير من الظلم. ويقول صديقي هذا بأنه يتفهم الكثير من المطالب المشروعة التي يرفعها ميثاق الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين، ولكنه مع ذلك، لا يستطيع أن يشارك في مسيرة ذات طبيعة فئوية وشرائحية.
لصديقي هذا أقول : لنفترض جدلا، وأقول جدلا، بأن مسيرة 29 من ابريل هي مسيرة ذات طبيعة شرائحية، ولكن دعني أقدم لك بعض الأسئلة وبعض الملاحظات السريعة:
1 ـ أيهما أخطر في اعتقادك، وأيهما أكثر شرائحية : مسيرة ترفع مطالب شرائحية وتشارك فيها شريحة أو مكونة واحدة، ومسيرة ترفع مطالب شرائحية، ولكن تشارك فيها كل شرائح ومكونات الشعب الموريتاني؟
2 ـ إنه عليك أن تعلم يا صديقي بأن أي مسيرة تشارك فيها شريحة واحدة، ستتحول حتما إلى مسيرة شرائحية وفئوية، وذلك بغض النظر عن مطالبها التي ترفع، سواء كانت تلك المطالب مشروعة أو غير مشروعة.
وإن أي مسيرة تشارك فيها كل الشرائح والمكونات الوطنية فإنها لن تكون مسيرة شرائحية أو فئوية حتى ولو رفعت مطالب خاصة بشريحة أو بفئة واحدة من فئاتالمجتمع.
3 ـ ألا تعتقد يا صديقي بأن غياب الشرائح والمكونات الأخرى عن هذه المسيرة سيعطي حجة قوية للمتطرفين من شريحة لحراطين، وسيجعلهم يجدون ما يبررون به خطابهم المتطرف الذي يحاول أن يحمل شريحة واحدة، ودون غيرها، ما تعاني منه شريحة لحراطين من ظلم وتهميش؟
أوَ لا تعتقد يا صديقي بأن الوجود المكثف للشرائح الأخرى في المسيرة سيؤكد من جديد بأن ظلم لحراطين وتهميشهم لا يمكن أن نحمله للشرائح الأخرى، وإنما علينا أن نحمله للأنظمة الحاكمة، والتي تعتبر هي المسؤولة دون غيرها عما تعاني منه هذه الشريحة، وغيرها من المهمشين والمظلومين في هذه البلاد.
4 ـ أوَ لا تعتقد يا صديقي بأن وجود الشرائح الأخرى في هذه المسيرة قد يساهم مستقبلا في ظهور ميثاق وطني لحقوق لحراطين ولكل المهمشين، بدلا من أن يظلالميثاق خاصا بلحراطين دون غيرهم؟
صديقي، تلك أسئلة وملاحظات كتبتها على عجل، وأتمنى أن أقابلك بعد ساعة أو أقلفي المسيرة لنعمق هذا النقاش، وعليك أن تعلم بأنك عندما تشارك في هذه المسيرة،فإنك تكون بذلك قد ساهمتَ في إعطائها طابعا وطنيا، وأنك عندما تتقاعس عن المشاركة فيها، فإنك بذلك تكون قد ساهمتَ في جعلها مسيرة ذات طابع شرائحي وفئوي.
فكر في هذا من قبل أن نلتقي في المسيرة..
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل