الرفاق في جماعة «داعش» أدخلونا في «حيص بيص» حتى بتنا لا ندري ما نقول لأنفسنا أو للأخرين.
حتى محطة الجزيرة إضطرت لنشر اللقطات التي يظهر فيها الخليفة أبو بكر البغدادي بالرداء الأسود الوسيم وبعدها محطة سي إن إن.
قناة «البغدادية» لا تعترف بخليفة المسلمين أبو بكر البغدادي وأشارت له عند عرض لقطات من خطبته الأخيرة في الموصل بصفته «إرهابيا«… شاهدت خطبة الخليفة الطازج… وقفته أعجبتني وفصاحته واضحة وأناقته تدلل وكأنه خرج للتو من حمام تنشيطي في سويسرا حيث يبدو الرجل مرتاحا متدفقا وفيه بعض الوسامة، الأمر الذي أغاظ بطبيعة الحال تلفزيونات المالكي التي سارعت لتبني رواية الأمن العراقي والتي تقول بإختصار: البغدادي مصاب ونقل إلىسوريا ومن ظهر خطيبا شخص ينتحل شخصيته.
لا أعتقد أن احدا يتجرأ على انتحال أو تمثيل شخص الخليفة لأسباب شرعية ويبدو أننا نستمع لنفس «الحدوتة» العراقية التي تحدثت عن «40» شبيها للراحل الكبير صدام حسين رحمه الله.
كنت قد طالبت الخليفة بان نرى وجهه نحن الرعايا وحصل ذلك في الموصل وها انا أطالب بتوضيح الموقف من تحرير القدس والأقصى خصوصا وان الخطبة إياها لم تتطرق إلى فلسطين ولم تذكرها.
للعلم يحظى الخليفة الكرار بمرافقين من طراز«ديجتال» فقد سارعوا في وقت مبكر لجمع الهواتف الخلوية من المصلين قبل دخول الخليفة للمنبر نكاية بطائرات بدون طيار.
هدم أم بناء
محطة «الفرقان» عرضت باحتفال واضح تلك اللقطات التي يقوم بواسطتها داعش بتفجير عدة مبان على أساس أنها أضرحة ومقامات ومزارات ومساجد للشيعة وللسنة أيضا.
كمواطن مسلم من رعايا دولة الخلافة الجديدة كنت أفضل لو تم الإبقاء على هذه المباني كمرافق لصالح الأمة والمسلمين بعد تغيير إسمها أو إزالة اللافتات حولها… يمكن لهذه المقامات التي تم تفجيرها بعدما كلفت ملايين الدولارات أن تتحول إلى عيادات أو مراكز صف لمحو الأمية أو حتى مواقع لتعليم القرآن الكريم وإيواء المسلمين الذين لا مأوى لهم.
لا أصدق أن دولة الخلافة تهدر مال المسلمين بهذه الطريقة وتفجره في الوقت الذي يمكن فيه توفير المتفجرات على الأقل لزرعها تحت دبابة صهيونية عند التحول نحو إستعادة الأقصى السليب فللتذكير القدس لا زالت محتلة والمسجد الأقصى في حالة مواجهة لأن حراس بيت المقدس تلتقطهم قطعان المستوطنين وتقتلهم بصب البنزين في جوفهم وهؤلاء يستحقون ولو «وقفة» من دولة الخلافة ولو بالكلام.
لا زلت مصرا على تحصيل إجابة على السؤال المركزي: الجماعات المسلحة والتنظيمات الجهادية التي إخترقت كل صغيرة وكبيرة في كل دول المنطقة… لماذا لم تطلق رصاصة واحدة حتى الأن على جيش الدفاع الإسرائيلي؟… أفيدونا أفادكم الله.
بالمناسبة أعجبتني العبارة الموسومة على صدر جواز السفر الجديد الذي أصدرته دولة داعش في الموصل والتي تقول» نسيّر الجيوش لحامل هذا الجواز إذا مسه ضرر«… القصة قلبت جد يا جماعة.
مصر تضحك بالفاصل
الدنيا تماما «قمرة وربيع«على محطة مصر إم بي سي أو غيرها من محطات الهشك بشك الرمضانية التي تنجح في ابتزاز بعض رجال الأعمال وإعادة عرض شريط طويل من الدعائيات المتلفزة.
خلال الوصلات الدعائية التي تتعلق بمسحوق غسيل او بمصنع قطن او بالتبرع لمستشفى الدكتور مجدي يعقوب للقلب تبدو مصر ب«خير» تماما… وادعة وحلوة ونظيفة… زرت القاهرة عشرات المرات لم أر إطلاقا شوارعها النظيفة التي تظهر في الوصلات الدعائية على الفضائيات.
في الدعائيات المتلفزة فقط الصبايا كلهن أنيقات ومدهشات ويتدفقن طاقة… الشباب متحمسون للعمل والإنتاج… الناس منضبطون ويتحدثون بتسامح وهدوء ونعومة… في الدعائيات فقط الأفكار كلها نبيلة والأصوات بالمجمل خفيضة والرحمة على الشاشة كالنهر الجاري… سؤالي صغير وبسيط: هل هذه فعلا مصر تلك التي نراها على الشاشات في الوصلات الدعائية؟
أين الدم والسحل والمقابر والمزابل التي تحيط بالشعب المصري من كل جانب ولماذا لا تظهر صورة حقيقية للواقع فمصر في الفواصل الدعائية تبدو مدهشة لكنها تتألم في الحقيقة والواقع وتتعذب.
ظلم شديد ضد أحلام
في أقل من نصف ساعة تمكنت من مشاهدة المذيعة الناعمة وفاء الكيلاني مرتين على شاشة إم بي سي حيث كانت في الأولى تتحول إلى مراسلة حربية وتزور أحد مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان وهي بكامل أناقتها.
وفي الثانية كانت نسخة مزيفة تقليد في برنامج ساخر تستضيف فيه وفاء الكيلاني المزورة المطربة الإماراتية المثيرة للجدل أحلام المزيفة هي الأخرى في إطار كوميدي.
بدا لي أن الكيلاني غير مهيئة لوضع يدها أمام الكاميرا على رأس عجوزسورية تتألم في خيمة تحمل أحرف الأمم المتحدة فقد بادرت المذيعة لسؤال العجوز: ئوليلي الوجع فين يا ماما؟
عموما لا أعرف سببا يدفع الكيلاني لمغادرة ساحتها في برامج إستجواب النجوم وإجراء التحقيقات الموسعة معهم وطرح الأسئلة الصريحة عليهم من طراز: هل أنت نادمة على الزواج من فتحي؟… طبعا في الأغلب الأعم لا نعرف نحن المشاهدين من هو فتحي بصورة محددة.
إقتراحي أن تبقى الاخت الكيلاني في مجالها وتترك مخيمات اللاجئين لغيرها فهي من اولاد الكار وتعرف أن من ترك كاره تقلص مقداره.
النسخة المقلدة من وفاء الكيلاني لم تعجبني وهي تستجوب نسخة مقلدة أيضا من أحلام مع تساؤلات ركزت على مجوهرات ومصاريف الأخيرة وتبجحها الدائم بالملايين التي تملكها… برأيي الشخصي تطارد احلام من النقاد بتعسف وبدون مبرر وأهم ما فيها أنها «لا تخدع أحدا» فهي تعلن عن نفسها وحقيقتها بوضوح وتترك لنا كمشاهدين حرية تقرير الموقف منها… لذلك انا لست ضد أحلام.
٭ مدير مكتب «القدس العربي» في عمان