حين يستقيل زعيم حزب سياسي فينا؛ فهذا يدعو إلى الحفاوة والدهشة معا ؛لأنّها سابقة في هذا البلد .
فأن يعلن زعيم حزب سياسي وأمام الملإ وبطواعية ومن دون ضغوط سياسية أو قضائية استقالته وتخلّيه عن العمل السياسي؛ ويبرر ذالك بعجز المعارضة والموالات ؛فهذا يدعو إلى الحفاوة؛ ويعتبر شهامة وإحساسا بالمسئولية يجب أن نشيد بها؛ وإن كانت من رجل له جبال من المعروف ساعدته في مواجهة عواصف هوجاء؛ كادت أن تعصف بوطننا الحبيب؛ فهي أيضا من رجل له السبق في النقد ألاذع والموضوعي لكلا الفريقين من موالات ومعارضة.
والذي يدعو للدهشة أن يستقيل زعيم حزب في دولة ؛ رؤساء أحزابه أكثر دكتاترية من العسكر ؛ وكرسي الزعامة عندهم مقدم على مصلحة الحزب ؛ ولو انشطر بسببهم إلى ألف انشطار؛و يطالبون الآخر بالتناوب السلمي على السلطة ؛وينسون أنفسهم ؛و يقذفون الآخر بالأحادية والاستبداد في إدارة الحكم ؛ ويغفلون عن ما جلبوه من كوارث على أحزابهم وأنفسهم من أنانيتهم .
هل تصدقون أنّ جلّ الأحزاب منشطرة من حزب واحد في بلدنا؛ ومع ذالك ظلّ رئيسه يتشبث بكرسي رآسته ؛ ولم يستقل ؛ واشترك في سباق الرآسيات ؛ فحصد وراءه ثلاث هزائم متتالية ؛فما زاده إلا إصرارا وتماديا وأريحية على أريكته ؛ كأنّه شيخ قبيلة .
وهذا غريمه وتربه صار ملكا أكثر من الملك ؛ وأطيع له من الزناد بيد المغوار؛أوشك أن ينفضّ عنه أصحابه فلم يتعظ ؛ فقد صنعوا(المستقبل) ؛وأبدعوا (الميثاق)؛ وهاج (إيرا) فحلهم؛ ومع كلّ هذا بقي الزعيم أصمّ على كرسيه كأنّه لا يحسّ.
وهذا ( حاتم ) في زماننا ؛ سخي بروحه في إزالة الطغيان ؛ ضنين بزعامة حزبه في رصّ البنيان ؛ وقد ترشح للرآسة وانهزم ؛ وللبلديات والنواب والشيوخ فانكشف ؛ فبدلا من إعلان فشل قيادته؛ واستقالة رئيسه؛ توّجوه زعيما؛ لعلّه مع الأيام يكون صنما .
يا ترى ما الفرق بين من تتشبث برآسة دولة وزعامة حزب؟ ؛ ومن يجري تعديلا في دستور دولة يريد ولاية؛ ومن يجري تغييرا في ميثاق حزب لينتخب ثانية ؟.
لماذا تمنعون عزيزا من ولاية ثالثة ورابعة وحتى عاشرة ؛ وترضون لأنفسكم ألف ولاية في أحزابكم؛ ما لكم كيف تحكمون ! .
أعرف أنّ فينا (مفتاحا ) لا يفتح ؛ و(كرامة ) صارت غواية بين أعضائها؛ و(فضيلة ) استحالت رذيلة من كثرة التملّق ؛ و (تواصلا ) لا يصل معروفه لمن يستحق واللائحة تطول.
من الآن عليكم أن تعرفوا أنّ (تماما ) فيهم من حباه الله التمام ؛ و ألهمنا أن لا فرق بين عسكري لا يزول إلا بانقلاب؛ وزعيم حزب لا يطيح إلا بفواجع الأيام؛ نسأل الله لهم الهداية في أفكارهم؛ والصحة والعافية في أبدانهم ؛فالاستبداد فينا ملّة واحدة مريدوه العسكر ورؤساء الأحزاب ؛ والشعب سئمهما حتى (ضاعت لحاه بين حان ومان).