كووورة: سجلت ألمانيا فوزاً عريضاً قوامه 7 أهداف مقابل هدف وحيد للمنتخب البرازيلي صاحب الأرض والجمهور، وتأهلت لنهائي بطولة كأس العالم، محققة انتصاراً لم تتخيله البرازيل في أسوأ كوابيسها، ولا ألمانيا بأجمل أحلامها.
بدأت المباراة بسرعة كبيرة وانتشار تكتيكي سليم وضغط على حامل الكرة واستغلت ألمانيا أول ركنية لتسجل هدف مبكّر ساهم كثيراً بدخولهم أجواء المباراة وشكّل صدمة على البرازيليين، الذين لم يُحسنوا التعامل مع أجواء ما بعد الهدف من الناحية الذهنية.
ألمانيا عرفت أن ثمة مشكلة كبيرة بالنواحي الذهنية والتكتيكية للبرازيل بعد الهدف الأول، فلم تتراجع للدفاع لتحافظ على التقدم، بل واصلت فرض الإيقاع وسجلت هدفاً تلو الآخر.
ألمانيا وحتى التقدم بهدفين لعبت بأسلوب الضغط على حامل الكرة وحين تستلم الكرة تتجه بشكل مباشر نحو مرمى ، البرازيل بواقعية عالية ودون فذلكة استحواذية أو فلسفة أمام المرمى.
اما مشكلة البرازيل فكانت قبل المباراة، لكن ظهرت نتائجها دفعة واحدة في الملعب في أول نصف ساعة.
أولى مشكلة كانت تتمثل بالتحضير الذهني والنفسي السئ للاعبين، عبر الحديث الإعلامي الضخم والمكثف عن نيمار وغيابه عن المباراة، وتجييش العواطف إعلامياً وجماهيرياً وشعبياً، ورغم أن ألمانيا خسرت قبل البطولة أفضل لاعبيها ماركو رويس، لكنها تجاوزت ذلك بسرعة ولملمت أوراقها ولم تقف الحياة هنا.
الاخفاق الذهني كأن أهم أسباب خسارة البرازيل القاسية، وليس غياب نيمار وسيلفا، فلو خسرت البرازيل بهدف نظيف أو حتى هدفيْن فقط لكان بالإمكان القول غياب هذيْن اللاعبيْن ساهم بالخسارة، لكن حينما تكون الخسارة بهذه النتيجة الشاسعة فثمة خلل واضح يتعدى هذا السبب.
قبل المباراة تحدث نجم البرازيل السابق كارلوس ألبرتو توريس أن العاطفة الزائدة لدى لاعبي البرازيل ليست بالأمر الحسن، معتبراً أن المدرب الحالي لويز فيليبي سكولاري "يضع الكثير من الضغوط على لاعبيه"، لخّص توريس أهم مشاكل البرازيل في هذا المونديال، والجوانب التكتيكية السيئة للبرازيل كان لها نصيب مما حدث، فبدأت المباراة دون تنظيم وانتشار سليم للاعبين، ومايكون لوحده يُغرّد على الجانب اليمين دون جناح، فلم يساند هجومياً، وترك مساحات دفاعية بالخلف.
ولعل الهدف الأول لألمانيا من ركنية يشرح الاستهتار الدفاعي حينما اصطف البرازيليون في مساحة متريْن وتركوا مولر في مواجهة سيزار لوحده، وكأنها حصة تدريبية وليس نصف نهائي كأس العالم.
سكولاري لم ينتبه لمشاكل البرازيل التي تحدث في نصف ساعة فقط، ولم يعمل على إصلاحها، وربما الفوز على كولومبيا المقنع إلى حدٍ ما غطّى على عيوب فريقه.
وظهرت كذلك الفوارق الفردية والفنية بين اللاعبين البرازيليين والألمان في خط الوسط، ومهارة التسليم والاستلام، بالإضافة لعنصر الخبرة فالألمان خاضوا مباريات متقدمة في بطولة كأس العالم زقبل نهائي اليورو السابق.
عموماً عاشت البرازيل مجدداً مأساة ماراكانا التي حدثت عام 1950، وربما أسوأ نظراً للنتيجة العريضة جداً، ورسبت بأول اختبار حقيقي، ولا يُعرف كم سنة تحتاج لمداواة هذه الجراح.