أقر القيادي بكتلة "المعاهدة من أجل التناوب السلمي" الموريتانية، رئيس حزب الصواب، عبد السلام ولد حرمه، بأن كتلته أخطأت حينما عوّلت كثيرا على النظام الحالي وتحصيل إنجازات منه لصالح الديمقراطية، "لكنها وقعت في خيبة أمل كبيرة" على حد تعبيره.
وحذر القيادي البعثي في حوار مع "عربي21" من "خطورة" دعوات توجهها حركات موريتانية تطالب فيها بانفصال ولايات الجنوب الموريتاني، متهما النظام الموريتاني بـ"تجاهل" هذه الدعوات، "وهو ذات التجاهل الذي نشهده تجاه الدعوات العنصرية التي تصدر من وسائل إعلام موريتانية" كما قال.
وحول الحالة السورية؛ قال ولد حرمه إنه يؤمن بحق الشعب السوري في الديمقراطية، مقرا بأن النظام السوري لم يستجب لمطالب شعبه بمشاركة العالم قيمه السياسية التي يريدها.
واستدرك بالإعلان عن تأييده الجيش العربي السوري، إلا أنه أقر بأنه نظام البعث السوري في طريقه إلى الزوال.
وتاليا نص الحوار:
* تتهمون في كتلة المعاهدة بأنكم منحازون للنظام على حاسب موقعكم المعارض. ما ردكم؟
- نحن كتلة معارضة، وأعلنّا ذلك أكثر من مرة. صحيح أن هذه الكتلة عوّلت كثيرا على النظام الحالي في مرحلة معينة أكثر من اللازم، وعلى إمكانية تحصيل إنجازات منه لصالح الديمقراطية، لكنها وقعت في خيبة أمل كبيرة.
عموما؛ علاقتنا بالنظام علاقة معارضة بسلطة، نرصد أخطاء النظام ونتتبعها، لكننا على قناعة أن التشتت الحاصل للمعارضة أضعف من قدرتها على الفعل والتأثير، وأنا أدعو من هذا المنبر لتوحيد الجسم المعارض في موريتانيا.
* أين وصلت جهود الحوار الموريتاني؟
- النظام تسلم الرد الأخير من منتدى المعارضة الذي يصر فيه على ضرورة وجود رد مكتوب من الحكومة والأغلبية، لكن النظام لا يزال يتثاقل ويتباطأ في الرد على وثيقة المعارضة، ولكن هناك مؤشرات صدرت أخيرا تفيد بأن النظام سيقدم ردا قريبا، وأن الحوار قد ينطلق في مقبل الأيام.
* من يعرقل هذا الحوار؟
- أعتقد أن النظام يتحمل المسؤولية الأكبر.
* كيف تنظر في كتلة المعاهدة لدعوات انفصال الجنوب الموريتاني؟
- هذه دعوات خطيرة للغاية، فتجارب الانفصال في دول أخرى خير دليل على خطورة حتى التفكير في مثل هذه الدعوات، وموريتانيا لا يوجد فيها تعداد جغرافي، وإن كان فيها تعداد قومي، فلا توجد بموريتانيا أي منطقة توجد فيها أكثرية زنجية يمكنها الانفصال وتشكيل إقليم مستقل.
ونعتبر أن هناك تجاهلا حقيقيا من النظام لهذه الدعوات الخطيرة جدا، وهو ذات التجاهل الذي نشهده تجاه الدعوات العنصرية التي تصدر من وسائل إعلام موريتانية، ومن جهات معروفة.
ونرى أنه من حق الزنوج كمكون موريتاني؛ أن يطالبوا بحقوقهم، وتعويض أي ضرر سبق أن لحق بهم في حقبة ماضية، لكن لا بد لهم أن يعترفوا بأنهم أقلية، وحقوق الأقليات معروفة ومصانة، وليس من ضمنها الانفصال.
* ما هو موقفك - كسياسي بعثي - من الأحداث في سوريا واليمن؟
- موقفنا من هذه الأحداث متقارب وخلفيته واحدة، وهي أننا نؤمن بحق أي شعب في أي منطقة عربية بالديمقراطية والمشاركة في القرار السياسي، ونرفض الدكتاتوريات مهما كان شكلها، ونرفض أيضاً الأنظمة الفردية والعائلية، لكن هذا الرفض يقابله رفض آخر، وهو رفضنا لتدمير هذه الدول من خلال حروب أهلية.
نحن نؤمن بأن للشعب السوري الحق في الديمقراطية، وله الحق أن يشارك العالم في قيم سياسية يريدها، وبالفعل النظام السوري لم يستجب لهذه الدعوات، لكن عدم هذه الاستجابة أدى بالأطراف الأخرى إلى استخدام وسائل العنف والحرب والسلاح في تطور سريع، وتم احتضان هذا الحراك من قبل جهات دولية.
في اعتقادي أن سوريا كبنية وكدولة انتهت، للأسف الشديد، فما تشهده سوريا اليوم هو صراع طوائف وأعراق وقبائل، حولها إلى ساحة حرب دولية، تتحرك فيها الحركات الإرهابية والمليشيات الإيرانية.
في العموم؛ نحن كنا مع الجيش العربي السوري، وطالما بقي هذا الجيش سنظل معه.
* ماذا تبقى من التيار البعثي في الوطن العربي؟
- من الواضح عمليا؛ أن النظام البعثي في العراق أسقط، وأنه بسوريا في طريقه إلى الزوال، وكما هو معلوم؛ البعث ظهر كتصور وفكر، وهذا الفكر لا يزال موجودا على الساحة؛ لأنه في عمومه فكر يدعو إلى الوحدة العربية، والعدالة الاجتماعية، والتحرر من الاستعمار، وكل هذه الأفكار لا تزال قائمة، ولا تزال الحاجة إليها قائمة أيضا.
والأحزاب البعثية لم تصل للسلطة في انتخابات، بل عبرت بتغييرات عسكرية، سواء في العراق أو سوريا، وهذه الأنظمة التي وصلت إلى السلطة بهذه الطريقة زالت بالفعل، لكن بقي حزب البعث كتيار وفكر وخطاب، وهو موجود في جميع الأقطار العربية، فهو الذي يقود حاليا المقاومة في العراق، وهو موجود أيضا في السودان، وحاضر في اليمن، وكان ممثلا في البرلمان اليمني، وموجود أيضا على شكل تنظيمات شبابية وطلابية في الجزائر وتونس وموريتانيا، لكن لا يوجد في هذه الدول حزب اسمه حزب البعث. وكما تعلم فإن البعثيين في موريتانيا موجودون في السلطة وفي المعارضة، وهناك بعثيون في حزبنا "حزب الصواب".
* هل هناك تنسيق بين البعثيين في الوطن العربي؟
- التنسيق بمفهومه السياسي، بمعنى تداول الأفكار وتنسيق المواقف؛ لا يزال قائما، لكن بطبيعة الحال لا توجد قاعدة في الوقت الحالي تحمي البعثيين بعد زوال النظام في العراق.
بالتأكيد؛ هذا التنسيق لم يعد على حاله، ومثلا في الساحة الموريتانية؛ البعثيون على اختلاف توجهاتهم السياسية ينسقون في القضايا الكبرى المتعلقة بالهوية وباللغة العربية، أما التنسيق كأحزاب فأعتقد أنه بدأ يختفي، بل لم يعد موجودا؛ لأنه من الناحية الواقعية غير ممكن.
محمد ولد شينا - نواكشوط - عربي21