شارك الرئيس الموريتاني الأسبق اعلِ ولد محمد فال، في ندوة دولية نظمها حلف شمال الأطلسي في العاصمة البلجيكية بروكسيل، يوم أمس الجمعة، لمناقشة التحديات المستقبلية التي يمثلها ما يسمى بالإرهاب في مختلف بقاع العالم.
الندوة التي شاركت فيها وفود من 37 دولة ومنظمة، شهدت مداخلات من طرف شخصيات أمنية ذات وزن كبير على غرار نائب رئيس حلف شمال الأطلسي ورئيس مجموعته البرلمانية.
وبحث المشاركون في الندوة، من صناع القرار والخبراء والمسؤولىن الأمنين، سُبل تنسيق التعاون وتبادل المعلومات في مجال "مكافحة الإرهاب".
وفي المحاضرة التي ألقاها ولد محمد فال أمام المشاركين في الندوة، قدم عرضاً عن أسباب انتشار الظاهرة المعروفة عالمياً باسم "الإرهاب"، كما قدم ما يرى أنه "أنجع الطرق لمكافحته".
ونفى ولد محمد فال الذي عمل لأكثر من عشرين عاماً مديراً للأمن الوطني في موريتانيا، أي صلة بين الإرهاب والإسلام، وقال إن "الإرهاب غير مرتبط بدين معين أو جنسية بعينها"، وأوضح في هذا السياق أن "الإرهاب انتشر في أميركا اللاتينية وأوروبا وآسيا وأفريقيا".
وساق ولد محمد فال الذي تولى رئاسة موريتانية في الفترة الانتقالية ما بين 2005 و2007، أمثلة على حركات وصفها بالإرهابية ولم تكن تتخذ من الدين الإسلامي مرجعية، مثل حركة الألوية الحمراء الإيطالية، الجيش الأحمر الياباني، منظّمة الباسك الإسبانية، والميليشيات الطائفية في إيرلندا، والميليشيات الأميركية في أميركا الوسطى والجنوبية.
وقال ولد محمد فال إن الجهود التي تبذل في العالم لمواجهة الإرهاب ومحاربته ستبقى ناقصة ما لم يكن هنالك تجاوب مع مطالب تعزيز وتفعيل التعاون والتنسيق العالمي، ورسم "استراتيجية شاملة" للحرب على الإرهاب.
وعدد جملة من النقاط قال إنها هي محاور أي "استراتيجية شاملة" لمواجهة الإرهاب، في مقدمتها "تنسيق دولي قوي ينطلق من إرادة سياسية حقيقية".
كما شدد على أهمية "العمل على تسوية وحل النزاعات والصراعات الداخلية والحروب الأهلية بالطرق السلمية كالوساطة والتوفيق والتسوية القضائية"؛ ولكنه في نفس الوقت دعا إلى "توقف الدول الكبرى عن إذكاء الصراعات والانسحاب منها دون التوصل لتسوية نهائية كما تم في ليبيا والعراق واليمن ومازال مستمرا في سوريا".
وقال ولد محمد فال محاضرته المطوّلة إن إشعال الصراعات والتخلي عنها من دون حلول نهائية "يتسبب في تمكين الإرهابيين من السيطرة على دول بترولية هامة وتوظيف مقدراتها الاقتصادية والبشرية ومواقعها الاستراتيجية لخدمة الإرهاب".
من جهة أخرى دعا ولد محمد فال إلى "نشر ثقافة السلام والعدالة والتنمية البشرية والتسامح الديني والعرقي في أنحاء العالم ؛ وتوظيف المؤسسات الدينية المختلفة في محاربة الإرهاب ودعم وتحريك حوار الديانات".
وخلص إلى ضرورة "رسم مقاربات اجتماعية وسياسية تقوم على معالجة الاختلال بدل الحلول الأمنية التي لا تحل المشكل وإنما تعمل على تهدئته"، هذا بالإضافة إلى "مواجهة وحظر النشاطات الإعلامية المروجة للإرهاب والتطرف والتكفير، وتعزيز التعاون الدولي في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتشديد على تجفيف منابع الإرهاب بمواجهة غسيل الأموال، بالإضافة إلى خلق وتعزيز الثقة بين مكونات المجتمع الدولي لمواجهة الإرهاب كعدو مشترك".
وكان ولد محمد فال قد توجه في السنوات الأخيرة إلى المشاركة في الندوات وإلقاء المحاضرات حول القضايا الأمنية والسياسية في شبه المنطقة والعالم، وذلك بعد ظهور سياسي ومعارضة صريحة للنظام القائم في موريتانيا.
صحراء ميديا