أعلن سلفيو موريتانيا المنضوون في حزب «جبهة الأصالة والتجديد» الموجود قيد الترخيص، في بيان وزعوه أمس عن «تمسكهم المبدئي بحقهم الشرعي في ممارسة العمل السياسي خدمة لشعبهم الغالي ووطنهم العزيز».
وجاء هذا الإعلان ردا على منع السلطات الموريتانية عقد مؤتمر صحافي كان مؤسسو حزب «الأصالة والتجديد» ينوون تنظيمه قبل أربعة أيام للإعلان عن انطلاق نشاطات حزبهم.
وأكد السلفيون الذين يتزعمهم محفوظ ولد إدومو «رفضهم القاطع لكل أنواع التعسف ومصادرة الحريات المشروعة».
وجدد مؤسسو حزب «الأصالة والتجديد»، «مطالبتهم للسلطات المختصة بتسريع إعطائهم ورقة الترخيص التي أكدوا أنهم يستحقوها بمقتضي القوانين والنصوص المعمول بها».
وأشار السلفيون إلى «أنهم كانوا قد قرروا بعد مضي ستة أشهر علي إيداع ملفهم لدى إدارة الحريات والشؤون السياسية بوزارة الداخلية واللامركزية، تنظيم مؤتمر صحافي بتاريخ 16/6/2015 في فندق «الأجنحة الملكية» لشرح رؤيتهم وإطلاع الرأي العام على مشروعهم السياسي» الذي يرون أنه «يمثل إضافة نوعية للساحة السياسية في موريتانيا التي تعاني من أزمات عدة». وأضاف البيان «أن وضعية البلد تتطلب تضافر الجهود وإشراك جميع أطراف الطيف السياسي في حوار جاد لحلحلة الأمور وإيجاد انفراج في الأفق السياسي المسدود، وهو الأمر الذي كنا ولا نزال نأمل أن يكون لنا فيه دور إيجابي فعال وبناء».
«لكننا، يضيف البيان، وبعد دعوة الفاعلين السياسيين ورؤساء ألأحزاب من الموالاة والمعارضة لحضور مؤتمرنا الصحافي، وبعد حضور الصحافة الوطنية والدولية والجماهير المدعوة فوجئنا بمنع السلطات الأمنية لنا من عقد المؤتمر بل ومن مجرد الحديث إلى الصحافة حيث أعطت الشرطة أوامر صارمة للجميع بالخروج من الفندق وإخلاء الشارع المقابل له على الفور».
وأوضح السلفيون «أنه تمت الاستجابة لإجراء السلطات الأمنية بكل سكينة وانضباط رغم تعسفه ومخالفته لنص الدستور الذي يكفل حق التعبير وحرية التجمع».
هذا ولم تعط السلطات الرسمية أي تفسير لقرارها منع السلفيين الموريتانيين من الإعلان عن مشروعهم السياسي سوى أن مصدر أمني أكد لـ»القدس العربي»: «أن عدم حصول الحزب على ترخيص رسمي بالعمل هو السبب الأساس وراء القرار».
وأكد مصدر في الداخلية الموريتانية «أن دراسة ملف حزب السلفيين قد اكتملت منذ فترة طويلة غير أن المصالح المختصة تنتظر رأي السلطات العليا في البلد التي ما زالت تتردد في الترخيص للسلفيين الذين يرتبط البعض منهم بمنظمات جهادية متطرفة».
وكان إسلاميو موريتانيا المنضوون في حزب التجمع الوطني للإصلاح قد تعاطفوا مع السلفيين واستنكروا في بيان وزعوه أمس الأول «منع السلطات الموريتانية للمؤتمر الصحافي الذي حاول حزب الأصالة والتجديد تنظيمه».
واعتبر بيان حزب «التجمع» «أن منع المؤتمر الصحافي لحزب الأصالة تضييق على الحريات ومصادرة لحقوق حزب سياسي أراد العمل في إطار القانون».
وأودع سلفيو موريتانيا ملف تأسيس حزب «جبهة الأصالة والتجديد» لدى وزارة الداخلية منذ حوالي سبعة أشهر، لكن لم يصدر أي قرار بقبول الترخيص لهذه التشكيلة المثيرة للجدل أو بمنعه. وأثارت خطوة التقدم بطلب الترخيص لهذا الحزب استغراب المراقبين هنا، حيث أن الظرف الذي تقدمت فيه هذه الجماعة بملف هذه التشكيلة، ظرف تشهد فيه شمس السلفية بكافة أطيافها، أفولا في أكثر من موقع.
ويقسم الباحثون السلفية في موريتانيا إلى عدة اتجاهات هي السلفية العلمية وتهتم بشكل خاص بمناكفة الحركات الصوفية والفقهاء الفروعيين، والسلفية المتسيسة وهي الأضعف لحد الآن في الساعة الموريتانية، وينشط أغلب روادها في دعم الأنظمة السياسية المتعاقبة، ويتقاطع خطاب هذا التيار في كثير من مفرداته مع الموالاة المطلقة للسلطة.
وتجتمع السلفية المتسيسة مع السلفية العلمية في الرافد الفكري والعلمي التيمي الوهابي، أما الاتجاه السلفي الثالث فهو السلفية الجهادية التي تضم السلفيين الذين استهواهم الجهاد الأفغاني في وقت مبكر فانخرط بعضهم في أعمال قتالية ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، قبل أن يتفرقوا بعد ذلك في فروع تنظيم «القاعدة».
«القدس العربي»