"معظم القوانين العربية تحمي المغتصب، وتعاقب الضحية"
(ضحية الاغتصاب في السودان مطالبة بإثبات أن اللقاء لم يكن بموافقتها! جولة على قوانين الاغتصاب في العالم العربي)
جولة سريعة على قوانين الاغتصاب في البلدان العربية، تكشف أن غالبية القوانين لا تخلو من النصوص التي تعفي المغتصب من الملاحقة إذا تزوج المعتدى عليها، فيتحول القانون إلى أداة عقاب إضافية للضحية بدلاً من أن يحميها.
مصر
القانون الجنائي المصري كان سبّاقاً إلى إلغاء المواد 290-291 المتعلقة بالإعفاء من العقوبة إذا تزوج الجاني المعتدى عليها، منذ عام 1999. ولكن على الرغم من إلغاء هذه المواد، فما زالت تتم كعرف خوفاً من الفضيحة، إذ كشف مكتب الشكاوى في المجلس القومي لحقوق المرأة، عن امرأة تعرضت لحادثة اغتصاب وزوّجها أهلها إلى الجاني خشيةً من الفضيحة. بالإضافة إلى ذلك، تشير الناشطة الحقوقية المصرية مزن حسن إلى أن "المادة 17 من قانون العقوبات المصري هي مشكلة حقيقية في شأن جرائم الاغتصاب، لأنها تعطي القاضي سلطة استعمال الرأفة في أقصى درجاتها، إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة، ما يؤدي إلى عدم العدالة في الأحكام".
يذكر أن قطاع غزة، الذي يطبق القانون الجنائي المصري، لم يتبنَّ إلغاء المواد المتعلقة بتزويج الجاني بالمعتدى عليها وما زال يطبق هذه المادة.
موريتانيا
لا يعاقب القانون الموريتاني مرتكبي جرائم الاغتصاب، كما أنه يهدر حق الضحايا بسبب نواقصه، وأبرزها: صعوبة إثبات ارتكاب الجريمة أمام القضاء، إذ لا بد من إقرار الشخص نفسه بأنه هو الفاعل، أو شهادة أربعة رجال تتحد رؤيتهم لارتكاب الفعل، وهو أمر مستحيل. إذ يقول المحامي الحقوقي ولّد محمود لرصيف22 إنه "لا يوجد نص قانوني خاص بجريمة الاغتصاب، وإنما يتم التعاطي معها في قانون العقوبات الموريتاني بوصفها جريمة زنى". وتطالب الحركة النسوية بإصدار قانون خاص حول جرائم العنف ضد المرأة.
الأردن
يعفي القانون الأردني المغتصب من العقوبة في حال زواجه بضحيته، بحسب المادة 308 من قانون العقوبات، التي تنص على أن "اغتصاب الذكر لا يعد اغتصاباً بل هتك عرض، وإن كان قاصراً".
كما ينص القانون أيضاً على أن "اغتصاب الأنثى من الدبر لا يعدّ اغتصاباً بل هتك عرض، وإن كانت قاصراً". وتقول مديرة مركز مجموعة القانون من أجل حقوق الإنسان "ميزان"، إيفا أبو حلاوة لرصيف22 إن "تزويج المغتصبة لمغتصبها جريمة إضافية في حقها، وهو حل يتم اللجوء إليه دفعاً للعار الاجتماعي، وتضطر الضحية وعائلتها للرضوخ إليه حفاظاً على السمعة"، وتضيف: "المادة 308 تشترط استمرار الزواج خمسة أعوام، وهذا ما يشير إلى أن الهدف الوحيد منها هو حماية الذكر من العقوبة". كما أن الضفة الغربية تتبع القانون الأردني.
العراق
يعاقب القانون العراقي بالحبس المؤبد "كل من جامع أنثى بغير رضاها" طبقاً للمادة 393. ولكن المادة 398 توقف كل الإجراءات العقابية من ملاحقة وتحريك الدعوى أو التحقيق فيها، في حال تمّ الزواج بين المعتدي والضحية. ولم تغب عن الحركة النسائية العراقية المطالبة بتغيير تلك المادة، كي لا يفلت الجاني من العقاب.
لبنان
يعاقب القانون اللبناني بالأشغال الشاقة من 5 إلى 7 سنوات من أكره غير زوجه بالعنف والتهديد، على الجماع، طبقاً للمادة 503. وتقول الناشطة النسوية اللبنانية ديالا حيدر لرصيف 22: "إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب الواقعة والمعتدى عليها أوقفت الملاحقة. وإذا صدر الحكم في القضية، علّق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه طبقاً للمادة 522"، وأكدت أن "القانون يشرع الاغتصاب في حال وقوعه قبل إتمام عقد الزواج أو بعده، إذا وقع قبل الزواج، ألغاهُ عقد الزواج بالضحية بحسب المادة 522، وفي حال وقع بعد الزواج، ألغاهُ عقد الزواج بالضحية، بحسب المادة 503".
سوريا
ينص القانون السوري على معاقبة كل من أكره غير زوجه، بالعنف أو بالتهديد على الجماع بالأشغال الشاقة 15 عاماً وفق المادة 489، والمادة عينها تعفي الجاني من الملاحقة، في حال تزوج المعتدى عليها.
ليبيا
تسقط المادة 424 جريمة الاغتصاب وتوقف تنفيذها إذا تزوج الجاني المعتدى عليها. ويترتب على هذا الزواج إيقاف الإجراءات الجنائية أو إيقاف تنفيذ الحكم لمدة 3 سنوات، ويزول الإيقاف قبل مضي 3 سنوات من تاريخ الجريمة في حال طلاق الزوجة "المعتدى عليها"، من دون سبب وجيه أو بصدور حكم بالطلاق لمصلحة الزوجة المعتدى عليها.
البحرين
في البحرين، جرائم هتك العرض والاغتصاب تحكمها المادة 353 من قانون العقوبات، التي يرى بعض القانونيين، أنها "تساعد الجاني على الإفلات من العقوبة، في حال ارتضى عقد زواجه بالمجنى عليها". وفي المادة 344 تكون العقوبة لمن واقع أنثى بغير رضاها السجن، والسجن المؤبد إذا واقع الجاني المجنى عليها وهي دون السادسة عشرة من العمر، طبقاً للمادة 345.
الجزائر
في القانون الجزائري، تنص المادة 336 على "المعاقبة بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات، لكل من ارتكب جناية الاغتصاب". وتضيف المادة: "إذا وقع الاغتصاب على قاصر لم تكمل 18 سنة، فتقضي العقوبة بالسجن من 10 إلى 20 سنة". ويسمح القانون الجزائري للمغتصب بالإفلات من العقاب إذا تزوج ضحيته في حال كانت دون سن الـ18". منظمات حقوقية جزائرية عدة تطالب دوماً بإلغاء هذا البند، كون العديد من ضحايا الاعتداءات الجنسية يجبرن على الزواج من الجاني للإفلات من العقاب.
السودان
حين تتقدم المرأة أو الفتاة ببلاغ عن تعرضها للاغتصاب في السودان، تعرّض نفسها أيضاً لاحتمال ملاحقتها قضائياً. فالضحية مطالبة بأن تؤكد براءتها بإثبات أن اللقاء لم يكن بموافقتها، وإذا لم تنجح في ذلك، تكون عرضة للمحاكمة بتهمة الزنى. وعقوبة الزنى 100 جلدة للمرأة غير المتزوجة، والإعدام رجماً بالحجارة للمتزوجة. كما يفتقر القانون السوداني إلى مبادىء توجيهية واضحة في شأن تفسيره وتنفيذه، وهذا ما يتيح للقضاة سلطة تقديرية واسعة. وكثيراً ما تصدر أحكام ظالمة في حق الضحايا اللواتي يلتمسن الإنصاف من خلال نظام العدالة الجنائية، بموجب المادة 149 من قانون العقوبات.
اليمن
أما بالنسبة إلى اليمن، فتقول المحامية الحقوقية نبيلة المفتي إن "القانون لم يوجد تعريفاً صريحاً وواضحاً للجريمة، ولم يذكر عقوبات تناسب خطورة واقعة الاغتصاب". وتضيف: "في ظروف معينة تصل عقوبة الاغتصاب إلى الإعدام، لكنها تسقط وتتحول إلى جريمة زنى أو هتك عرض أو فعل فاضح، في حال عدم وجود أدلة"، وذلك بحسب المادة 269 من قانون الجرائم والعقوبات اليمني. وتختم: "يخاف كثير من الأهالي من الإبلاغ عن حوادث اغتصاب تقع لفتياتهم، لأن الجريمة يمكن أن تتحول إلى جريمة زنى إذا استطاع الجاني إثبات أن الأمر تم برضاها. النص القانوني لم يكن واضحاً في تعامله مع هذا النوع من الجرائم".
قطر
حددت المادة 198 من قانون العقوبات القطري عقوبة جريمة الاغتصاب بالسجن 10 سنوات، أما المادة 199 فحددت عقوبة جريمة اغتصاب أنثى تحت سن السادسة عشرة من عمرها بالسجن 14 عاماً. فإذا كان الجاني هو معلم المجنى عليها أو وصيها أو أي شخص عهد إليه تعليمها أو رعايتها، يعاقب بالحبس المؤبد". ولا يتضمن القانون القطري أي نصوص تعفي المهتم من العقوبة في حال تزوج من ضحيته.
المغرب
في بداية عام 2014، وافق البرلمان المغربي على مقترح قانون يقضي بإلغاء الفقرة الثانية من الفصل 475، التي تنص على وقف ملاحقة الجاني إذا تزوج المعتدى عليها. وقد أتى هذا التعديل بعد حادثة انتحار إحدى المغتصبات على خلفية تزويجها لمغتصبها، وقد أطلقت هذه الحادثة تحركات واسعة وتظاهرات عدة قادتها جميعات، تطالب بحماية ضحايا الاغتصاب. وتنص المادة 486 من القانون الجنائي المغربي على أن "الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة من دون رضاها، ويعاقب عليه بالسجن من خمس إلى عشر سنوات".
تونس
لم يصل الأمر الى مرحلة إلغاء المادة المتعلقة بوقف ملاحقة المعتدي الذي يتزوج الضحية، إلا أن تونس شهدت تحركات لإلغاء الفصل 227 من القانون، الذي ينص على أن زواج الفاعل بالمجنى عليها يوقف الملاحقة الجنائية. علماً أنه خلال فترة صوغ الدستور، حاولت منظمة العفو الدولية تمرير بيان يتضمن توصية بإلغاء هذا الشرط الذي يعفي من العقاب، إلا أن 32 حزباً سياسياً فقط من أصل 100 وافق على المقترح، فلم يمرّ.
وينص القانون التونسي على أنه "يعاقب بالإعدام كل من واقع أنثى باستعمال العنف، ويعاقب بالسجن مدى الحياة كل من واقع أنثى من دون رضاها". لكن على مستوى التطبيق، فإن عقوبة جرائم الاغتصاب تراوح بين 10 و15 عاماً من السجن.
رصيف22