داخل عشة صغيرة لا تقي حر الشمس بحي الترحيل بمقاطعة عرفات بالعاصمة نواكشوط يسكن ببانه ولد أجيد وأفراد أسرته وهم صيام خلال العشرة الأولى من شهر رمضان المبارك، وسط حيرة من الطريقة التي سيواصلون بها الصيام وسط موجة الحر التي يعاني منها سكان الأحياء الشعبية بنواكشوط بسبب انعدام مساكن لائقة.
ليست أزمة السكن وحر الشمس المتواصل هما المعاناة الوحيدة بالنسبة لببانه ولد أجيد بل تزيد أزمة النقل معاناته حيث يسكن في طرف من حي الترحيل يستحيل على سيارات الأجرة الاقتراب منه، لوجود رمال متحركة تغزو الحي وتمنع سكانه التحرك في سيارات الأجرة ليكون السير على الأقدام لمسافات طويلة هو شعار المرحلة من ما يزيد معاناة المواطنين في شهر رمضان المبارك.
وقال ولد أجيد لمراسل موقع مصر العربية إن سكان الحي يعيشون معاناة مستمرة تواضع مساكنهم وهشاشتها فهي في الغالب عشش وخيام متواضعة لا تقي حر الشمس، معتبرا أن أسباب ذلك تعود إلى قرار الحكومة بترحيلهم من مساكنهم السابقة التي بذلوا في بنائها ما يملكون.
ويضيف ولد أجيد أن قرار السلطات بإعادة تأهيل الأحياء الشعبية وما تبع ذلك من مظاهر الظلم والابتزاز بحق الفقراء شكل مأساة حقيقة لآلاف الأسر التي تقطن بالأحياء الشعبية المتناثرة في مختلف مناطق العاصمة نواكشوط.
أحلام لا تتحقق
في الطرف الآخر من الحي وعلى بعد أمتار قليلة يواصل محمد الشيح ليله بنهاره من أجل ترميم كوخ يقيه حر شمس الصيف، وليجد أيضا ما يساعده على صيام الشهر الفضيل من الراحة والاطمئنان بعيدا عن لفيح الشمس التي تقسو بشدة على فقراء الأحياء الشعبية في العاصمة نواكشوط.
قال محمد الشيخ لمراسل مصر العربية إن أمله كبير في إيجاد لفتة كريمة من الحكومة الموريتانية يتم من خلالها توفير مساكن لائقة للسكان، وتعبيد الطرق التي توصل لكافة مناطق الحي الشعبي حتى يتمكن كافة السكان من جلب حاجاتهم من السوق عن طريق سيارات الأجرة بدل جلبها على ظهورهم الذي اعتادوا عليه من سنوات.
وأكد محمد الشيخ أن واقع سكان الحي صعب للغاية وهم بحاجة لتدخل عاجل لتخفيف معاناتهم على الأقل خلال شهر رمضان المبارك، معتبرا أن الحي لا يوجد به كهرباء، ولا توجد مياه سوى ما يجلبه السكان على العربات التي تجرها الحمير، أما الدكاكين فهي منعدمة باستثناء محلات بيع صغيرة يملكها بعض السكان وترتفع أسعارها بشكل مجحف وغير مسبوق.
مطالب الجملة
وسط أحياء (الفلوجه، وبوحديده، ولقريكه، ومندز)، في مقاطعات نواكشوط لا يخلو أي حي من مطالب متناثرة لساكنيه أبرزها توفير الماء، والكهرباء، وفتح المزيد من الدكاكين التي أعلنت عنها الحكومة من أجل تقريب المواد الغذائية الضرورية من المواطنين وتخفيض أسعارها بشكل يتماشي مع قدرات سكان الأحياء العشبية الذين يشكلون أكثر المواطنين فقرا وحرمان من الخدمات بشكل عام.
وقال عدد من سكان الأحياء الشعبية لمراسل مصر العربية إنهم يطالبون الجهات الرسمية بالالتفات إلى مطالبهم الملحة، وعلى رأسها توفير الحاجيات الضرورية، وخاصة في شهر رمضان المبارك الذي حل هذا العام في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، التي يواجهها سكان الأحياء الشعبية.
وأضاف سكان الأحياء الشعبية أن توفير مياه الشرب، والكهرباء من أبرز المطالب التي يرفعونها في شهر رمضان لأنها تساعد بشكل أو بآخر على التصدي لموجهة الحر التي تشهدها العاصمة نواكشوط، كما تخفف من معاناة ساكنة الأحياء العشوائية التي تنتشر بكثرة عند أطراف العاصمة وداخل أحيائها الرئيسية.
مساعدات رمضانية
تعتبر شهر رمضان المبارك من أفضل الأشهر وأكثرها رخاء ماديا بالنسبة للعديد من الفقراء في العاصمة نواكشوط، حيث تقدم كافة الجمعيات الأهلية إفطارا جماعية ودعم مادي لساكنة الأحياء الشعبية.
ولا تخلو الأحياء الشعبية خلال الشهر المبارك من تواجد ممثلين عن هيئات أو جمعيات أهلية وخيرية تقدم العون وتمنح المساعدات للسكان من خلال إفطارات لرواد المساجد والمحاظر القرآنية.
وتعلن الجهات الرسمية خلال شهر رمضان من كل عام عن تقديم مساعدات غذائية للسكان وخاصة قاطني الأحياء الشعبية، كما توزع نفس المواد على المساجد والمدارس القرآنية داخل كافة مناطق البلد، لكنت تلك المساعدات عادة ما تلاقي اعتراضا عليها من المواطنين مشككين في شفافية التوزيع والتوجيه الذي تقوم به الجهات الرسمية لهذه المساعدات.