لك العزاء يا وطني في مصيبة كرو ؛ وخطبها الجلل ؛ ولك العزاء يا وطني في كلّ قنبلة عقارية موقوتة في أنحاء ربوع وطننا ؛ نخشى من انفجارها .
صارت أي خصومة نذير شؤم على أصحابها ؛ فرسل الإدارة همها جباية المال ؛ وابتزاز الضحيتين ؛ حتى إذا اشتد الأمر وأطلّ رأس الفتنة ؛ووقع ما لاتحمد عقباه ؛ كشّرت الدولة عن أنيابها وبعد فوات الأوان ؛ بالحبس والسجن لذوي الطرفين؛ وكانت كحاطب ليل ؛ يجمع بين قطن ناعم وثعبان قاتل .
فالإدارة لا تخمد حريقا ؛ ولا تنقذ غريقا ؛ولا تطفئ فتنة ؛ ليس لها من عمل سوى تأجيج نار الخصومة ؛ واضطهاد المكلوم ؛ ورعاية القلاقل؛ وتذكيها بالمحاباة والرشوة ؛ فالوالي والقاضي صارا فينا كحفّاري قبور ؛ قوتهما وبهجتهما في كثرة نعوشهما.
وبعد كلّ فاجعة تفرض الدولة هيبتها المهزوزة بحظر محلّ النزاع ؛ وذاك يشفي غليل المعتدي ؛لأنّه لم يخسر شيئا؛ ويجتمع أولياء الخصومة ؛ وبعد الصفح والعفو وكظم الغيظ ؛ تتحمل الجماعة الديّة والأرش ؛ وذاك مكسب ثان ونصر مؤزر للمعتدي إن كان حيا ؛ لأنّه حرم صاحب الحق من حقه.
يظلّ القاضي سنين يصبح ويمسي على كرسيه وهو عاجز عن فضّ نزاع واحد ولو تافه ؛ بل الأدهى والأمر أنّ القانون الموريتاني لا يلزم القاضي بإصدار حكم .
والوالي لا همّ له في الشأن العام سوى دكاكين أمل ؛ وتوزيع علف في يوم عصيب ؛على الأقلّ يكون ذالك في وسائل الإعلام .
فلماذا لا يصدر القاضي حكمه في عشرات القضايا أمامه ؛ فالوحي انقطع ؛ وحكمه لا يحلّ حراما ؛ ولا يحرم حلالا ؛ وإنّما يراد منه رفع النزاع ؛ فماذا ينتظر؟.
ولماذا السلطة التنفيذية لا تفرض هيبتها؛ وأن تنسف ما رسخ في قلوب العامة ؛ فهي عندهم لا تحق حقا ؛ ولا تردّ غصبا ؛ وأقصى ما تفعل هو تحريم محلّ النزاع بعد انفجار البركان ؛ وتلك غاية عند أحد الخصمين.
فيا ترى متى تطبق الدولة في شعبها قانون السماء أو الأرض وشتان ما بينهما ؛ فمعلوم أن الجميع يرزح تحت قانون الغاب ؛ أٌقوياءه الوجيه والنافذ والرشوة والمحاباة .