موريتانيا: رمضان يقلب نظام الحياة إلى تعبد وتبتل… وانشغال بآخر الوجبات اللذيذة

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
سبت, 2015-07-04 18:23

مع إطلالة شهر رمضان، كما هي الحال كل عام، تنقلب أنظمة الحياة في موريتانيا رأسا على عقب حيث تكسو مسحة التدين كل شيء، فالرجال يطلقون لحاهم ويواظبون على الصلوات في المساجد ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة تحول مساطر برامجها إلى محاضرات دينية واستضافات لعلماء مفتين ومسلسلات ومسابقات دينية.

حتى نقابة الصحافيين الموريتانيين تركت متابعة قضايا المهنة لتحول نشاطها إلى سهرات للمدائح النبوية وللذكر والتعبد، شأنها شأن منظمات جمعوية وأحزاب وجهت نشاطها نحو تنظيم موائد الإفطار الجماعية في الأحياء الفقيرة.

أما النساء الموريتانيات فيتبتلن في المطابخ لإعداد آخر الوجبات لأزواجهن في هذا الشهر الذي يمر متثاقلا والذي يقسم الموريتانيون أيامه الثلاثين إلى عشرة أيام للخيل هي الأولى وتمر سريعة وعشرة أيام للإبل وتمر متباطئة وعشرة أيام للحمير هي الأخيرة وتمر شديدة البطء كأنها عشرة أعوام.

وتستلهم النساء الموريتانيات إعداد الوجبات مما تعرضه القنوات التلفزية وبعضهن، تقول السالمة بنت الصديق، يأخذ مقادير الوجبات وطرق إعدادها من اليوتيوب.

إدمان الموريتانيين على الشاي الأخضر يجعل الصوم عنه عذابا على مدمنيه، حيث يؤكد سيدي ولد الصالح «ما يشغلني في رمضان هو الصداع الذي يسببه صومي عن احتساء كاسات الشاي الأخضر الذي هو المشروب الساخن الأهم عندنا».

حول شهر رمضان نهارات العاصمة نواكشوط إلى هدوء تام ومحدودية في حركة السيارات، فالتسوق يقام به ليلا خوفا من لفح الحر، فدرجة الحرارة ناهزت أمس في العاصمة قرابة الـ44 درجة، أما ليالي رمضان فمليئة بالصخب؛ فالمراهقون دون العشرين يحولون الساحات العمومية إلى ملاعب لكرة القدم، والأسر تتبادل الزيارات بنشاط يستمر إلى قبيل أذان الفجر. بدت العاصمة نواكشوط أمس وكأنها مدينة أشباح: هنا مطاعم مغلقة وهناك سيارات تجمع القمامة وهنالك شوارع خالية من المارة تعبث بها رياح حارة شمالية حاملة الغبار والأتربة وأكياس البلاستيك الفارغة، ومن فوق الكل شمس صحراوية حارة تجري لمستقر لها بعد يوم طويل.

وعكس النمط المعاشي العادي، يكون نهار رمضان سكونا ولباسا وليل رمضان معاشا، فتكثر المطاعم من وجباتها وتضاعف المخابز كميات خبزها وتطول أمامها طوابير المستبضعين، وتزدحم البقالات والمقاهي بالمشترين والساهرين.

 

تكون صلاة التراويح النشاط الليلي الكبير الذي يقبل عليه الجميع، وتبادل الزيارات، وطلب المسامحة وصلة الرحم في الشهر الفضيل نشاط آخر هام تقوم به الأسر لتنظيف القلوب من الإحن والأحقاد.

alt

رغم ارتفاع معدل الفقر في موريتانيا (40%)، فالوجبات الرمضانية مكلفة يبذل فيها المال بسخاء، فالأغنياء يبذخون والفقراء يتجاوزون طاقاتهم ويتحملون الديون، «فالمهم تقول أسماء بنت القاسم (36 سنة، ربة أسرة) ان نفرح برمضان ورمضان كريم، كل الديون ستقضى ببركة الشهر العظيم».

لم يكن الموريتانيون قبل عقدين من الزمن حيث كانت حياة البداوة غالبة، يعرفون الوجبات المتنوعة المعروفة اليوم، فقد كانت المستهلكات في رمضان تقتصر على التمر والماء واللبن الممزوج بالماء والسكر والمعروف محليا بمسمى «الزريق»، إضافة لكاسات الشاي الأخضر التي يدمن عليها الجميع.. وكانت الوجبة الرئيسة في رمضان هي وجبة العيش وهي عصيدة تصنع من دقيق الدخن ويخلط عليها الحليب والملح والسكر.

أما اليوم فقد تأثرت الموائد الموريتانية بالموائد المغربية وبما تعرضه القنوات التلفزية من وجبات وفنون طبخ.

وتتصدر الحريرة المغربية بمذاقها اللذيذ وجبات رمضان في غالب الموائد الرمضانية، ويوفر مصدرو الخضراوات المغاربة للأسواق الموريتانية مستلزمات طبخ الحريرة من خضراوات وتوابل.

هكذا يمر شهر رمضان على موريتانيا التي تتعرض لنفحات هذا الشهر آملة أن يغسل ثلجه الرباني ما علق بها من أدران العراك بين الأغلبية والمعارضة حول الحوار السياسي الذي يبدو أن مخاضه يزداد عسرا يوما بعد يوم.

 

القدس العربي