أصوات مبحوحة تصدر بين الفينة والأخرى أشبه بفحيح الأفاعي السامة، يطلقها من يتفننون في نفث السموم وتقيئ الأحقاد الشخصية، كلما رأوا الوقت مناسبا لإطلاق هذا الفحيح، ونفث هذه السموم ..
المفارقة أن من بين قادة جوقة العازفين هذه الرئيس السابق اعل ولد محمد فال، ووزير الصحة السابق د.الشيخ ولد حرمه، ولكلا الرجلين تاريخ طويل لكنه قد لا يكون ناصعا بالضرورة، إذا نفضنا الغبار عن سجلات القمع والقتل الجماعي خلال الثلاثين سنة الماضية، أو تصفحنا جزءا من الماضي غير المشرف للعلاقة مع الدول الأجنبية التي تصل أحيانا حد الذوبان في الآخر حتى لا نقول العمالة له، أو مررنا سريعا بقطاع الصحة وفضيحة "نجاة غيت"، دون ان نغفل التعاطي مع ملفات "وود سايد، وشنقيتل".. إلخ
لم يكن الهجوم على شخص الرئيس محمد ولد عبد العزيز مفاجئا لأحد، خاصة إذا صدر عن شخص كولد حرمه، أو ولد محمد فال، لكن اللافت والغريب والمستغرب والمستهجن أن يتقمص الشياطين دور الوعاظ في شهر رمضان الكريم.
يستهل الدكتور الشيخ ولد حرمه مساره الحانوتي، بالآية الكريمة " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم" وقوله جل من قائل: "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به" فمن ظلم في رأيكم؟ ومن عوقب حتى يعاقب بمثل ما عوقب به؟ لسنا ندري.. إلا أن عزل ولد حرمه من وزارة الصحة لم يكن ظلما بقدر ما كان تصحيحا لوضع، وتكفيرا عن خطيئة تعيينه أصلا.
يخلص ولد حرمه إلى أن "موريتانيا أمام منعرج خطير جدا، ولا بد من تداركه، وقد آن الأوان، أكثر من أي وقت مضى، لوضع حد لهذا التدهور المتسارع على جميع الأصعدة." .. صحوة متأخرة ياشيخ ونفاق لم يعد يقنع أحدا..
وعلى شاكلة صاحب المسار يقول الرئيس المدير العام للأمن الوطني العقيد المتقاعد في "تهنئته" للشعب الموريتاني: "وكما يعلمنا ديننا الإسلامي الحنيف فعلينا دائما بالصبر مهما عظمت المصائب وتضاعفت المحن، وان نبقى صامدين لرفع التحديات ومواجهة المخاطر التي تهدد بلادنا منذ انتكاسة 2008 التي تكررت 2014 وما تمخض عن ذلك من إجهاض للمشروع الديمقراطي وقتل لأمل الشعب الموريتاني في العيش في بلد ينعم بالديمقراطية والاستقرار ويسوده الإخاء والتسامح."
ملاحظتان يجب الوقوف عندهما في هذه التهنئة:
- الأولى أن الرئيس عاد ليتحدث عن الدين الإسلامي في محاولة يائسة للعب على مشاعر المواطنين، وهو أسلوب ديماغوجي معروف في أدبيات الساسة المبتدئين.
- الثانية هي التباكي على "المشروع الديمقراطي وقتل أمل الشعب في الديمقراطية"، ولو كانت هذه الفقرة صادرة عن شخص آخر غير جلاد ولد الطائع لكان لها وقع آخر، أما وإنها صادرة عن من ملأ السجون بالسياسيين، وحظر الأحزاب، وكمم الأفواه، وقتل وسحل الناس في الشوارع، فهي لا تستحق التعليق.
بخصوص الانتخابات وما يثار حولها من لغط فيكفي أن دولا محورية في العالم وهيئات دولية وإقليمية، اعترفت بما تمخض عنها من نتائج، ولن يعيبها أن بعض الفاعلين في المعارضة قاطعوها بحجج واهية.
وبالمحصلة فإن المشهد السياسي في موريتانيا يحتاج إلى غربلة دقيقة، لتصفيته مما لحق به من أدران، بسبب دخول بعض الفاشلين إلى الحلبة، ومحاولاتهم السطو على إرث البلاد السياسي والاجتماعي دون أن تكون لديهم المؤهلات الفكرية والعقلية لتحقيق هذا الهدف.
ونختم هذه العجالة بفقرة من مقال تحت عنوان "المنسقية وأذان الديك" للدكتور الشيخ ولد حرمه يقول فيها: " كنا نتوقع أن تقدم المعارضة وسام شرف للرئيس محمد ولد عبد العزيز على وتيرة الإصلاح المطردة وقاطرة المشاريع التنموية القافلة على هدى من الله نحو رقي وازدهار شعب طالما ظلمته الأنظمة البائدة. بدلا من كل ذلك طفق زعماء المنسقية ينظرون لمهرجانات الغضب ونزلوا إلى آخر الفقرات العصعصية من مستوى لا أخلاقي في الخطاب السياسي، فهاجموا الأشخاص لأن معركتهم شخصية، وقذفوا الأعراض لأنها تجارتهم، وزيفوا الحقائق لأنهم يعشقون الظلام ويتغذون منه.."
وقديما قيل إذا لم تستح فاصنع ما شئت..
سيدي محمد ولد ابه