تشير تقارير صندوق الأمم المتّحدة لرعاية الطّفولة لسنة 2015 إلى أنّ 130.000 طفلا موريتانيّا تحت سنّ الخامسة مصابون بسوء التّغذية وتُضيف التّقارير أنّ هذا العدد قد يتضاعف إن لم تتّخذ السّلطات الموريتانيّة ما يجب من برامج وقائيّة ضدّ هذا المرض القاتل بتعريف المنظّمة العالميّة للصحّة.
ولعلّ مخاطر سوء التّغذية ستكون مُضاعفة هذه السّنة نظرا لنُدْرة الأمطار وصعوبة العام الفلاحي ممّا أدّى إلى تردّي المحاصيل الزّراعيّة. وهو ما يؤثّر سلبا في بلد نصف سكّانه تحت خطّ الفقر وخُمُسُ العائلات فيه غذاؤها غيرُ مؤمّن.
ويجدر التّذكير هنا أنّه إثر الجفاف الّذي ضرب النّيجر في 2005 والّذي أدّى إلى موت وتهجير عشرات الآلاف من السكّان، قرّرت العديد من دول السّاحل والصّحراء اعتماد استراتيجيات للحدّ من مخاطر سوء التّغذية وذلك بالتّنسيق مع صندوق الأمم المتّحدة لرعاية الطّفولة، برنامج التّغذية العالمي وأطبّاء بدون حدود. وقد ٱنطلق في هذا الإطار في موريتانيا منذ 2007 برنامج الإحاطة بسوء التّغذية القويّة الّذي تشرف عليه وزارة الصحّة بتأطير من المنظّمات العالميّة المذكورة سابقا وبالتّنسيق مع منظّمات المجتمع المدني وخاصّة منها الّتي تنشط داخل البلاد وفي الأماكن النّائية.
ويشمل هذا البرنامج عديد الآليّات الّتي تمتدّ من التّشخيص إلى مختلف مراحل العلاج ومنها ما يشمل حتّى الإقامة الدّاخليّة.
موقع صوت الهضاب زار أحد هذه المراكز المتفرّع عن مستوصف كيسال بمقاطعة الميناء وهي في ضواحي انواكشوط الّتي يطغى عليها التّهميش. ينشط هذا المركز بدعم يقدّمه صندوق الأمم المتّحدة لرعاية الطّفولة لفائدة منظّمة ' أرض الرّجال '.
حسب مريم تيام، أخصّائيّة التّغذية بالمركز، هناك 26 ٱمرأة تتردّد أسبوعيّا لتلقّي العلاج لأبنائهنّ المصابين بسوء التّغذية. تقول: " نحن نقدّم لهم الأغذية الصحّيّة (حليب، فيتامينات، أغذية غنيّة، الخ.) وكذلك أدوية في بعض الأحيان " .
كلّ أربعاء هو يوم العيادة الأسبوعيّة. القاعة ملآى بالزوّار وصراخ الأطفال يغطّي على كلّ شيء. تأتي الأمّهات لحضور حصص تأهيل في التّربية الغذائيّة يقدّمها مختصّون يتحدّثون عن النّظافة وأهمّيّة الرّضاعة خلال الستّة أشهر الأولى وكذلك بعض العادات في التّغذية.
وتشتكي أخبارها والدة عبد الرّحمان (تسعة أشهر) من أنّها لم تستطع العناية بصغيرها الّذي أظهر الكشف أنّه مصاب بسوء التّغذية. وقد فقدت أخبارها ٱبنتها البكر منذ بضعة أشهر. فمن الواضح أنّ هذه العائلات لا تتمكّن من التّمتّع بالرّعاية الصحّيّة الكاملة الّتي يوفّرها المركز نظرا لٱضطرارها للتّنقّل بحثا عن الغذاء لماشيتها. فمتابعة الماشية مثّلت عقبة كأداء حالت دون التّمتّع بالرّعاية الصحّيّة المستمرّة الّتي تتطلّب الٱستقرار.
ويوضّح الطبيب عبد اللّه بوبكّر، المسؤول على المركز الٱستشفائي بقِيرُو (ولاية لعصابة على بعد 600 كم من انوكشط ) كيف أنّ العائلات لا يمكنها أن تبقى مع أطفالها أكثر من أربعة أيّام بمكان العلاج ممّا ٱضطرّ المنظّمات الرّاعية لتوفير منح تعويضيّة لتشجيع العائلات على البقاء حتّى تقدّم أبنائها في الشّفاء.
أمّا في منطقة تاقنت، في وسط موريتانيا، فإنّ المنظّمة الموريتانيّة لمساعدة المرضى المحتاجين هي الّتي تساعد في برنامج مقاومة سوء التّغذية وقد ٱعتمدت آليتين في العلاج تقوم الأولى على دعم المراكز الصحّيّة بالمقاطعات الثّلاث لتاقنت في حين تعتمد الآليّة الثانية على المراكز الصحّيّة المتنقّلة بحيث هناك فريق طبّي متنقّل في كلّ مقاطعة.
ورغما عن نقص الإمكانيّات المادّيّة في مقاومة مرض سوء التّغذية، فإنّ الرّعاية الصحّيّة بدأت تُعطي أُكْلها بحيث أنّ 80 ٪ من المراكز الصحّيّة تهتمّ اليوم بمعالجة سوء التّغذية في حين أنّ هذه النّسبة كانت في حدود 46٪ في 2012 حسب اليزابت زانو مسؤولة صندوق الأمم المتّحدة لرعاية الطّفولة في موريتانيا .
-dune voices