فيما لم ترد حكومة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز حتى يوم أمس على الاتهامات التي وجهتها المعارضة، بخصوص سعي الأغلبية لتنظيم حوارجزئي يقتصر على معارضة الوسط، جددت شخصيات سياسية ومرجعية موريتانية الدعوة لأطراف المشهد لإزاحة ما يعترض الحوار الجاد والشامل من عراقيل ومعيقات.
وتتزامن هذه الدعوة مع حالة ارتباك عامة ناجمة، من ناحية عن انقطاع التواصل بين الموالاة والمعارضة المتشددة، ومن ناحية أخرى عن أخبار متداولة مفادها أن الحكومة متوجهة بعد عيد الفطر لإطلاق حوار مختصر على معارضة الوسط وعلى من حضر من الأطراف المعتدلة الأخرى.
وممن جدد الدعوة لإطلاق الحوار رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير الذي أكد في خطاب موجه لشباب حزبه أمس «على ضرورة إنهاء حالة القطيعة بين المعارضة والموالاة، للتمكن من إنهاء الأزمة السياسية الخانقة التي تشهدها البلاد»، حسب تعبيره.
وأعرب ولد بلخير الذي يعود له الفضل، حسب تأكيداته، في إقناع الجميع بالتحاور، وبخاصة رئيس الدولة، عن «أسفه لفشل طرفي المشهد السياسي في المعارضة والموالاة في تحقيق الحوار».
وكان المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة أبرز أقطاب المعارضة الوطنية قد أصدر قبل أيام بيانا «شديد اللهجة» حول الحوار السياسي: مساره ومعوقاته وآفاقه، متهما الموالاة بما سماه «عدم الجدية» وAالسعي لتنظيم حوار جزئي مع بعض أطراف المعارضة «ما أحال للأذهان تخوف المنتدى من إمكانية تنظيم النسخة الثانية من حوار الموالاة والمعاهدة من أجل التناوب الديمقراطي الذي التأمت نسخته الأولى أواخر سنة 2011.
واعتبر الكاتب السفير المختار ولد داهي، خبير تقييم السياسات العمومية، في مقال نشره أمس تحت عنوان «الحوار جُنة «، «أن بيان المنتدى هو أول كبوة علنية للحوار»، داعيا «كل الموريتانيين المؤمنين بأن الحوار، بلغة رمضان المبارك الذي نتهيأ لشد مئزر عشره الأواخر، جُنًة ( وقاية) من جميع مخاطر التجاذب والاستقطاب غير الرشيد على السلطة خصوصا في هذا الزمن العربي شديد ضبابية الحاضر والمستقبل».
وقال «يتعين على الجميع أن يبذلوا كل الجهد ويقدموا كامل التضحية من أجل تصحيح الموقف وتنظيم حوار سياسي جامع محصور الموضوع موطأ الآليات يفضي إلى توافق وطني عاصم».
وأكد السفير داهي في تحليله، أن «أخشى ما يخشاه هو أن يستغرق السياسيون موالاة ومعارضة في معارك التجاذب والاستقطاب والحدية وشد الحبل السياسي وعدم الأخذ بالتدرج والطموح المفرط في إرادة خلق جزيرة ديمقراطية بيضاء مثالية في بحر موجه متلاطم من التفجيرات و»العصبيات» والإعدامات و»إعلان الطوارئ»….
وأضاف قائلا «.. حتى إذا طال أمد الحدية والتجاذب استنزف الجسم السياسي الوطني وترهل ثم تسلل أعداء الديمقراطية من دعاة العنصرية والتطرف الديني والشرائحية والمناطقية إلى منصة المشهد الوطني ساعتها سيذكر»غلاة الحوار» ما كنا وما كان يمكن أن نكون فيه من نعم الديمقراطية والأمن والتنمية والاستقرار».
وأرجع السفير داهي في تحليله أسباب كبوة الحوار لعدة عوامل منها «الطول الممل والمحبط لفترة «التمهيد» و»التسخين»، حيث مضت شهور مديدة على دعوة رئيس الجمهورية إلى حوار سياسي جامع واستجابة المعارضة بجناحيها لتلك الدعوة، وما تلا ذلك من تبادل العديد من أوراق العمل وعقد الكثير من اللقاءات العلنية والسرية، الرسمية والمجاملاتية، ابتغاء الاتفاق على شكل ومضمون «بطاقات دخول الحوار» أو ما سمي «ممهدات الحوار».
ومن الأسباب التي حددها «تقاعس الأحزاب الكبرى» بمنتدى المعارضة عن ريادة ملف الحوار حيث لاحظ المراقبون خلال ما فات من «المسار شبه الضائع» للحوار تقاعس الأحزاب الكبرى في المنتدى حسب معايير أقدمية التأسيس وحجم الموروث النضالي وماضي التمثيل البرلماني والبلدي ومستوي الامتداد الجماهيري عن ريادة ملف الحوار».
وتحدث السفير داهي عما سماه صخب وتشويش الجاهلين بالحوار» مؤكدا «أن بعض المراقبين يرجع كبوة الحوار وتعثره إلى صخب وتشويش فئة قليلة العدد كثيرة الحركة جهورية الصوت من الموالاة والمعارضة تعادي الحوار وتضع العصي في دواليبه لأنها ببساطة تجهل فوائده ومضار غيابه وتغييبه ومن جهل شيئا عاداه».
وشدد في آخر تحليله على «أنه على جميع الموريتانيين الحادبين على وطنهم أن لا يقبلوا بفشل الحوار السياسي ولا بتحييده عن حجمه وأهدافه تهويلا أو تهوينا تضخيما أو تبخيسا… مقدرين حجم وحساسية ما سماه السفير «اللحظة العربية والإسلامية والإقليمية».
القدس العربي