يحتدم حاليا في موريتانيا، عبر شبكات التواصل، جدل لا يخلو من الطرافة حول المفاضلة بين «كسكس» و«العيش» أعرق وجبتين في موريتانيا، فيما يكمم شهر الصيام أفواه الجميع.
وتعد نساء المناطق الشمالية الموريتانية وجبة الكسكس من طحين القمح حيث يقمن ببرم الطحين المرشوش حتى يتكور على شكل حبيبات ثم يصب عليه بعد إنضاجه بالبخار مرق اللحم والخضار، أما وجبة العيش فهي عجين طحين الدخن وتعده نساء المناطق الجنوبية بدلكه حتى ينضج على شكل عصيدة يصب عليه الحليب.
وتشكل الوجبتان مادة مزاح بين سكان الشمال والجنوب حيث يعير سكان الشمال بحرارة الطبع لكونهم يتغذون على «الكسكس» الحار، بينما يمتدح سكان الجنوب أنفسهم بطباعهم الباردة التي اكتسبوها من التغذي على عصيدة « العيش» الباردة.
كانت هذه المعايرات مضافة للمفاضلة بين «كسكس» و»العيش»، مادة الجدل المحتدم في موريتانيا منذ أيام عبر تعليقات وتغريدات المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولم يقتصر الجدل على المفاضلة بين الوجبتين بل تجاوزها نحو السياسة حيث شارك عدد من كبار الساسة ورجال الأدب في الجدل حسبما رصده موقع 28 نوفمبر الموريتاني المستقل.
في هذا الإطار اتهم بعض كساكسة الشمال في إدراجات لهم عشاق «العيش» بالدعوة إلى تعديل الدستور من أجل السماح للرئيس بمأموريات أربع، وهي التهمة التي رد عليها أنصار العيش بأنها مسبوقة بإلحاح أهل الشمال على تحويل موريتانيا إلى مملكة.
يقول الدكتور الشيخ سيدي عبد الله أستاذ الأدب والإعلامي البارز مساهما في الجدال حول «كسكس» و»العيش»، «لا أجد في الصراع الأبدي بين الكسكس والعيش من ينافس أهل القبلة (الجنوب) في براعة اختراع العيش وملكيته .. لكنني أجد تنافسا محموما بين أهل الشرق وأهل آدرار (الشمال) في ملكية «الكسكس» والسبق إليه .. فأي الجهتين في نظركم أسبق إلى التّكَسْكُسِ؟.. شخصيا كنت وما زلت أعتبر الكسكس وجبة شرقاوية بامتياز».
ويعلق الشاعر الشيخ ولد بلعمش قائلا «بالنسبة لكسكس الجواب جاهز عندي .. وعموما نحن مع وحدة الشعوب الكسكسية وضد التجزئة … ها قد أنهكنا صراع العيش ونحن كتلة واحدة فكيف إن تفرقنا؟! … والله ناصر هذا الكسكس إلى يوم الدين إن شاء الله».
ويساهم المدون البارز محمد يحيى احريمو مضيفا «يبدو أن شعب كسكس العظيم يتعرض لمؤامرة من أجل إثارة الصراع فيما بينه، لكي ينشغل بالخلافات الداخلية على حساب موضوع « الفيش» ويجب الانتباه لهذه المؤامرة وندعو شعبنا العظيم للوحدة والتعالي عن الخلافات الداخلية والاهتمام بشأن الصراع مع المنافس الحقيقي المناهض للجميع» .
أما نقيب الأساتذة محمدن الرباني فيقول «لست من حزب العيش ولا خصومة بيني مع الكسكس وأتفرج عادة على الحرب الطاحنة بين حزبيهما غير أنني وجدت ميزة للعيش هيهات أن تحصل للكسكس، تلك المزية الفاصلة هي أنه يمكن لحزب العيش أن يدعي أن العرب أولعوا بالعيش وهاموا في الثناء عليه في حين لا ترى للكسكس ذكرا في أشعارهم.
ألم تسمعوا قول الشاعر ابن نباتة المصري: «وحبذا العيش والأيام مسعفة…».
ويساهم مدير إذاعة «التنوير» الحسن مولاي علي في الجدل قائلا: «لدي ملاحظتان، أدخل بهما هذا السجال الطريف؛ الأولى أن المقارنة غير عادلة، فالأستاذ يتحدث عن الشعر العربي، والعيش اسم عربي قح؛ أما الكسكس فلفظ أمازيغي عريق، فالأولى أن تبحث عن مجده في تراث القوم، أما الثانية فهي أن حــزبي العـيــش وكــســكس آيـــلان حتما إلى الكساد، بســبب عملية الإغراق التي تنتهجها السلطة، فخـلال أيام سوف ترون عشرات، وربما مئات الأحزاب المرخصة خصيصا لإغراق الحزبين الكبيرين؛ تماما كما وقع للتكتل والتحالف الشعبي.. وقريبا حزب «تواصل». طاب عيشكم جميعا… وكسكسكم».
«القدس العربي»