يوسف الشريف، بطل مسلسل "لعبة إبليس" حصل على المركز الأول في عدد كبير من الاستفتاءات الجماهيرية التي أجريت في مصر خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان مع انتهاء السباق الدرامي 2015.
CNN بالعربية كان لها لقاء مع الشريف قبيل سفره خارج مصر لقضاء إجازة طويلة تمتد حتى نهاية شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، بعد أن اطمأن على نجاح مسلسله الجديد.
بداية لماذا وقع اختيارك على فكرة مسلسل "لعبة إبليس" ولم تفكر في خوض تجربة جديدة بعيداً عن "التشويق" الذي سبق وقدمته خلال السنوات الثلاث الماضية؟
قد تكون فكرة المسلسل تعتمد بالفعل على التشويق، لكنها مختلفة عن فكرة "رقم مجهول"، و"اسم مؤقت" و"الصياد"، بل أستطيع القول إنه مختلف جدًا.
الاختلاف كان في التفاصيل وأسماء الشخصيات فقط لكن المسلسلات الأربعة يعتمد خطها الدرامي على "التشويق"؟
بل الاختلاف في طريقة التنفيذ، فإذا تحدثت مثلًا في تقنيات تنفيذ "رقم مجهول" ستجد أن بطل العمل له هدف واحد وخط درامي واحد، وهو الوصول إلى "من الفاعل؟"، أما فكرة "اسم مؤقت" كانت متطورة أكثر لأن العمل يدور في زمنين مختلفين، وفي المقابل تجد أن فكرة "الصياد" جاءت أكثر تطورًا لأن أحداثه تدور في ثلاثة أزمنة مختلفة وأكثر من خط درامي، وبناء عليه لا يمكن وصف "لعبة إبليس" بأنه يندرج تحت فئة "التشويق"، بل ينتمي لفئة يطلق عليها cat and mouse game أو "المطاردة المستمرة" بين بطل العمل والشخصيات الأخرى والعكس.
وما الفرق بين cat and mouse game والتشويق؟
في هذه الفئة لا يوجد لغز بشكل صريح، ويتم كتابتها بشكل عرضي، وطريقة تنفيذها مختلفة، فلا نستخدم مثلًا "كادرات" مظلمة، أو مشاهد دموية، أو موسيقى مُخيفة، أو خطوات أقدام غير معلوم صاحبها، بل نروي القصة بشكل واضح جدًا، لكن دائمًا ما تتغير الأحداث في كل حلقة، أي أن الاعتماد الكلي على الأحداث غير المتوقعة التي تغير مجريات الأمور، أضف إلى هذا الصراع المستمر دائماً بين كل شخصيات المسلسل بلا استثناء.
لكن طبيعة الجمهور تميل إلى الملل خاصة إذا شعر أن الفنان الذي يتابع أعماله يقدم النوعية نفسها كل عام، ألم يسبب هذا التوجه داخلك أي نوع من القلق؟
المواضيع مختلفة تماماً، وحتى لو تعاملنا مع "لعبة إبليس" باعتباره مسلسلاً تشويقياً، فهذه الفئة تتميز بإمكانية تقديمها بأكثر من طريقة وشكل، لذا لم أشعر بأي قلق، بل على العكس، كنت واثقاً من "الحبكة الدرامية" للعمل، ووصلتني بالفعل ردود فعل جيدة جداً من الجمهور بعد عرض الحلقات الأولى تؤكد عدم صحة هذا الرأي، لدرجة أن بعض المشاهدين وقعوا في حيرة لأن العمل لا يوجد فيه أي لغز يحتاج إلى حل كما ذكرت لك، فقط صراع دائم بين كل الشخصيات ولا أحد يعرف من سينتصر في النهاية.
هل أفهم من إجابتك أنك ستستمر في تقديم هذه النوعية خلال السنوات المقبلة ولن تقدم أعمالًا رومانسية أو اجتماعية؟
لا يحكمني في الاختيار نوع العمل بقدر جودته، ولا أفكر بطريقة الجدول، أي أقدم هذا العام فكرة رومانسية، ثم اجتماعية، بل أفضل الترحيب بأي عمل جيد أياً كان، ولكن في الوقت نفسه ستجد مثلًا أن أعمالي تتطرق بشكل أو بآخر إلى قضايا هامة مثل "اسم مؤقت" الذي احتوى على شق سياسي، و"لعبة إبليس" الذي تضمن قصص زواج وطلاق وخلاف على ميراث ومشاكل اجتماعية، لكن في النهاية جودة العمل هي الأساس، لذا لو عرض عليّ 100 مسلسل فكرتها جيدة تقوم على التشويق، سأنفذها.
وأضاف مبتسماً: النوع الوحيد الذي أستبعد تنفيذه هو العمل الكوميدي، لأنني أشعر أن "دمي تقيل" ولا أستطيع اضحكاك الجمهور، خاصة أنني أعلم أن رسم الابتسامة على وجه الجمهور ليست مسألة سهلة، بل أراها صعبة جدًا.
ألا ترى أن هذا رهانًا قد تخسره؟
أراهن دائماً على وعي المشاهد، خاصة أن بعض الجهات المنوط بها إنتاج مسلسل "رقم مجهول" عام 2012، نصحتني بالابتعاد عن هذه الفكرة لأنها لن تلق استحسان لدى المشاهد المصري أو العربي الذي يفضل المسلسلات الاجتماعية، وتفضل البطل الذي يظهر بشكل ملائكي، لكن رهاني على الجمهور كان صحيحًا وحقق المسلسل نجاحًا كبيرًا، أما فيما يخص "لعبة إبليس"، فلا أعتقد أن هناك عمل تم تقديمه في مصر بهذه الطريقة من قبل، حتى في هوليوود أعتقد أن هذه الطريقة لم تقدم سوى فيItalian Job، وNow You See Me، وOcean Eleven.
هل تعتقد أن شخصيات المسلسل هي صورة مصغرة للمجتمع المصري حاليًا بكل خلافاته ومشاكله بين أطيافه؟
أبداً، ولا أي مجتمع، هذه "التيمة" بها كثير من "الفانتازيا" والتهور في الأحداث، أي أنها لا تستعرض القصة بشكل واقعي، لذلك ستجد أن الحدث الواحد لا يتم إبرازه بكل تفاصيله، بل تعتمد على استعراض سريع للحدث قبل الانتقال للحدث التالي، وللسبب نفسه لن تجد مشاهد تفصيلية لتحقيق شرطة مطول في الجرائم التي ترتكب، أو تفاصيل المحاكمات، لكن بالطبع هناك إسقاطات كثيرة في المسلسل ورمزية بعض الشيء ومعاني بين الأحداث، لكن لا يمكن أن يكون هذا هو النموذج المصغر للمجتمع المصري.
لكل شخصية في المسلسل ملف أسود فيه الكثير من الفضائح والأسرار، هل تعتقد أن لكل إنسان ملف أسود يمكن أن يستغله شخص ما ضد أي منا إذا ما استحوذ عليه؟
الشيطان هو الذي يفكر بهذه الطريقة، ودائماً ما يبحث عن نقطة ضعف كل إنسان لتكون الباب الذي سيدخل منه للخطيئة، أي أن الملف الأسود للإنسان بالنسبة للشيطان هو نقطة الضعف، فهناك من يضعف أمام الأموال، وآخر يضعف أمام الغريزة الجنسية، وما أن يتمكن الشيطان من هذا الملف الأسود يبدأ مهمته، وإذا نظرنا لقصة المسلسل من منظور الشيطان، فستكون الإجابة نعم بالطبع، لأن الشيطان هو الذي يفكر بهذه الطريقة باستمرار.
قدمت الألعاب السحرية بطريقة محترفة، هل تدربت عليها أم اعتمدت على "المونتاج" لتخرج بهذا الشكل؟
تدربت على 90 في المائة تقريبًا من الألعاب التي قدمتها على المسرح.
ومن أين استوحيت طريقة الوقوف على المسرح أم أنها كانت توجيهات المخرج؟
تدربت أيضاً عليها بعد أن وجدت أن هناك طريقتين يستخدمها السحرة في الوقوف على المسرح، الأولى تعتمد على الابتسامة والحركات الكوميدية، والثانية تعتمد على التشويق والإضاءة الخافتة والعيون الضيقة أثناء تنفيذ لعبة ما، واستقريت في النهاية على الطريقة الثانية لأنها تتماشى مع أحداث المسلسل.
ومن تولى تدريبك؟
استعنت بعدد كبير في الحقيقة، لكن في البداية اجتهدت وقرأت كثيراً عن الألعاب السحرية، ثم توجهت إلى إسبانيا وتلقيت دروساً من ساحر إسباني هام جداً ومعروف يقدم عروضاً في "لاس فيغاس" بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم بدأت أتعلم أشكالاً أخرى من السحر عن طريق ساحر يقدم عروضاً في الشارع، وآخر يقدم عروضه على مسارح المدارس، وأخيراً ساحر لبناني معروف أيضًا يقدم عروضه على مسارح كبيرة، وكان هذا متعمداً حتى أتعلم أكثر من لعبة بأكثر من طريقة، وفي الحقيقة شخصية "آدم" أرهقتني جدًا وبذلت فيها مجهوداً كبيراً.
لماذا تعاونت مع عمرو سمير عاطف للمرة الثالثة؟
عمرو كاتب متميز جداً، ومتابع لكل الأعمال التي تعرض حول العالم، والمشكلة أن البعض لا يدرك الفرق بين المتابعة والاقتباس، رغم أن الفرق كبير وغاية في الأهمية. عمرو مؤلف مدرك لتفاصيل قصته ويسردها بشكل صحيح ومتميز في هذه المنطقة، لكن وفي الوقت نفسه، سبق وتعاونت مع أكثر من مؤلف الفترة الماضية، مثل محمد ناير في “المواطن إكس″، وكان مسلسلاً جيداً جداً، ومحمد سليمان عبدالمالك في “اسم مؤقت”، وكان جيداً جداً أيضاً.
إذا كان هذا رأيك في “عمرو” كيف تفسر إعلانه بعدم تعاونه معك مرة أخرى بعد “لعبة إبليس″؟
في الحقيقة تعجبت جداً من هذا الإعلان، وعندما تواصلت معه هاتفياً فوجئت به يضحك ويقول كلام غريب جداً، مثل: “التغيير مطلوب”، لكنني لم أهتم.
هناك رواية تقول إن قراره بعدم تعاونه معك مرة أخرى يعود إلى خلاف وقع بينكما مؤخرًا؟
أبداً، والدليل أنه أرسل لي مؤخراً قصة فيلم وطلب مني الاطلاع عليها، لكن للأسف لم أجد الوقت لذلك لأنني كنت مشغولاً في تصوير المسلسل.
عفواً لكنه أكد لي أن خلافاً وقع بينكما بالفعل لكن تم احتوائه منذ أيام؟
لم يحدث، لم يحدث.
بعيداً عن “عمرو” هل كانت هناك مناقشات مع زوجتك إنجي علاء كاتبة القصة حول تفاصيل العمل أثناء مرحلة الكتابة أم تركت لها حرية التصرف الكاملة؟
اقترحت عليها بعض الأفكار، وتركت لها حرية اختيار ما تراه مناسباً، لكنني لم أتدخل في أي تفاصيل تخص الكتابة.
هل تقصد أنك تعاملت معها باعتبارها كاتبة محترفة وتناسيت أنها زوجتك رغم أن المسلسل عملها الأول؟
بالضبط، لأنني وجدت أن هذا أفضل لي ولها ولصالح العمل، حتى ينجح كل منا في مهمته.
لماذا ظهرت كل شخصيات العمل متآمرة وأنانية وعلى استعداد لإبعاد أي شخص من حياتها في سبيل تحقيق أهدافها دون وجود خط درامي لشخصية “ملائكية” تنقذ الجميع كما يحدث في معظم الأعمال؟
أعتقد أن هذه حرفية من إنجي، ومنتهى الحرفية من عمرو، لأنهما نجحا في صنع حلبة مصارعة يتنافس فيها عدد كبير جداً من المصارعين، يحمل كل منهم سلاحاً قوياً يشهره في وجه غريمه، وهنا أتذكر أحد عناوين الصحف التي اختصرت أحداث المسلسل في جملة “كله بيلعب على كله”، وهذه بالفعل هي “التيمة” التي كنا نريد الوصول لها لكن دون أن يشعر المشاهد بالملل، لذا أوجه تحية إلى إنجي رغم أن شهادتي فيها مجروحة، وأوجه تحية بالطبع إلى عمرو، خاصة أن ما ظهر على الشاشة هو ما كنت أتمناه منذ بدء كتابة الحلقات الأولى.
أشدت كثيراً بالفنان محمد رياض وبإجادته في تجسيد شخصيته في المسلسل كما أثنى عدد كبير من النقاد بنجاحه ألم تفكر في السبب الذي جعله يتفوق في تقديم تلك الشخصية بشكل لم يتكرر من قبل في أعماله السابقة؟
لا أستطيع مقارنة “لعبة إبلبيس″ بأعماله السابقة لأنني لم أتابعها كلها للأسف، لكن أستطيع أن أقول إن وجوده في العمل من أحد عوامل النجاح، فهو نجم مكتمل، ولديه كاريزما، وبعيداً عن العمل فهو إنسان خلوق، وأنا سعيد بوجوده في المسلسل.
هناك خطاً درامياً رئيسياً داخل أحداث المسلسل للاستحواذ على القناة الفضائية التي يمتلكها “سليم”، هل تعتقد أن الصراع الآن في مصر يدور حول الاستحواذ على الإعلام؟
هناك بالطبع إسقاط عبقري في فكرة الساحر الذي يستخدم ألعابة لخداع الناس، ورغم ذلك تجد الجمهور يقطع تذكرة لمشاهدة أشياء هو يعلم أنها غير حقيقية، وكأن الجمهور يفضل ويحب من يكذب عليه، والدليل أننا لو افترضنا مثلًا أن هذا الساحر شرح للجمهور سر ألعابه سنجد أن الكل يعزف عن مشاهدته، لذا أؤكد أن المسلسل ليس الغرض منه الإساءة لمؤسسة الإعلام في مصر، تماماً كما لم يكن الغرض من مسلسل “الصياد” توجيه أي اتهام لوزارة الداخلية، وأتمنى ألا يحمل البعض أي عمل فني أكثر مما يحتمل لأنه في النهاية عمل درامي، ولو استخدمنا هذه الطريقة لن نجد أي أفكار.
نعم أتفهم وجهة نظرك فيما يخص عدم انتقادك لمؤسسة الإعلام، لكنك لم تجب عما يخص وجود صراع للاستحواذ عليه في مصر من عدمه؟
الإعلام هو أخطر سلاح في العالم أجمع وليس في مصر فقط، ومصر أهم وأقوى دولة في المنطقة، لذلك الإعلام المصري له مردود قوي جدًا، أما فيما يخص الصراع للاستحواذ على الإعلام في مصر تحديداً فهو صراع موجود في كل دول العالم وليس في مصر فقط كما ذكرت.
اتخذت منذ عدة سنوات قراراً بعدم احتواء أعمالك على أي لفظ غير لائق ومؤخراً انتقد السيسي بعض الأعمال الدرامية التي احتوت على مفردات خارجة كيف ترى ذلك؟
هناك فرق بين اتخاذي لقرار ومحاولة تنفيذه والالتزام به في أعمالي، وبين فرضه على الناس لتطبيقه، لكنني أرى في النهاية أنني اتخذت القرار الصحيح، أما فيما يخص تصريحات الرئيس السيسي، فقد لمست قمة الإيجابية في تعليقه واهتمامه بالدراما المصرية، لأن ذلك يشير بما لا يدع مجالاً للشك بوعيه بخطورة تأثير المواد الإعلامية بشكل عام على الجمهور وليس الأعمال الدرامية فقط، كما توضح تصريحاته اهتمامه وحرصه على تنفيذ الأعمال الدرامية بشكل جيد ومناسب حتى لا نخدش حياء البيوت المصرية ويكون لدينا أجيالًا سوية، وأنا شخصياً أرى منذ سنوات أن مثل هذه الأعمال تتضمن خطراً كبيراً على الأطفال، لذا أحترم وأقدر تصريحات الرئيس السيسي فيما يخص الدراما، وأؤيدها.
هل تعتقد أن صناع الدراما سيفكرون أكثر من مرة في اختيار أعمالهم المقبلة بعد تلك الانتقادات؟
بالتأكيد، ولن يكون هذا من منطلق الخوف، ولكن من منطلق “الفوقان”، لأن تصريحات السيسي سيكون لها ردود فعل.
وما رأيك في انتقاد البعض لتلك التصريحات ووصفها بأنها تدخل في حرية الفكر والإبداع؟
لا أؤيدهم بالطبع، بل على العكس، أؤيد كل من يطالب باحترام المشاهد ومنع الألفاظ الخارجة وأقف في صفه تماماً قلباً وقالباً، خاصة أنني لا أرى أن تلك الألفاظ لها أي علاقة بالفن أو الإبداع، “ده مش إبداع″، لذلك أؤيد الرئيس السيسي في انتقاداته تماماً.
بما أنا ذكرنا السيسي ما تقييمك لأدائه بعد عام من توليه السلطة؟
أتمنى أن يوفقه الله لأن الموضوع ليس سهلاً.
كمواطن مصري ما الطريقة الأمثل من وجهة نظرك لتعامل النظام مع العمليات الإرهابية الأخيرة في سيناء والقاهرة وكيف ترى تأثيرها؟
الإرهاب “سلاح خسيس″ قد يصل إلى أي دولة في العالم، وعندما يضرب الإرهاب دولة ما هذا لا يدل على أن هذه الدولة ضعيفة، بل على العكس، أرى أن الدولة تواجه الإرهاب بشكل محترم جداً، بدليل أن النظام لم يهتز والكيان ثابت رغم أن بعض الضربات ليست سهلة على الإطلاق، وفي النهاية الإرهاب ممكن أن يصل إلى أي بقعة في العالم.