في مشهد "استعراضي" نظم ما يسمى المنتدى مؤتمرا صحفيا بمناسبة ذكرى انقلاب الـ6 أغسطس تحدث فيه عن ما سماه التجاوزات التي ارتكبها النظام الحالي منذ وصوله سدة الحكم، راسما صورة قاتمة للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، إلى درجة شبه فيها حركة التصحيح بكارثة هيروشيما اليابانية، في قفز مفضوح على الوقائع، وتنكر لما تحدد من مكاسب ومكابرة لاحدود لها.
يقول بيان المنتدى " في مثل هذا اليوم من سنة 2008، انقض الإنقلابي محمد ولد عبد العزيز على إرادة الشعب الموريتاني، كردة فعل بعد أن تمت إقالته، واندفع بعدها، منذ اللحظات الأولى لانقلابه المشؤوم، لا يلوي على شيء، قصد الاستحواذ على جميع مقدرات البلد، الشيء الذي كشف مستوى حبه هو ومحيطه القريب للمال وللثروة وسعيهما الحثيث من أجل تكديسهما، بكل الوسائل وبأسرع طريقة ممكنة.
وبعد أن سلك طرائق قددا في جمع المال، خالطته فترة من الزمن بعصابات تبييض الأموال- حسب اعترافاته هو، وبعصابات تهريب المخدرات- حسب اتهامات البعض، مستندين على عفوه عن بعض بارونات المخدرات، لأسباب مريبة." انتهى الاستشهاد.
إن على منتدى الديمقراطية والوحدة إن كان ديمقراطيا فعلا أن يجانب الحقائق ويتجاهل الواقع المعاش، وأن يخاطب الرأي العام بلغة الأرقام بعيدا عن الخطابات الإنشائية التي لا تقنع حتى أولئك الذين يكتبونها بأمعائهم.
ما من شك في أن البيان الصادر عن المنتدى يلخص مستوى الإفلاس والانحطاط الفكري الذي وصل إليه، وهو ينم عن مرحلة متقدمة من الخرف السياسي، ستؤدي بالمنتدى إلى دور الحضانة أو الحجر الصحي، وقد لا نجانب الصواب إذا قلنا إن بيان الـ6 أغسطس هذا قد يكون البيان الأخير، لاريب في ذلك.
فمنذ سنوات أظهر هذا الكشكول السياسي الذي يحمل بذور فنائه داخله أنه عاجز عن استعياب لغة العصر وفهم متطلبات المرحلة الراهنة، وبات يتحدث في أمور لا تمت بصلة لما عليه واقع الحال وما ينبغي أن يكون عليه. خاصة مع تنامي شعبية ولد عبد العزيز بفعل تنفيذ المشاريع التنموية العملاقة وضبط الأمن وتأمين الحدود، وتوسيع هامش الحريات الفردية والجماعية.
فبعد إفلاس منظومة "الرحيل" والتهافت المفضوح على المغانم في نيابيات 2013 لم يجد المنتدى بدا من فتح أبوابه أمام مؤولي المنظمات غير الحكومية، والنقابات والشخصيات المستقلة، لتزداد دائرة الصراعات داخله اتساعا، ولتتباين مواقفه أكثر ، وتتعمق الشروخ في جسده المنهك أصلا بسبب عقود من "النضال" لم تثمر سوى الخيبة والانتكاسات المتتالية. ولايمكن تفسير مضامين هذا البيان الأخير بعيدا عن تشخيص هذه الحالة المرضية المزمنة التي باتت سمة ملازمة لهذا الهيكل المتهاوي.
إن الرأي العام الوطني بات على قناعة تامة بأن خطاب المنتدى أفلس، وإن شعاره الطوباوي انتكس، وحاضره السياسي ارتكس.
وتلك حقيقة قد تكون مرة في آذان السامعين لكنها الواقع.
سيدي محمد ولد بوجرانه