الإمارات تجتذب «لاجئي» سوريا الميسورين

ثلاثاء, 2014-06-10 11:18

 بعيدا عن النزاع الدامي المستمر في بلدهم، أعاد سوريون ميسورو الحال بناء أجزاء من وطنهم واُسلوب حياتهم في الإمارات، فهنا مطعم يستعيد أجواء سوق الحميدية، وهناك متجر حلويات تقليدية، والعشرات من المشاريع الإستثمارية او فروع لمطاعم موجودة في سوريا.
ففي مطعم «سوق الحميدية »رجال ونساء يدخنون الشيشة ويلعبون الطاولة، او يسكبون الشاي من الأباريق النحاسية. هذه أجواء دمشق القديمة، لكن موقعها هو منطقة مرسى دبي الراقية على ساحل دبي.
وقال وليد ايوب، وهو احد زبائن المطعم، ان «هذا المطعم يجذبنا لانه يشعرنا باننا في دمشق«. وأضاف «ان المكان يقربنا من سوريا »التي تشهد نزاعا اهليا داميا كان بدأ عام 2011 بإحتجاجات سلمية.
ومطعم سوق الحميدية يستعيد بهندسته الداخلية السوق المسقوف والكراسي الخشبية والطاولات المزخرفة بالصدف، وهو واحد من عدة مطاعم سوريةمشابهة إنتشرت في الإمارات في السنوات الثلاث الاخيرة.
وقال مالك المطعم حازم خياط، الذي وصل إلى دبي قبل سنة، ان الزبائن يؤكدون له انهم يأتون إليه «لكي يتنشقوا رائحة دمشق«.
وافتتحت مطاعم معروفة في سوريا فروعا لها في الامارات، خصوصا خلال السنة الاخيرة، وهي تستقطب «اللاجئين »السوريين الميسورين الذين تعد الإمارات ودبي خصوصا، وجهتهم المفضلة.
وبات من الشائع في الامارات رؤية سيارات فخمة تحمل لوحات تسجيل سورية في الشوارع. وفي الواقع، من الصعب جدا بالنسبة للسوريين الفقراء ان يقيموا في الامارات بسبب إرتفاع كلفة المعيشة وصعوبة الحصول على إقامة.
وقد تصل كلفة الاقامة لسنتين في الامارات إلى ثلاثين الف درهم (8168 دولار)، وهي مشروطة بالحصول على كفيل، وذلك بحسب سكان سوريين.
وعلى عكس مئات الآلاف السوريين الذي لجأوا إلى الدول المجاورة لسوريا مثل لبنان والاردن وتركيا، حيث يقيمون خصوصا في مخيمات للاجئين، يبدو السوريون في الإمارات وكأنهم يتمتعون بمستوى حياة جيد حيث يتسوقون في المراكز التجارية ويمضون وقتا في المقاهي والمطاعم.
وقد قام بعض السوريين بفتح مشاريع تجارية خاصة بهم.
وفي إمارة الشارقة تنتشر على جانبي طرقات رئيسية لافتات لمحلات سورية تحمل اسماء مثل «مخبز الشام »و«زيتون الشام »و«سهل الزبداني »في إشارة إلى المدينة القريبة من دمشق والتي يسيطر مقاتلو المعارضة على اجزاء منها.
ومن بين المتاجر السورية في الإمارة، محلات نبيل نفيسة للحلويات، وهو من اشهر متاجر الحلويات في العاصمة السورية.
وقال مدير الفرع عبدالهادي نفيسة «مع تردي الأوضاع الامنية في سوريا وفي ظل تنامي أعداد السوريين هنا منذ العام 2011، قررنا ان نفتح فرعا في الشارقة«.
واغلقت سلسلة محلات نفيسة عدة فروع في سوريا خصوصا الفروع الواقعة «في المناطق الساخنة وفي ريف »دمشق. وما زالت محلات نفيسة مفتوحة داخل العاصمة السورية.
وفيما تشتهر محلات نفيسة في دمشق بطوابير الزبائن القادمين لتذوق الكنافة الشهيرة، يبدو المحل في الشارقة هادئا.
وقال عبدالهادي نفيسة ان الحصول على المكونات نفسها المستخدمة في سوريا كان صعبا، وكان لا بد من اجراء بعض التعديلات على بعض الوصفات.
وقال احد الزبائن السعداء بإفتتاح فرع للمتجر الدمشقي في الشارقة «اشعر انه بات لدينا قطعة من الوطن … نفيسة هو من اول المحلات التي نفكر بزيارتها في دمشق«.
وعلى بعد كيلومترات قليلة، فتح رجل الأعمال أنس مستت فرعا لمطعم «طربوش »الذي كان من اشهر المطاعم في مدينة حلب التي دمرها النزاع. وتختلط روائح الكباب الحلبي مع اللهجة الحلبية في هذا المطعم لدرجة يخيل للزائر انه ليس في الشارقة بل في حلب.
وعندما وصل مستت إلى الامارات مع عائلته لم يكن يفكر بالأعمال قط. ولكنه يقول انه «مع استمرار النزاع فتحنا فرعا للمطعم هنا »للحصول على مدخول.
وبينما تجري أعمال عدد كبير من السوريين بشكل جيد في الامارات، إلا انهم «خسروا الكثير »كما يقول محمد إدلبي، مؤسس مبادرة دوبارة التي تسعى إلى مد الجسور بين رجال الاعمال السوريين الذين غادروا سوريا بعد بدء النزاع.
وقال ان السوريين ليس لديهم معرفة كافية بالسوق الاماراتية وبقوانينها التجارية فيما تشكل كلفة المعيشة المرتفعة عقبة إضافية امامهم.
وبحسب إدلبي فإن «الإستثمار في دبي مغامرة كبيرة بالنسبة للسوريين وهي ليست مغامرة جيدة دائما«. وأضاف ان «نصف الميسورين السوريين الذين قدموا إلى الإمارات باتوا الان في الطبقة الوسطى بعد ان أنفقوا مدخراتهم في إستثمارات فاشلة او على تكاليف الحياة«.
اما مستت، الذي يقر بانه من الذين خسروا ماديا، فيؤكد انه سيعود «بالتاكيد »إلى سوريا اذا ما تحسنت الاوضاع، الا انه لن يتخلى عن الفرع الذي افتتحه في الامارات.

القدس العربي