"الحزب الحاكم ينتقد المعارضة ويحملها المسؤولية عن توقف الحوار"
بعد حرب البيانات النارية التي تواصلت خلال الأشهر الأخيرة بين المعارضة الموريتانية والأغلبية الموالية للرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، بدأت أمس حرب المؤتمرات الصحافية بين الجانبين.
فقد عقدت أحزاب الأغلبية مؤتمرا صحافيا ردا على مؤتمر صحافي أخير للمعارضة أكد فيه الرئيس الدوري لأحزاب الموالاة عثمان الشيخ أبو المعالي «أن الهدف من اللقاء بالصحافيين هو تقديم حصيلة المرحلة التحضيرية من الحوار السياسي، خلال الفترة الماضية» مشيرا إلى أن «الأغلبية ابتعدت عن المؤتمرات الصحافية خلال الفترة الماضية حتى لا تشوش على مجريات الحوار».
خلال المؤتمر الصحافي هاجم سيدي محمد ولد محم رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، منتدى المعارضة وحمله المسؤولية الكاملة عن عرقلة الحوار وعن إيقافه».
وتحدث رئيس حزب الاتحاد بإسهاب عن المراحل التي مر بها التحضير للحوار مؤكدا «أن الأغلبية قدمت الكثير والكثير من التنازلات».
وقال «إن الرئيس محمد ولد عبدالعزيز قدم أكثر تنازل عندما التزم بتطبيق نتائج الحوار السياسي، كما قدم تنازلات أخرى بينها تأجيل انتخابات تجديد ثلث مجلس الشيوخ، وتوجيه الوزير الأول رسالة رسمية إلى قادة المنتدى تتضمن الدعوة للحوار».
وتحدث ولد محم عن تنازلات أخرى قدمتها الموالاة بينها «تغاضيها» عن ضعف مستوى تمثيل المنتدى في الجلسات التحضيرية بالمقارنة مع وفد الأغلبية، والسكوت عن تسريب نتائج الجلسات التمهيدية للصحافة».
وقال «الحوار بالنسبة لنا في الأغلبية ليس موضوعا يتوقف، وسنظل نسعى لإقامة حوار بين كافة الموريتانيين بمختلف أطيافهم السياسية؛ من منطلق أننا أصلا نظام وليد الحوار، والمرجعية التي نعتمد عليها هي مرجعية اتفاق داكار، الذي تولدت عنه نتائج سياسية بين كافة الفرقاء الموريتانيين، أثمرت انتخابات بمقتضاها تتم إعادة البلد إلى الحياة الدستورية الطبيعية، وواصلنا بعد ذلك بالدفع نحو الحوار الدائم مع الطيف السياسي، لكن ظلت المشكلة دائما داخل المعارضة».
«وفي المرحلة الثانية بعد اتفاق داكار» يضيف رئيس حزب الاتحاد «دخلنا حوارا انقسمت فيه المعارضة أيضا من جديد، فبعضها رفض دخول الحوار أصلا، وبعضها دخل الحوار ولكنه لم يستمر فيه كثيرا، وقد جرت انتخابات بلدية وبرلمانية شاركت فيها بعض أحزاب المعارضة، وقاطعتها أخرى، وحاولنا فتح حوار ثالث قبيل الانتخابات الرئاسية، وكسابقيه، كانت المشكلة دائما داخل المعارضة، ولذلك فمنذ 2009 ظلت دعوات رئيس الجمهورية للحوار متكررة، فتستجيب بعض أحزاب المعارضة، وترفض أحزاب أخرى».
وقال «لقد دخلنا مع المعارضة خلال الأشهر الماضية في جولات جديدة، وكنا بالفعل جادين فيها، فبقدر ما كان تمثيل المعارضة فيها ضعيفا جدا، وبقدر ما كان تعاطيهم مضطربا جدا؛ كنا في الأغلبية جادين ومصرين على إطلاق حوار معهم، رغم البيانات التي صدرت على الفور من هذه الأحزاب تنتقد كل شيء، وأعلنت فيها هذه الأحزاب كل نقاط الحوار التي كان يفترض أن يكون بعضها سريا، ولا تناقش خارج قاعات الحوار، إلا أنها سربت كل شيء للصحافيين، حتى أن وفدهم اعتذر لنا عن ذلك، ومع ذلك تعاملنا معهم بكل مسؤولية وجدية».
وأضاف «يجب التذكير بأننا قبلنا أغلب النقاط المقدمة من طرف المعارضة، وقد أحلنا نقطتين إلى اللجان الفنية، وطلبنا تأجيل نقطة واحدة؛ هي النقطة المتعلقة بالحكومة التوافقية، حتى تكون على جدول أعمال الحوار، لا أن تكون من ممهداته، لكننا فوجئنا بأمور شكلية قدمتها المعارضة تتعلق بالردود المكتوبة على الوثائق، ونحن نعتقد أن كتابة المراحل التمهيدية للحوار غير ملزمة، ولا أهمية لها، وطرحها بهذا الشكل يوضح عدم جدية المعارضة في الحوار، ويؤكد أيضا أنها العقبة في وجه تقدمه».
ونفى ولد محم أن تكون الأغلبية قد اتفقت مع المنتدى على كتابة مجريات الحوار»، مشيرا إلى أن جميع المفاوضات التي جرت وتجري كل وقت على المستوى العالمي لم يكتب منها قط سوى محاضرها النهائية».
واعتبر رئيس حزب الاتحاد أن «وثيقة الممهدات التي قدمتها المعارضة كإجراءات حسن نية للدخول في الحوار، مجرد عراقيل هدفها إفشال الحوار وتحميل المسؤولية للأغلبية» لكن الأغلبية، يضيف ولد محم «تعاملت بتبصر مع وثيقة الممهدات، فقسمتها إلى موضوعات بينها ما ينص عليه القانون وبالتالي يمثل مطلبا للجميع، وبينها ما يدخل في صلب الحوار ويجب أن ينتظر به الدخول في الحوار».
ويأتي المؤتمر الصحافي الذي نظمته الأغلبية ردا على مؤتمر صحافي نظمته المعارضة قبل أيام بمناسبة الذكرى السابعة لانقلاب الثامن من أغسطس/آب الذي قلب فيه الرئيس الحالي سلفه المنتخب سيدي ولد الشيخ عبدالله.
وشنت المعارضة الموريتانية في ذلك المؤتمر هجوما على الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز واتهمته «بالاستحواذ على المال العام وبيع أملاك الدولة».
ويسعى الطرفان في المشهد السياسي الموريتاني عبر هذه المؤتمرات الصحافية، كل بطريقته الخاصة، لتبرئة نفسه من جرم توقف الحوار، حيث تشترط المعارضة كتابة محاضر موقعة لجلسات الحوار حتى لا يتنصل النظام من التزاماته فيها، وتعتبر الأغلبية أن اشتراط الكتابة عرقلة للحوار لا غير.
وتجمع المعارضة الموريتانية بجميع أطيافها على اشتراط الرد المكتوب من طرف الحكومة على جميع القضايا التي ستناقش في كافة مراحل الحوار المرتقب، وهو ما يبدو أن الطرف الحكومي يرفضه رفضا باتا.
على هامش هذا التراشق المحتدم بين الموالاة والمعارضة يجري نقاش كبير بين المدونين والمغردين الموريتانيين حول قضايا الحوار على صفحات التواصل.
ومن أبرز تدوينات هذا النقاش ما كتبه الإعلامي البارز المدون الشيخ سيدي عبدالله الذي عبر عن يأسه قائلا «.. كلمة (حوار) تعني أن هناك أرضية أو فضاء للتلاقي..أما عندما يتحول الأمر بين الطرفين إلى ميدان للتصعيد فلا معنى لاستخدام هذه الكلمة».
ثم تساءل المدون «كيف نتحدث عن الحوار في ظل انعدام التنازلات ومبادرات حسن النية؟.. وأي سياسة هذه التي تخجل فيها الموالاة والمعارضة أو تمتنع عن تبادل كلمات جاذبة للنفوس.. مؤلفة للقلوب؟». وأضاف «نحن لا نسمع منذ زمن طويل من الطرفين غير لعلعة الألسن وسياط الكلام والاتهام المتبادل والبحث عن التهم الأخلاقية والشخصية، السياسة ليست حربا هي أحيانا تكون نمطا من القدرة على احتواء …ولو بكلمة حسنة… إذن الجميع لا يفكر في موريتانيا.. الجميع لا يهمه الوطن».
على هذه التدوينة المؤثرة علق المدون سيدي محمد الحضرمي قائلا لقد تفاقم الوضع واختزل الأمر في أشخاص يتصارعون أيهم يأخذ النصيب الأوفر من الكعكة، وكأنه لا مشكلة لهذا الوطن سوى أن تجري انتخابات ويفوز شخص آخر ليسخر موريتانيا له ولأبناء عمومته وحاشيته».
ويرى المدون أحمد السالك «أن الحوار يجب أن يكون بين ثلاثة هم المواﻻة والمعارضة والعسكر الذي يجب إقناعه بالابتعاد عن القصر مستقبلا».
نواكشوط – «القدس العربي»