صادقت الجمعية الوطنية بالإجماع خلال جلسة علنية عقدتها أمس الأربعاء برئاسة رئيسهاالنائب محمد ولد أبيليل على مشروع القانون رقم 052/15 الذي يلغي ويحل محل القانون رقم 2007/048 المجرم للعبودية والمعاقب للممارسات الاستعبادية.
ويقع القانون في 26 مادة تنص الثانية منها على أن الاستعباد يشكل جريمة ضد الإنسانية غيرقابلة للتقادم،كما تحدد المادة الثالثة مختلف الحالات التي يمكن أن يطلق عليها أستعباد.
وتحددالمواد من 7 إلى 19 العقوبات المترتبة على الجرائم التي يمكن أن يتم ارتكابها في هذا الإطار، و تتناول المواد من 20 إلى 26 الإجراءات العامة كتشكلة المحاكم المختصة في النظر في جرائم الاستعباد ودور جمعيات حقوق الإنسان المعترف بها في الإبلاغ عن الجرائم الواردة في القانون ومؤازرة الضحايا.
وصادقت الجمعية الوطنية أيضا على التعديلات التي اقترحت لجنة العدل والداخلية والدفاع إدخالها على القانون والتي شملت المواد 3،17،19،20.
وشملت التعديلات إدخال حالتين يمكن اعتبارهما أستعبادا إلى الحالات الموجودة في المادة الثالثة،بينما تم رفع سقف الغرامات في المادة 17 التي يعاقب بها كل مؤلف لإنتاج ثقافي أو فني يمجد الاستعباد،وكذلك رفع سقف الغرامات في المادة 19 التي يعاقب بها كل من شتم علنا شخصا آخر معتبرا أنه عبد أو ينتسب إلى عبيد.
وشمل التعديل الذي أدخل على المادة 20 إضافة فقرة تنص على أن التكوين والمعلومات المتعلقة بتجريم الممارسات الاستعبادية تكون جزءا من التكوين الإجباري والمستمر للأشخاص المدنيين والعسكريين المكلفين بتطبيق القانون وخاصة العاملين في الإدارة الإقليمية والسلطات الأمنية.
وأضح وزيرالعدل الأستاذ ابراهيم ولد داداه في عرضه أمام السادة النواب أن البلاد تجتاز منعطفا حاسما يتطلب القضاء على كل الممارسات السلبية الموروثة عن العهود الماضية،وترقية وإشاعة ثقافة العدل والإنصاف والتسامح وروح المواطنة وخلق ظروف تشجع على الترقية الاجتماعية والتنمية.
وأضاف أن مشروع القانون الحالي يأتي ترجمة لتوجهات الحكومة الهادفة إلى إعادة قراءة القانون رقم 2007/48 من أجل تكييفه مع نتائج الحوار بين الأغلبية وبعض أطياف المعارضة وكذلك تكييفه مع بعض الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها بلادنا،هذا بالإضافة إلى سد الثغرات والنواقص التي لوحظت خلال تطبيق القانون المذكور.
وعدد وزير العدل النواقص التي تم تسجيلها في القانون رقم 2007/48 والتي ساهمت في القيام ببلورة مشروع القانون الحالي كعدم تحديد المصطلحات وكون العقوبات فيه لا ترقى لمستوى الردع وصعوبة تنفيذ الأحكام القضائية بالتعويض لضحايا الممارسات الاستعبادية.
وأشار وزير العدل إلى أهم الإصلاحات التي جاء بها مشروع القانون كتوضيحه للمصطلحات ورفع عشر حالات استرقاق من مستوى جنحة إلى مستوى جناية،بدل حالة واحدة في القانون السابق،واستحداث محاكم متخصصة وقضاة متخصصين وديوان تحقيق،وتنفيذ الأحكام القضائية وإلزام القاضي المتعهد بجريمة تتعلق بالعبودية بالمحافظة على حقوق الضحايا في التعويض،هذا بالإضافة إلى تنفيذ الأحكام القضائية التي تتضمن تعويضا لضحايا العبودية دون الالتفات إلى الاستئناف أو المعارضة.
ونبه إلى أن الحكومة ستسارع في اتخاذ المراسيم المطبقة لمشروع القانون بعد المصادقة عليه،معتبرا أنه سيكون فعالا في معالجة بعض القضايا التي كانت أمثلة صارخة للاستعباد في المجتمع كالاغتصاب والزواج القسري.
وأبرزالمسؤولية الكبرى التي يتحملها المجتمع في التغيير نحو الأفضل تعزيزا للحمة الاجتماعية وترقية للمجتمع،مؤكدا أن الحكومة ماضية في القضاء على كل مظاهر الاسترقاق والتصدي له.
وذكر وزير العدل بأن التعديلات التي تم تبنيها صنفت الاستعباد في خانة الجريمة ضد الإنسانية،مشيرا إلى أن مصادقة مجلس الوزراء في 06 مارس 2014م على خارطة طريق للقضاء على مخلفات الاسترقاق تصب هي الأخرى في إطار تعزيز اللحمة الاجتماعية والرفع من المستوى المعيشي والثقافي للتجمعات السكانية الهشة.
و أجمع السادة النواب خلال مداخلاتهم على الإشادة والتنويه بمشروع القانون الذي اعتبروا انه يشكل نقلة نوعية تنم عن إرادة سياسية لمحاصرة ظاهرة الاسترقاق والقضاء عليها.
وأشادوا بالمقاربة التشاركية التي وضعتها الحكومة لمحاربة العبودية والاسترقاق وهي المقاربة التي تقوم على سن القوانين المجرمة لهذه الظاهرة ووضع مشاريع تنموية فعالة تستهدف بصورة خاصة طبقات المجتمع التي تعاني من آثار الاسترقاق.
وأكد السادة النواب على ضرورة أن تقوم الحكومة بالتطبيق الفعلي لهذا المشروع الذي يعتبرأول تشريع فعلي وعملي قابل للتطبيق لمحاربة ظاهرة الاسترقاق حسب وصفهم.
وطالبوا بتعميم كافة المحاكم المختصة في النظر في القضايا المتعلقة بحالات الاسترقاق على كافة الولايات حتى يتمكن جميع الضحايا من الاستفادة من خدماتها كماطالبوا السياسيين والحقوقيين بالابتعاد عن الاستخدام السيئ للطائفية في القضايا السياسية من أجل تحقيق مآرب شخصية على حساب تماسك وتلاحم نسيج الشعب الموريتاني الطيب المتسامح.
وأبرز السادة النواب خلال مداخلاتهم أهمية القيام بحملات للتوعية والتثقيف تعم كافة أرجاء الوطن لإطلاع المواطنين على مضامين مشروع القانون،وتذكيرهم بحقوقهم وواجباتهم والدور الذي يمكن أن يقوموا به خدمة للصالح العام وتعزيزا للوحدة الوطنية.
وذكروا كافة الوزارات بضرورة قيامها بالدور المنوط بها في إطار خارطة الطريق للقضاء على آثار الاسترقاق.