لماذا نلعن حكم العسكر ونسكب عليه حمم غضبنا ؛ وإن كان يستحق ذالك وزيادة ؛ لأنّه أمّ البلاء ؛ ولا نلعن جلّ معارضتنا التي غشّتنا ؛ وتاجرت بآمالنا وأحلامنا .
فمنذ الاستقلال دأبت هذه المعارضة تصرخ وتشجب وتندد ببياناتها النّارية؛ وإن كان فيها من ناضل تارة ؛ فسجن ونفىّ؛ وهذا خيط يدلّ على إخلاصها وتضحيتها في سبيل هذا الوطن عند بعضنا ؛ وتمويه وخدعة عند بعضنا الآخر .
ومهما قيل فإنّه يحقّ لنا أن نتساءل عن انجازاتها الوطنية ؛ وما بذلته من مال ونفس في سبيل قضيتها الكبرى من حرية وعدالة وتنمية ؛ وهل حقا فيها ( طابور خامس)/ افتتاحية أقلام؛ وتمّ (اختراقها ـ في معظمها ـ من طرف أجهزة الأمن الداخلية ؛ وعملاء القوى الأجنبية ) كما قال الأستاذ محمدٌ ولد شدو؛ وذالك خير شاهد من أهلها .
فيا ترى أيّ طبقة سياسية يعنيها الأستاذ بتلميحه الذي يشبه التصريح في مقاله ؟؛ ومن يسمع الطبقة السياسية المعارضة فسوف ينصرف ذهنه قطعا إلى أربعة أحزاب باسمهم ووسمهم ؛فحبذا لو رفع الأستاذ اللبس من مقاله؛ويقولها بصراحة حتى نستريح : هذا زيد مخبر باسمه؛ وهذا عميل حزبه بوسمه؛ وهل هؤلاء الأربعة من بينهم صناعة مخابراتية ؛ وهل هؤلاء الأربعة فيهم عملاء . .
وهل يعني بالاختراق والعمالة التحالف حين عاند مرشّح التكتل وأنقذ مرشّح العسكر سيد ول الشيخ عبد الله من هزيمة مضمونة ؟.
أم أنّه يفضح التكتل حين هلّل وطبّل لانقلاب 6ـ 6 ـ 2008 ؟.
أم أنّه يشي بالمفتاح الذي قاد انقلابا و انشقاقا على حزبه عهد جديد في أواخر عام 2000؛ ويهرول الآن وراء الحوار ولو بنسبة 1% ؟ .
أم أنّه يعني تواصل حين خذل المنسقية بسبب زلزال مصر؛ ويهادن الآن النظام؟.
الجلّ عندي وارد .
فمن يتمعّن في حال جلّ قادة معارضتنا التي قادت النضال منذ الاستقلال وحتى اليوم ؛ سوف يجد العجب العجاب ؛ فأكثرها إن لم يكن كلّها في رغد ؛ وتملك الآن من الضيعات والقصور الشاهقة ما لا يملكه أكثر جنرالات هذا الوطن ؛ وأمّا الوظائف الثرية بدون استحقاق؛ والأيادي النديّة فهي ممدودة بدون منّ؛ ليل نهار من أيّ نظام عسكري مقبل لجيوبها .
فمن أين لهم هذا الحنان؟؛وهم الكادحون والمناضلون والمحررون؛والذين نعوّل عليهم فتح روما!.هذا ما أنجزوه بدون مجاملة لأنفسهم؛وما أنجزوه للوطن لا يتجاوز حناجرهم .
فشعبنا لا يعارض ذوات الأشخاص ؛ فحاكم العسكر بعضنا يمقته لفكره ونمطه في الحكم ؛ فإن غيّر وبدّل وعاد وعدل؛ فهو أحبّ إلينا من جميع معارضتنا بلا استثناء.
ومعارضتنا نحبها ونلهف خلفها؛لأنّنا ننشد فيها غدا مشرقا كعدل عمر؛فإن لم يكن فيها إلّا معارضة روسيا فهي عندنا و حكم العسكر سواء.
غالي بن الصغير