أدت موجة الحر التي عرفتها موريتانيا هذا الصيف إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على الفقراء وذوي الدخل المحدود. فقد ارتفع الطلب على الماء والكهرباء وارتفعت أسعار المكيفات وأجهزة التبريد، فضلاً عن شيوع الأمراض الناجمة عن الحر، وما خلفه ذلك من ارتفاع الإنفاق الصحي على الأسر.
تعاني العديد من مناطق موريتانيا من عدم توفر المياه الصالحة للشرب، خاصة في المناطق الريفية، وتشتد أزمة العطش في موسم الصيف مع ارتفاع درجة الحرارة، والتي وصلت هذه السنة إلى مستويات قياسية. فقد شهدت مناطق تنبدغه وكيفة وكوبني وأطار، أزمة عطش خانقة هذا الصيف، وخرج العديد من المواطنين في تظاهرات طلباً لتوفير المياه الصالحة للشرب.
وتفتقر الأحياء العشوائية والفقيرة في العاصمة نواكشوط إلى شبكة مياه عصرية، ويلجأ المواطنون في هذه الأحياء إلى صهاريج المياه التي تحملها عربات يجرها الحمير، وترفع أسعارها مع دخول موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة، ليقفز سعر برميل المياه من دولار واحد إلى دولارين، وأحياناً 3 دولارات. أما في المناطق الريفية، فإن الحصول على المياه أشق على الناس، حيث يحتاج هؤلاء إلى السفر مسافات طويلة للحصول على المياه، ويستخدمون أدوات بدائية عبر الآبار التقليدية.
وزير المياه محمد سالم ولد البشير، قال في تصريحات للتلفزيون الرسمي قبل أشهر إن موريتانيا أنفقت 120 مليار أوقية في الفترة ما بين 2009 و2014 لتوفير المياه للمواطنين في مختلف الولايات. وأضاف الوزير أن البلاد بصدد إنفاق 180 مليون أوقية لتنفيذ مشاريع جديدة لتوفير المياه في منطقة الحوضين ولعصابة وبعض المناطق الشمالية.
محمد سيدي، وهو موظف بشركة المياه، يرجع سبب نقص المياه خلال فصل الصيف إلى أن الشبكة قديمة ولم يتم تحديثها.
ويرى أن الفقراء هم الأكثر تضرراً من نقص المياه خلال موسم الصيف والحر، لأن الأغنياء لديهم وسائل تمكنهم من تخزين الماء بالكميات الكافية.
أما زينب جاورا، وهي ربة منزل تسكن في منطقة الحي الساكن في نواكشوط، فتعتبر أن حصولها على الثلاجة والمكيف ضرب من الخيال، لأن أقصى حلمها يصل إلى توفر الكهرباء دون انقطاع. وتقول جاورا لـ"العربي الجديد" إن أسعار الكهرباء تضاعفت خلال موسم الصيف والحر، وإنها كانت تدفع فاتورة بقيمة 7 دولارات، لترتفع الكلفة حالياً إلى 14 دولاراً.
في حين تتراوح أسعار المكيفات الصغيرة والمتوسطة في موريتانيا ما بين 140000 أوقية إلى 190000 أوقية، كما تشهد أسعار الثلاجات ارتفاعاً كبيراً خلال فترة الصيف والحر في موريتانيا، ويتراوح سعر الثلاجة المتوسطة والمستعملة من 70000 أوقية إلى 100000 أوقية.
الباحث الاقتصادي الدكتور خالد ولد محمد يرى أن موريتانيا تشهد في هذه الفترة من كل عام، ارتفاعاً في درجات الحرارة تؤثر خصوصاً على سكان المدن وتدفعهم إلى مغادرتها وترك أعمالهم التي يعيشون منها ليحتموا من الحر في الريف.
ويقول ولد محمد لـ"العربي الجديد" إن غالبية الفقراء يعملون في القطاعات غير المصنفة، وحين يغادرون أعمالهم في الصيف، يصعب عودتهم إليها بعد انتهاء موجة الحر، ما يقطع عنهم الدخل في موجة الحر ولأشهر لاحقة.
ويقول ولد محمد "تشهد تكاليف الاستجمام الداخلي ارتفاعا مطرداً، خصوصاً أننا في فترة تستعد فيها الأسر أيضاً لفترة الدخول المدرسي وما يصحبه من تكاليف. أما الخدمات العامة فضعيفة جداً وهناك أحياء في نواكشوط والمدن الأخرى لا يصل إليها الماء، وتشهد الكهرباء انقطاعات متكررة على امتداد السنة".
العربي الجديد