بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه
وبعد
فقد كثر الحديث في هذا العصر عن ذات الدخان وحكم التدخين بعد أن اتسع في هذه المادة مجال الصنعة فتعددت أشكالها واختلفت ضروبها وثبت بوسائل العصر من ضررها الفادح للعيان ما لم يكن لمن سلف من العلماء في الحسبان.
وترددت الأسئلة فيها على علماء البلد فاختلفت أجوبتهم عنها لتباين مستنداتهم فوقع العوام في حيرة من أمرهم وزادهم ذلك إلحاحا في السؤال سعيا لاتضاح الحال. فأردنا أن ندلي بدلونا في الدلاء معتمدين على صحيح الأدلة وصريح النصوص , عسى الله أن يوفقنا لتبيين الحق وتحقيق الحكم في هذه النازلة , فنقول: ***
لقد أكمل الله تبارك وتعالى ما شرعه لهذه الأمة من دين كما بينه لها نبيه صلى الله عليه وسلم.
وبما أن الوقائع التي حدثت في عصر التشريع وتناولتها نصوص الكتاب والسنة كانت محصورة وقليلة بالنسبة لما يتجدد من وقائع عبر العصور ؛ تضمنت تلك النصوص قواعد عامة وعللا يندرج تحتها ما لا يحصى من جزئيات الوقائع .
ونظرا لكمال الشرع وتقرر الأحكام في العهد النبوي -كما ذكرنا- لم يكن أمام المتصدين للحكم في الوقائع المتجددة إلا تحقيق المناط استنادا إلى تلك القواعد العامة والعلل.
وتحقيق المناط من الاجتهاد الذي لا يمكن أن ينقطع حتى ينقطع أصل التكليف، وذلك عند قيام الساعة , ولا خلاف بين الأمة في قبوله، ومعناه أن يثبت الحكم بمدركه الشرعي لكن يبقى النظر في تعيين محله ؛مثاله: إذا شرع المكلف في تناول خمر مثلا؛ قيل له: أهذا خمر أم لا؟ فلا بد من النظر في كونه خمرا أو غير خمر، وهو معنى تحقيق المناط، فإذا وجد فيه أمارة الخمر أو حقيقتها بنظر معتبر؛ قال: نعم، هذا خمر، فيقال له: كل خمر حرام الاستعمال. (الموافقات (3/ 232)
وأكثر الخلافات التي تنشأ حول الوقائع المتجددة سببها الاختلاف في تحقيق المناط ؛ بحيث لو اتفق المختلفون على مناط الحكم في محله لاتفقوا على الحكم. ومن صور هذا النوع من الخلاف ما حصل في عصر العلامة أحمد بن حجر الهيتمي في حكم استعمال (القات) فألف فيه ابن حجر رسالة قال فيها : "وهذا شأن كل حادثة لم يسبق فيها كلام المتقدمين كهذا النبات فإني لا أعرف فيه كلاما بعد مزيد التفتيش والتنقير في كتب الشرع والطب واللغة لغير أهل عصرنا ومشايخهم وهم مختلفون فيه كما ستعلمه , والظاهر أن سبب اختلافهم هو ما أشرت إليه من اختلاف المخبرين , وإلا ففي الحقيقة لا خلاف بينهم ؛ لأن من نظر إلى أنه مضر بالبدن أو العقل حرمه ومن نظر إلى أنه غير مضر لم يحرمه فهم متفقون على أنه إن تحقق فيه ضرر حرم وإلا لم يحرم فليسوا مختلفين في الحكم بل في سببه". (الفتاوى الفقهية الكبرى (4/ 225) وهذا حال ظاهرة التدخين التي حدثت في آخر القرن العاشر الهجري , فقد اضطربت فيها آراء العلماء بسبب اختلافهم في تحقيق مناط الحكم فيها بين محلل تمسك بأنه من ما سكت الشارع عنه رحمة للأمة فهو من المعفو عنه , ومحرم استند في تحريمه إلى عدة أسباب ؛ منها الضرر والنجاسة والإفتار والنتن والخبث والسفه وانتفاع الكفار بأموال المسلمين وإسقاط المروءة.... ودارت الفتوى بحلية التدخين على إمامين هما علي الأجهوري وأحمد بابا التنبكتي رحمهما الله وقد ألف كل منهما رسالة في ذلك . لكن صح عنهما بالسند المتصل إليهما أنهما رجعا عن الحلية إلى التحريم.(راجع اختصار كنون لحاشية الرهوني 3/44 والمجموعة الكبرى 7/ 2551) وأفتى بتحريمه الشيخ إبراهيم اللقاني وألف فيه رسالته (نصيحة الإخوان باجتناب الدخان ) وشيخه الشيخ سالم السنهوري والشيخ محمد بن عبد الكريم الفلكون الذي ألف فيه (محدد السنان في نحور أهل الدخان) والشيخ خالد المدرس بالحرم المكي والشيخ عليش وشيخ الشيوخ في بلاد شنقيط العلامة المختار بن بونه في وسيلته والشيخ سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم وقد ألف فيه رسالته (مطية النجح لسامع النصح) والشيخ محمذ فال بن متالي والشيخ محمد الأمين بن محمد المختار (آب بن خطور) رحمهم الله وغيرهم كثير ومن تأمل فتاوي المحللين والمحرمين في تلك العصور يجدها دائرة حول الضرر إثباتا ونفيا ؛ فمن ثبت عنده الضرر أفتى بالتحريم , ومن لم يثبت عندهم الضرر منهم من أفتى بالتحليل معللا بعدم الضرر , كما في فتوى العلامة أحمد بابا التنبكتي , ومنهم من أفتى بالتحليل بقيد عدم حصول الضرر كما في فتوى العلامة حرمة بن عبد الجليل . (ينظر للفتوى الثانية المجموعة الكبرى 7/ 2553 وسياتي ذكر الثانية) فالمفتون في حكم التدخين مجمعون على اقتران حرمته بالضرر إلا أن من ثبت عندهم الضرر حرموا التدخين بالمنطوق ومن لم يثبت عندهم الضرر حرموا التدخين بمفهوم المخالفة. ولأجل ذلك أخذ العلامة محنض بابه رحمه الله تحريم التدخين من دليل العلامة أحمد بابا التنبكتي رحمه الله على الحلية ؛ فقال : احتج أحمد بابا لجواز شربه بقول ابن عسكر : النباتات كلها مباحة إلا ما فيه ضرر أو يغطي العقل هـ وقد يقال إن هذا يفيد منعه لأن شربه مضرهـ (الميسر 2/22) ولعل المفتين بالجواز في مسألة التدخين –من المتقدمين- إنما نبهوا على وصف الضرر تعليلا وتقييدا ؛ لأنه يتعين على المفتي النظر في المآلات, فالتدخين إذا لم يثبت ضرره عندهم فقد يثبت عند غيرهم- كما حصل عليه الإجماع في هذا العصر- فلو أطلقوا القول بالجواز من غير تعليل ولا تقييد لنشأت عن فتواهم مفسدة لم تكن ظاهرة حين الفتوى ؛ قال أبو إسحق الشاطبي في الموافقات : النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعًا كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل، [فقد يكون الفعل] مشروعًا لمصلحة فيه تستجلب، أو لمفسدة تدرأ، ولكن له مآل على خلاف ما قصد فيه، وقد يكون غير مشروع لمفسدة تنشأ عنه أو مصلحة تندفع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك، فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية، فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدة تساوي المصلحة أو تزيد عليها، فيكون هذا مانعًا من إطلاق القول بالمشروعية وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعدم مشروعية ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدة تساوي أو تزيد، فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية وهو مجال للمجتهد صعب المورد، إلا أنه عذب المذاق محمود الغب، جار على مقاصد الشريعة. (الموافقات (5/ 177) ولم نر في العالم الإسلامي الآن من يجنح إلى الترخيص في التدخين من المجامع الفقهية وغيرها بعد ثبوت ضرره إلا ما يشاع الآن في بلدنا, واتفاق أهل العصر على أمر اختلف فيه سلفهم جائز وواقع ؛ قال ابن عاصم في مرتقى الوصول : والاتفاق بعد الافتراق يجوز أن يقع بالإطلاق ومن ذلك مسألة زكاة الأوراق فلا تكاد تجد فيها مخالفا الآن بعد تصورهم لها تصورا صحيحا. ولم نجد فيمن سلف من المفتين في حكم التدخين من أفتى بالحلية لعدم الضرر الآني معترفا بحصول الضرر المآلي. فمن أفتى بذلك فقد فصَّل فيما لم يفصل فيه جميع من قبله وهو مما يعتبر خرقا للإجماع كما هو معروف في أصول الفقه؛ قال سيدي عبد الله في المراقي : وقيل إن خرق والتفصيل إحداثه منعه الدليل وفيه تخصيص بغير مخصص لأن تحريم الضرر عام في أفراد الضرر وعموم الأفراد يستلزم عمود الأزمنة والأمكنة والأحوال ؛ قال في مراقي السعود: ويلزم العموم في الزمان والحال للأفراد والمكان إذ لا غنى للأفراد عن أزمنتها وأمكنتها وأحوالها. وسترى بعض النصوص الدالة على تحريم مايؤدي للضرر المآلي كحرمة العاجل لنخرج من العهدة. هذا وإن الخلاف في الضرر -وإن كان مقبولا في العصور الماضية- لم يعد له مجال في هذا العصر الذي أجمع فيه الأطباء مسلمهم وكافرهم على الضرر المباشر والسلبي للتدخين ؛ فقد نشرت المنظمة العالمية للصحة يوم الأحد (31/05/2015) تقريرا بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين أفادت فيه أن التدخين يقتل كل عام ستة ملايين نسمة تقريبا خمسة ملايين منهم يتعاطونه أو سبق لهم تعاطيه , وستمائة ألف من غير المدخنين المعرضين لدخانه , وأنه إذا لم تتخذ إجرءات عاجلة فممن الممكن أن يزداد عدد الوفيات ليبلغ ثمانية ملايين نسمة بحلول 2030 , وفي اتصال حديث بأحد أبرز الأطباء كتب عن ضرر التدخين هذه المقدمة: "التبغ المادة المدخنة تتكون من أكثر من 150 عنصرا أغلبها مجهول ضرره والمؤكد أن الإحصائيات أثبتت أن كل 2 من المدخنين يموت أحدهما قبل أن يبلغ متوسط العمر الذي تبلغه فئته العمرية. أما الأمراض المرتبطة به بصورة علمية لا تقبل الشك فهي كثيرة ومتنوعة وتمس جميع الأعضاء حتى التي لا يمر بها الدخان كالمثانة مثلا ..واللائحة طويلة منها السرطان وتضييق الشرايين الذي تنشأ عنه الجلطات التي تضر بشدة الأعضاء الأساسية وتعطل وظائفها كالدماغ والقلب والعين والكلى والأطراف والأمعاء"... إلى آخر القائمة. ولا يؤثر في الحكم المترتب على هذا الضرر تخلفه في بعض الأجسام لسبب ما ؛ فالصور النادرة لا تؤثر في الأحكام ؛ مثلا فعلة تحريم الخمر الإسكار ولا تباح لمن لا تسكره , وعلة تحريم الزنا خوف اختلاط الأنساب , لكن هذا لا يبيح الزنا لمن تحقق أنه لا يولد له لعُقم . فالمعلل بالمظان لا يتخلف الحكم بتخلفها. قال ابن عاصم في المرتقى : وليس خارما لكلياتها تخلف في بعض جزئياتها وعن ضرر التدخين السلبي –وهو استنشاق غير المدخن لدخان التبغ- جاء في الموسوعة الإسلامية الجنائية المقارنة (ص: 207) :إن التعرض للتدخين السلبي غير المباشر يمكن أن يسبب كلا من التأثيرات الفورية والتأثيرات بعيدة المدى على صحة الإنسان(..). والتدخين غير المباشر يفرض إجهاداً إضافياً على القلب ويؤثر على قدرة الجسم على امتصاص والاستفادة من الأوكسجين. أما التأثير الصحي بعيد المدى من جراء التدخين السلبي غير المباشر فهو: تزايد الإصابة بالسرطان وأمراض القلب بعد سنوات من التعرض للدخان...." وتناول ما يضر البدن سبب عادي للضرر المنهي عنه , وحصول المسببات عند أسبابها إنما هو بقضاء الله وقدره , فإذا تخلف المسبب عن سببه في صورة أو تأخر ظهوره فذلك لا يقتضي انتفاء سببيته , فليس لأحد أن يحتج على عدم ضرر الدخان بأنه رأى بعض المستعملين لم يضره . نسأل الله تعالى أن يحفظ المسلمين من أضراره ويلهمهم رشدهم. ولو استمع العلماء الذي خالفوا في حرمة التدخين في العصور الماضية إلى أطباء هذا العصر وشاهدوا تقارير المنظمات الدولية والإحصائيات المعلنة للوفيات والإصابات بسبب التدخين لتحقق لديهم مناط حكم التحريم في الدخان وأفتوا بتحريمه دون أدنى تردد. قال محشي الفروق : وقد ضبط أهل الفقه حرمة التناول إما بالإسكار كالبنج وإما بالإضرار بالبدن كالتراب والترياق أو بالاستقذار كالمخاط والبزاق وهذا كله فيما كان طاهرا وبالجملة إن ثبت في هذا الدخان إضرار صرف عن المنافع فيجوز الإفتاء بتحريمه وإن لم يثبت إضراره فالأصل الحل. ( الفروق 1/380) وفي أسنى المطالب للشيخ زكريا ( قوله يحرم ما يضر كالحجر والتراب والطين ) قطع في المهذب بتحريمه ، وكذا القفال والقاضي حسين والفخر الرازي وجماعة وقال إبراهيم المروذي : ينبغي القطع بالتحريم إن ظهرت المضرة. (أسنى المطالب شرح روض الطالب (7/ 190) وطريق تحقيق المناط في حكم التدخين أن نقول : الضرر ثبت كونه علة للتحريم إجماعا للقاعدة التي هي إحدى القواعد الخمس التي بني عليها الفقه (الضرر يزال) ثم ننظر في التدخين هل ثبت ضرره أو لا , وطريق إثبات الضرر أو نفيه هي الرجوع إلى أهل الفن وهم الأطباء فكل علم يرجع فيه إلى أهله – فالفقهاء يرجعون إلى الأطباء فيما لهم تخصص فيه ويبنون عليه الأحكام ؛ قال خليل في الحجر على ذي المرض المخوف " وعلى مريض حكم الطب بكثرة الموت به كسل.."- , فنجد الأطباء مجمعين على الضرر , فنحكم بناء على ذلك بحرمة التدخين لتحقق مناط التحريم في التدخين وهو الضرر المجمع عليه. ويصاغ الدليل في قالب الشكل الأول المنطقي هكذا :التدخين ثبت ضرره وكل ما ثبت ضرره فهو حرام . النتيجة : التدخين حرام. ولست بدعا في التعبير بالحرام لتحقق التحريم بدليله الذي لا معارض له , فقد صرح به ولم يجمجم من هو غير مدفوع عن علم ولا ورع وليس ممن يتساهل في الفتوى ممن تقدم ذكرهم وغيرهم , وإنما كان الأئمة يتورعون عن التعبير بالحرام فيما تجاذبته الأدلة وكانت للخصم شبهة في التحليل , ويراعون فيه الخلاف , مع أن قوله تعالى { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام } يقتضي الإحجام عن التحليل كما يقتضي الإحجام عن التحريم , بل تقدم فيه الزجر عن الإقدام على التحليل. وقد أخرج الطبراني مرفوعا (محرم الحلال كمحلل الحرام) فجعل محرم الحلال مشبها ومحلل الحرام مشبها به. (وقاعدة التشبيه نقصان ما يحكي) ولا خير في الكل. ونحن لا غرض لنا في تحريم ذات الدخان وإنما بحثنا المسألة على سنة السلف من العلماء في التعرض لما ينشأ في عصورهم من وقائع بتتبع الأدلة الصحيحة أيا كانت نتيجتها , ونود لو ظهر لنا وجه الحلية من طب وفقه لنرجع إليه معتزين بالرجوع إلى الحق . وحفظ النفس من الضروريات الخمس التي أجمعت عليها الشرائع كما هو معروف في الأصلين أصول الفقه وأصول الدين قال في المراقي : دين ونفس ثم عقل نسب مال إلى ضرورة تنتسب ورتبن ولتعطفن مساويا عرضا على المال تكن موافيا فحفظها حتم على الإنسان في كل شرعة من الأديان وقال في الإضاءة والنفس والعقل كذا المال وجب صون لها والعرض أيضا والنسب *** وقد احتج المرخصون في التدخين بما لا يخلو من إشكال ؛ فمن حججهم التي نقتصر منها على ما لم ينقضوه طلبا للاختصار. السبر والسبر والتقسيم عند الأصوليين : جمع أوصاف المحل وإبطال ما لا يصلح منها للعلية , وهو قسمان أحدهما ما يدور بين النفي والإثبات وهو المنحصر والثاني ما لا يكون كذلك وهو المنتشر. والسبر الذي احتج به المرخصون من قسم السبر المنتشر المختلف في حجيته على مذاهب ذكرها الزركشي في البحر المحيط (4/ 202) وذلك لأنه غير حاصر لأوصاف المحل التي قيل بكونها علة للتحريم وقد تقدم بعضها. ومن الأوصاف الداخلة في سبرهم الضرر ؛ حيث حصروا المنع فيما ينشأ عنه ضرر فوري , قالوا والتدخين لا ينشأ عنه ضرر فوري. والجواب عن هذه الشبهة أن الأدلة الدالة على تحريم الضرر لم تفرق بين ضرر آني أو مآلي , بل صرح بعض العلماء باعتبار الضرر المآلي في التحريم , وممن صرح بذلك الشيخ إبراهيم اللقاني فيما نقله عنه عليش في فتاويه ونص المراد منه : وهذا كله مع تحقق عدم إضراره بالبدن عاجلا وآجلا وإلا فهو محرم لوجوب حفظ النفس وهي إحدى الكليات الخمس المجمع عليها.(فتح العلي المالك 1/289) وسياتي مثله في كلام أبي إسحق الشاطبي . وقد أخرج الإمام مالك في الموطأ عن جدامة بنت وهب الأسدية أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :(لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك , فلا يضر أولادهم) ويؤخذ من هذا الحديث أمران ؛ أحدهما أن ما يؤدي إلى الضرر حرام ولو لم يكن يؤدي إلى الموت الفوري ,قال ابن العربي في القبس عند كلامه على هذا الحديث : الحكمة في ذلك والنكتة فيه أمر يجب أن تحصلوه وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان استقر عنده من الشريعة بالوحي المنزَّل أن الضرر والمُضارَّة حرام، ورأى لجري العادة أن الماء ربما أغال اللبن فأضعف الطفل فأراد أن ينهى عنه بعموم تحريم الضررهـ (القبس 3/180) فهذا صريح في النهي عما يضعف البدن ولو لم يؤد إلى الموت. الثاني : جواز الاستناد إلى الكفار في تجاربهم الطبية ؛ و الكفار اليوم هم طليعة المحذرين من أضرار التدخين , وحكوماتهم تضايق أسواقه بالرسوم الجمركية وتمنع استعماله في الأماكن العامة حين عجزت عن مصادرته لقوة شركات إنتاجه ومع ذلك تلزمهم أن يكتبوا على علبته تحذيرا منه خطابا للمستهلك "إنه ضار بصحتك" , ومعلوم أن الكفار لم يفعلوا ذلك خوفا من عقاب الله ولا حذرا من اتباع الهوى , وإنما يفعلونه لما شاهدوا من إضراره بهم وبأبنائهم وبيئتهم. ويجاب أيضا عن ما تمسك به المرخصون من أن المؤدي إلى الضرر المآلي لا حرج فيه بأنه يلزم منه القول بحلية تناول سم سنة - ومعلوم أن في السم ما يُعادُّ الجسم- , إذ تعطي عبارتهم أن الممنوع إنما هو ما يؤدي إلى موت الفجأة حالة الاستعمال, ولعلهم لا يقولون بحلية سم سنة, ولا يلتزمون أن الضرر المنهي عنه محصور في موت الفجأة. وقد تقدم في حديث الغيلة ما يرد ذلك لو كانوا يقولون به. واستدل المرخصون في التدخين في هذا السياق بقياس ذات الدخان على المواد الدهنية والسكرية بجامع أن لكل منها ضررا مآليا والجواب عن هذه الحجة أن الدهن والسكر وما في سلكها كاللحوم الحمراء والألبان لها منافع يحتاج لها البدن ويتضرر بنقصها ؛ فبعض الأمراض تعالج باللحوم الحمراء وبعضها يعالج بالألبان ؛ وقد كتب أحد خبراء هذا الفن : "مصادر الطاقة التي يتوقف عليها استمرار حياة الإنسان وهي منشأ نموه ونشاطاته ثلاثة : الدهون والبروتينات والسكريات , ولا ضرر أصلا في هذه المواد إلا في حالة المبالغة في استعمال بعضها وخاصة الدهون أو عدم أخذ خصوصيات بعض الناس كالمرضى بالسكري أو الضغط أو السمنة , أما المبالغة في استعمال السكريات فلا تسبب بالضرورة مرض السكري إلا إذا نتج عن ذلك زيادة وزن تفسد التوازن القائم بين الوزن من جهة وآلية إنتاج الأنسولين المسؤولة عن مستوى السكري في الدم من جهة أخرى. أما مادة التدخين فالذي عرفت تأثيراته من عناصرها الكثيرة اثنان : (الكودرون) وهو مصدر الأمراض الناشئة عن التدخين و(النيكوتين) وهو مصدر إثارة الرغبة في التدخين وخلق الحاجة إليه في البدن , وليست لهما أي آثار إيجابية ". فقياس ذات الدخان على اللحوم والألبان والسكريات قياس مع وجود الفارق يأباه ثبوت منافعها في الجملة وثبوت ضرر ذات الدخان, فيقدح فيه بالقادح المسمى بالفرق وهو إبداء مختص بالأصل أو مانع في الفرع أو هما معا ؛ قال في مراقي السعود: والفرق بين الفرع والأصل قدح إبداء مختص بالاصل قد صلح أو مانع في الفرع والجمع يرى إلا فلا فرق أناس كبرا ومن طريف الاتفاق أن الحكيم جالينوس المرجع الأول في علم الطب حث على استعمال الدسم والحلوى وحذر من الدخا ن والنتن ؛ قال في بعض نصائحه : اجتنبوا ثلاثة وعليكم بأربعة ولا حاجة لكم إلى الطبيب ؛ اجتنبوا الغبار والدخان والنتن , وعليكم بالدسم والطيب والحلوى والحمام هـ (فتح العلي المالك 1/285) ولو سلمنا جدلا أن المواد السكرية والدهنية لا منافع فيها وأن فيها ضررا مآليا محققا كالتدخين فقد استثناها الشارع حيث أنعقد الإجماع على إباحتها , وبقي ما سواها على التحريم بقاعدة الضرر. وتخلف الحكم عن العلة ليس قادحا فيها عند الأكثر بل هو تخصيص على المذهب المشهور , قال في المراقي : والأكثرون عندهم لا يقدح بل هو تخصيص وذا مصحح ويشهد لهذا قول الفخر الرازي في تفسيره عند قوله تعالى {ولو يواخذ الله الناس بظلمهم } الآية -بعد تقرير المنع بقاعدة الضرر- : إذا وقعت حادثة مشتملة على الضرر من كل الوجوه ، فإن وجدنا نصاً خاصاً يدل على كونه مشروعاً قضينا به تقديماً للخاص على العام ، وإلا قضينا عليه بالحرمة بناء على هذا الأصل الذي قررناه . وحاولوا إبطال عدم نفع التدخين بالقول : إنه مما تميل إليه النفس, فجعلوا ميل النفس إلى الشيء علة لإباحته . ويقدح في هذه العلة بالقادح المعروف عند الأصوليين بفساد الاعتبار لما ورد في الكتاب والسنة من ذم اتباع الهوى والتحذير منه ؛ وهو ما نظمه سيدي عبد الله في باب القوادح من المراقي بقوله : والخلفَ للنص أو اجماع دعا فساد الاعتبار كل من وعى قال أبو إسحق الشاطبي : إن المنافع والمضار عادتها أن تكون إضافية لا حقيقية، ومعنى كونها إضافية أنها منافع أو مضار في حال دون حال، وبالنسبة إلى شخص دون شخص، أو وقت دون وقت، فالأكل والشرب مثلا منفعة للإنسان ظاهرة، ولكن عند وجود داعية الأكل، وكون المتناول لذيذا طيبا، لا كريها ولا مرا، وكونه لا يولد ضررا عاجلا ولا آجلا، وجهة اكتسابه لا يلحقه به ضرر عاجل ولا آجل، ولا يلحق غيره بسببه أيضا ضرر عاجل ولا آجل، وهذه الأمور قلما تجتمع، فكثير من المنافع تكون ضررا على قوم لا منافع، أو تكون ضررا في وقت أو حال، ولا تكون ضررا في آخر،وهذا كله بَيِّن في كون المصالح والمفاسد مشروعة أو ممنوعة لإقامة هذه الحياة، لا لنيل الشهوات، ولو كانت موضوعة لذلك، لم يحصل ضرر مع متابعة الأهواء، ولكن ذلك لا يكون، فدل على أن المصالح والمفاسد لا تتبع الأهواء. (الموافقات (2/ 65) وحاولوا إبطال علة النتن بالقياس على الثوم وقد أبطل الشيخ عليش في فتاويه هذ القياس بقوله : فقول المَفتون أحمد الذي سبق أنه جلبه من المغرب : "هو حلال كالبصل والثوم والكراث" فاسد لأنه قياس مع النص على منع آكل ذلك أن يؤذي المسلمين بريحه ومنعه من صلاة الجماعة والجمعة وقيل بحرمة أكله وقيل بكراهته . والراجح جوازه في غير المسجد لإقراره صلى الله عليه وسلم لأنها من المصلحات للمقتات ومقتاتة للفقراء وكان غالب المقتات في غزوة خيبر الثوم والكراث حتى قرحت الأشداق منهما . والدخان ليس مقتاتا ولا مصلحا له فقياسه عليهما فاسد. (فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (1/ 290) وحاولوا إبطال كونه سفها بالبرهان الدوري فقالوا (لا يكون سفها حتى يكون حراما) وهذه قضية غير مسلمة فالدور قسمان : دور سبقي وهو أن يتوقف وجود كل من الطرفين على تقدم وجود الآخر وهو المستحيل والثاني الدور المعي وهو تلازم الطرفين وجودا وتعقلا كالأبوة والبنوة . ولم يظهر لنا توقف كون التدخين سفها على كونه حراما حتى يتم الدور ؛ لأن معنى كلام المستدلين بالبرهان الدوري هنا أن التدخين لا يكون سفها حتى تكون مادة الدخان حراما ؛ فمقتضاه أن الحرام جزء من مفهوم السفه وهو غير مسلم عند المحققين ؛ إذ التحقيق أن السفه هو السرف في اللذات مطلقا سواء كانت محرمة أو مباحة أو مكروهة. (ينظر التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (6/ 235) وبذلك تبطل نتيجة البرهان الدوري المدعى هذا والمعتبر عندنا في حرمة التدخين من هذه الأوصاف إنما هو وصف الضرر , ولو لم يتعرض المرخصون لغيره من الأوصاف التي هي مظنة للتحريم في ذات الدخان لألغيناه ؛ لما في بعضها من بحث اكتفاءا بالضرر الفادح ؛ كما في بعض صور القادح المسمى بعدم التأثير فيستغنى عن الوصف بوصف آخر لا لعدم مناسبته بل لصحة الاستغناء عنه بوصف أخص منه في الحكم على القول بعدم جواز تعدد العلل , ويسمى بعدم التأثير في الأصل. الثاني من حجج المرخصين احتجاجهم بقول الإمام مالك لما سئل عن الجبن الرومي (ما أحب أن أحرم على الناس أطعمتهم) واستدلالهم بهذا يوهم أن الإمام مالكا توقف عن تحريم الجبن مع معرفته بحقيقته. مع أن نص الرواية صريح في أن الإمام مالكا رحمه الله إنما توقف عن تحريمه لعدم علمه بحقيقته . ونص الرواية كما في العتبية :وسئل مالك عن جبن الروم الذي يوجد في بيوتهم, فقال: ما أحب أن أحرم حلالاً, وأما أن يكرهه رجل في خاصة نفسه فلا أرى بذلك بأساً. وأما أن أحرمه على الناس فإني لا أدري ما حقيقته, قد قيل إنهم يجعلون فيه إِنفحة الخنازير وهم نصارى, وما أحب ان أحرم حلالاً. وأما أن يتقيه رجل في خاصة نفسه فلا أرى بذلك بأساً. (البيان والتحصيل 3/273) فالإمام مالك رحمه الله إنما توقف عن الجزم بحرمة الجبن الرومي لأنه لا يدري ما حقيقته كما هو مصرح به في الرواية , والطعام لا يطرح بالشك. ولو تبينت له حقيقته التي تقتضي المنع كما تبين ضرر التدخين لعلماء هذا العصر لما تردد في حرمته.وقد صاغ ما يقال إنهم يجعلون فيه إنفحة الخنزير بصيغة التضعيف (قيل) فتأمل. قال ابن مرزوق بعد نقله هذه الرواية عن الإمام مالك في رسالته المسماة بالدليل المومي إلى حكم الكتابة في الكاغد الرومي : وقد تبين من هذا الكلام ومما قبله أن ما كان أصله الحلية, إما أن يتحقق فيه موجب تحريم, أو يغلب على الظن, أو يشك فيه لموجب أوجب ذلك, أو يجوز التحريم لغير موجب. فإن تحقق المانع فلا خفاء في التحريم, وذلك قول عمر رضي الله عنه: فإن تحقق لكم أنه من صنعهم-يعني المجوس- فلا تأكلوه. (المعيار المعرب (1/ 5) الثالث من حجج المرخصين احتجاجهم بما نسبوا للقرافي في الفروق وهو " أن من تعود مفترا أو مرقدا فكان يمرض بعدمه يجوز له أن يستعمل القليل منه". وهذا الكلام ليس في الفروق للقرافي وإنما ذكره الحطاب في حاشيته بعد أن نقل عن القرافي في الفروق كلاما في المسكر والمفسد والمفتر والمرقد مبينا حقائقها وأحكامها. ونص كلام الحطاب : قلت: فعلى هذا يجوز لمن ابتلي بأكل الأفيون وصار يخاف على نفسه الموت من تركه أن يستعمل منه القدر الذي لا يؤثر في عقله وحواسه ويسعى في تقليل ذلك وقطعه جهده ويجب عليه أن يتوب ويندم على ما مضى والله أعلم. (مواهب الجليل (1/ 127) فهذا رأي للحطاب لا القرافي ومقتضاه أن من خاف الموت يجوز له استعمال ما لا يضره مع التوبة والندم ؛ فقال يخاف على نفسه الموت ولم يقل المرض كما قال المرخصون . ولم نجد فيه دليلا على جواز استعمال ما يضر مع الحاجة إليه فضلا عن جواز الإقدام على استعماله ابتداء , مع أن كل ما توقف عليه حفظ النفس جاز استعماله ولو كان مجمعا على تحريمه كخمر لغصة , فلا يستقيم استدلال المرخصين بكلام الحطاب على كل حال. أما قول الحطاب (مع الندم والتوبة) فلعله يريد الندم والتوبة من أصل استعمال الأفيون ابتداء لا من تناوله للقليل الذي يدفع به عن نفسه الموت لأن ذلك واجب لحفظ النفس. الرابع من حجج المرخصين ما اعتبروه أغرب دليل وهو أن الخمر المحرمة مرت بمراحل وآخر مرحلة مرت بها في التنزيل القرآني (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) قائلين لو كانت المقارنة بين المنافع والمضار لتوقفوا عندها ولم يتوقفوا عندها فقال عمر اللهم بين في الخمر حتى نزلت (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب ...) الآية ولا دليل لهم في هذه الآية لأن المفسرين قالوا إن الآية اشتملت على ما يقتضي التحريم وهو رجحان المفسدة على المصلحة إلا أنه لم يصرح بالحكم لأن الشريعة نزلت بالتدريج ؛ "فمن كرامة الله لهذه الأمة وإحسانه أنه لم يوجب عليهم الشرائع دفعة واحدة، ولكن أوجب عليهم مرة بعد مرة". (تفسير القرطبي 3/52) ولما ذكر أبو إسحق الشاطبي أن السكوت المذكور في الحديث (وما سكت عنه فهو عفو) يمكن صرفه إلى معان منها السكوت عن مجاري العادات ومثل له بتحريم الخمر قال عند الآية { يسألونك عن الخمر والميسر } : "فبين ما فيها من المنافع والمضار وأن الأضرار فيها أكبر من المنافع وترك الحكم الذي اقتضته المصلحة وهو التحريم لأن القاعدة الشرعية أن المفسدة إذا أربت على المصلحة فالحكم للمفسدة والمفاسد ممنوعة فبان وجه المنع في الخمر والميسر غير أنه لما لم ينص على المنع وإن ظهر وجهه تمسكوا بالبقاء مع الأصل الثابت لهم بمجاري العادات ودخل لهم تحت العفو. (الموافقات 1/275) أما عن قول عمر اللهم بين في الخمر بعد نزول الآية فقد أجاب عنه الجصاص في أحكام القرآ ونص كلامه عند هذه الآية : هذه الآية قد اقتضت تحريم الخمر ولو لم يرد غيرها في تحريمها لكانت كافية مغنية وذلك لقوله قل فيهما إثم كبير (....) فمن الناس من يظن أن قوله قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس لم يدل على التحريم لأنه لو كان دالا لما شربوه ولما أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم - ولما سأل عمر البيان بعده وليس هذا كذلك عندنا وذلك لأنه جائز أن يكونوا تأولوا في قوله ومنافع للناس جواز استباحة منافعها فإن الإثم مقصور على بعض الأحوال دون بعض فإنما ذهبوا عن حكم الآية بالتأويل وأما قوله إنها لو كانت حراما لما أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على شربها فإنه ليس في شيء من الأخبار علم النبي صلى الله عليه وسلم بشربها –بعدنزول هذه الآية- ولا إقرارهم عليه بعد علمه وأما سؤال عمر رضي الله عنه بيانا بعد نزول هذه الآية فلأنه كان للتأويل فيه مساغ وقد علم هو وجه دلالتها على التحريم ولكنه سأل بيانايزول معه احتمال التأويل فأنزل الله تعالى إنما الخمر والميسر الآية (أحكام القرآن للجصاص (2/ 3) فالدليل الذي أخذ العلماء من هذه الآية حجة على المرخصين وهو أن رجحان المفسدة على المصلحة يقتضي التحريم. وإنما لم يصرح بالتحريم الذي اقتضته المصلحة لأمر يخص تلك المرحلة من تاريخ التشريع الإسلامي. فاحتيج إلى تقعيد قاعدة تقديم المفسدة الراجحة على المصلحة المرجوحة حينئذ لأن الزمان زمان تشريع وتقعيد. وقد نص الأصوليون أن لا مصلحة مع المفسدة الراجحة أو المساوية ؛ قال ابن عاصم في مرتقى الوصول :
وفي المفاسد مع المصالح جلبا ودفع أخذه بالراجح
هذا لو سلم أن في التدخين مصلحة معتبرة شرعا.
وخلاصة القول أن الأدلة الشرعية الصحيحة الصريحة دلت على حرمة التدخين , بعد أن أثبتت الأدلة العلمية القاطعة ضرره الفادح على النفوس , وقد أوردنا من نصوص الشارع وكلام أكابر علماء الأمة ما يدل على أنه لا فرق في الضرر المنهي عنه تحريما بين الضرر الآني والضرر المآلي ولا بين الضرر المؤدي للقتل والضرر المؤدي لضعف البدن.
والله ولي التوفيق وبه العصمة.