رغم أني لستُ من أولئك الذين يجهدون أنفسهم في البحث عن تفسيرات و تأويلات لمثل هذه التعديلات والترقيعات التي تشهدها الحكومة من حين لآخر، وذلك لاعتقادي بأن تلك التعديلات والترقيعات لا يمكن تفسيرها بعيدا عن "المزاج السامي" لسيادته، وعن تقلبات ذلك المزاج،
إلا أني ورغم تلك القناعة، فقد ارتأيتُ أن أشارك في التعليقات التي أثارها التعديل الأخير، وهذه تسع ملاحظات سريعة قررتُ أن أشارك بها في التعليق على هذا التعديل الوزاري الأخير.
1 ـ لا يمكن القول بأن هذا التعديل له أي علاقة بأداء الوزراء، فإذا كان من الصحيح بأنه قد تمت إقالة وزراء كان أداؤهم سيئا، فإنه من الصحيح أيضا بأنه قد تم الاحتفاظ بوزراء كان أداؤهم أكثر سوءا ..إن أي تعديل حكومي لا يشمل وزير التعليم، ووزير الصحة، ووزير المالية الذي أثار جدلا واسعا في الأيام الأخيرة، ويكتفى فيه بتحويل وزيرة الخارجية، ووزير الصرف الصحي، ووزيرة البيطرة من وزارة إلى وزارة، لا يمكن أن تكون له علاقة بسوء الأداء..فهؤلاء الوزراء كانوا هم الأسوأ أداءً في حكومة كانت كلها سيئة الأداء.
2 ـ لا يمكن ربط هذا التعديل الوزاري بحوار السابع من سبتمبر، وذلك رغم تزامنهما، فلا الوزراء الذين غادروا، ولا أولئك الذين جاؤوا يمتازون بأي شيء، إيجابيا كان أو سلبيا، يمكن أن نربطه بالحوار القادم.
3 ـ يمكن القول بأن هذا التعديل الوزاري كان في صالح الوزير الأول، وقد عزز من مكانته في صراعه مع الوزير الأمين العام للرئاسة، ولكن ورغم ذلك فإن الرئيس حتى وإن انحاز إلى وزيره الأول في هذا التعديل، إلا أنه مع ذلك لم يتخلَّ تماما عن زيره الأمين العام للرئاسة، ويكفي أن نعرف بأن الوزيرين المحسوبين على الأمين العام الرئاسة: وزير الداخلية ووزير التجهيز (الذي دفعته عداوته الشديدة مع الوزير الأول إلى التحالف مع خصمه السابق الوزير الأمين العام للرئاسة) لم يتم التخلص منهما بشكل كامل في هذا التعديل.
4 ـ بعد مرور عقد على الانقلاب على ولد الطايع فقد تم منح وزارة الخارجية لواحد من أولئك الذين كانوا قد شغلوا مناصب ووزارات هامة في عهد ولد الطايع، وهو ما يعني بأنه لا مجال للحديث عن أي قطيعة من أي نوع مع نظام ولد الطايع.. ولعلكم تتذكرون بأن من الأسباب التي تم تقديمها لتبرير الانقلاب على الرئيس السابق هو إعادة الثقة في رموز نظام ولد الطايع ..الطريف في الأمر أن وزارة الخارجية كانت من أهم الوزارات التي تم تعيين أحد رموز نظام ولد الطايع على رأسها في الفترة التي سبقت انقلاب السادس من أغسطس.
5 ـ لا جديد بالنسبة للشباب، وأقصى ما يمكن تقديمه لشباب "لقاء أنتم الأمل" هو أن يتم التكرم عليهم من حين لآخر بمدير مساعد أو بمفوض مساعد ..يمكنكم أن تعلنوا من اليوم حدادا على المجلس الأعلى للشباب الذي كان قد وافاه الأجل المحتوم من قبل أن يتم الإعلان رسميا عن ميلاده.
6 ـ أثبت هذا التعديل، وللمرة الثانية، أن الرئيس عزيز قد يكون أقسى على الوزراء الذين يبالغون في الدفاع عنه، من غيرهم من الوزراء، وتبقى حالة وزير الصحة السابق الدكتور "ولد حرمه"، وحالة وزير العلاقات مع البرلمان الدكتور"إيزيدبيه" هي خير دليل على ذلك.
7 ـ يمكن لوزيرة الخارجية وزيرة الثقافة سابقا أن تفشل في قطاع الخارجية، ولكن ذلك لا يمنع من أن تمنح لها البيطرة لتجرب فيها حظها من جديد. ويمكن لوزيرة البيطرة وزيرة التشغيل سابقا أن تفشل في الوزارتين معا فتمنح لها وزارة المرأة لتجرب فيها حظها العاثر للمرة الثالثة. ويمكن لوزير المياه أن يفشل في وزارة المياه والصرف الصحي وفي عدد آخر من الوزارات فتمنح له وزارة التجهيز والنقل ليجرب فيها حظه المتعثر للمرة الخامسة أو السادسة. ويمكن لوزير الصحة أن يفشل فشلا ذريعا في قطاع الصحة فيترك له القطاع ليحقق فيه المزيد من الفشل ..نفس الشيء يمكن أن نقوله عن وزير التعليم وعن بقية الوزراء الفاشلين الذين لم تتم إقالتهم ولا تحويلهم في تعديل اليوم.
8 ـ يمكن للنائب أن يكون أداؤه سيئا، وأن يفشل في أن يكون ناطقا أمينا باسم مقاطعته التي انتخبته، ومع ذلك فقد يجد نفسه فجأة وقد أصبح ناطقا باسم حكومة بكاملها.
9 ـ كانت ولاية لعصابة هي الولاية الأكثر تضررا من هذا التعديل، وكان التوازن الوحيد الذي تم احترامه في هذا التعديل هو ما حصل مع الشيح "محمدو ولد الشيخ حماه الله" الذي تم تعيين أشد خصومه وزيرا للخارجية، في حين تم تعيين أقرب مقربيه وزيرا للداخلية.
حفظ الله موريتانيا..