تنفيذ استراتيجية النمو السريع والرفاه المشترك من 2017 إلى 2030
حصلت موريتانيا للتو على تمويل من صندوق النقد الدولي لبرنامج معمق لإصلاح اقتصادها وفقا لرؤية 2030.
ذلك ما أعلنه الصندوق للتو مؤكدا «أنه توصل لاتفاق مع الحكومة الموريتانية حول تمويل وتنفيذ برنامج إصلاحات اقتصادية موسعة».
وأوضح أن الاتفاق سيسند باتفاق ثان ممتد على ثلاث سنوات يتيح لموريتانيا الحصول على تسهيل موسع للقروض.
غير أن تنفيذ هذا الاتفاق معلق على موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي في اجتماعه المقرر في ديسمبر المقبل.
وسيمكن الاتفاق موريتانيا من الحصول على قرض قد يصل إلى 115.920 مليون وحدة من وحدات السحب الخاصة (نحو 162.8 مليون دولار)، على فترة ثلاث سنوات.
وأكدت بعثة الصندوق التي أدت في شهر أكتوبر الماضي زيارة لموريتانيا مخصصة لتدارس الاتفاق، «أن برنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي ستنفذه الحكومة الموريتانية والمدعوم من صندوق النقد الدولي، يهدف إلى تحفيز آليات تحقيق نمو شامل ومتنوع من أجل التحسين من مستوى عيش السكان والسيطرة على استقرار الاقتصاد الجمعي، إضافة للتخفيف من ضغط الديون والحد من تعمق الفقر».
وهكذا سيتيح برنامج الإصلاحات المذكور، مستندا لسلسلة الإصلاحات التي أجرتها الحكومة في السنوات الثلاث الأخيرة، مواصلة تدريجية لتنقية وتطهير الأموال العامة سبيلا لدعم جدوائية الديون، وهو ما سيتيح فائضا في ميزانية الدولة يمكن من زيادة الإنفاقات الاجتماعية والاستثمارات في مجال البنى التحتية عبر تعبئة الموارد وتحديد الأولويات في المصاريف إضافة لإصلاح تسيير الاستثمار العمومي.
ويتضمن البرنامج الجديد إرساء سوق تنافسي للصرف وإطار حديث للسياسة النقدية من أجل ضمان الوصول المنتظم للعملات الصعبة وتبسيط إجراءات أسعار الصرف، وتوفير السيولة الداعمة للنمو.
وتنضاف لهذا اتخاذ إجراءات لدعم رعاية البنوك وتحسين مناخ الأعمال وتطوير منظومة الضمان الاجتماعي.
ويؤكد صندوق النقد الدولي أن برنامج الإصلاحات الاقتصادية المقرر سيمكن من تجميع مساعدات شركاء موريتانيا في مجال التنمية لدعم تنفيذ استراتيجية النمو السريع والرفاه المشترك التي أعلنت الحكومة الموريتانية عن تنفيذها خلال الفترة من 2017 إلى 2030. وتعول الحكومة الموريتانية على استراتيجية النمو السريع والرفاه المشترك، في تصور وتنفيذ سياستها التنموية للفترة من 2016 حتى 2030، على أساس أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2016، وعلى أساس أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي.
وكان صندوق النقد الدولي قد أعلن في مذكرة أخيرة له، أنه ينوي فتح آفاق أمام الحكومة الموريتانية لتتمكن من تثبيت حالتها الاقتصادية الكلية ولدعم نموها الشامل ضمن مخطط النمو المتسارع والازدهار المشترك.
وأكد أن بعثته الفنية أنهت لنواكشوط وفد من صندوق الدولي، مكنت من تبادل مكثف لوجهات النظر بين الصندوق والسلطات الاقتصادية والنقدية الموريتانية حول الآليات التي يجب إرساؤها لانتشال الاقتصاد الموريتاني المهدد بعجز مستمر لميزان مدفوعاته بسبب اضطراب أسعار المواد الأولية وخاصة الحديد الذي يمثل ريعه ثلث ميزانية الدولة. وأكد أريك موتو رئيس بعثة الصندوق «أن المباحثات التي أجرتها البعثة في نواكشوط إيجابية ويمكن أن تقود للاتفاق على إصلاحات جديدة».
وقال «ستتواصل مباحثاتنا مع السلطات الموريتانية في واشنطن على هامش الجمعية السنوية لصندوق النقد الدولي مع التركيز على برنامج للاستثمار العمومي وعلى السياسة المالية وكذا على الإصلاحات الخاصة بالمالية العامة والسياسة النقدية».
وكان صندوق النقد الدولي قد أكد في بيان أخير له «أن الاقتصاد الموريتاني حقق نموا ضعيفا يقدر بـ 1.7%، بينما وصلت مديونية موريتانيا الخارجية إلى 72% من الناتج الداخلي الخام.
وأكد في ختام مشاوراته الدورية مع الحكومة الموريتانية «أن موريتانيا تواجه محيطا خارجيا معقدا يتسم بضعف واضطراب أسعار المعادن».
وأوضح البيان «أن انهيار أسعار خامات الحديد بين 2014 و2015 قد أدى لخفض صادرات البلد بالنصف، الأمر الذي أدى لعجز مالي ولاستنزاف الاحتياطات، كما عرض البنوك للهشاشة».
ولمواجهة هذا الوضع سجل صندوق النقد الدولي إيجابا، قيام السلطات الموريتانية بتسوية لموازنة الدولة لعام 2016 (بمبلغ يعادل 3% من الناتج الداخلي الخام)، وسماحها لأسعار الصرف بحرية التأقلم وتمكنها من تعبئة هبات وقروض خارجية».
وحسب صندوق النقد فإن الجهود التي بذلتها الحكومة الموريتانية قد مكنت من الحد من تأثير الاختلالات الخارجية ومن السيطرة على استقرار الاقتصاد الكلي: فقد انخفض عجز الحساب الجاري بـ 15% كما أن التضخم قد احتفظ به في حدود 1.5% خلال عام 2016.
وهنأ الصندوق السلطات الموريتانية على صرامة السياسة الاقتصادية التي انتهجت في مواجهة ظرف بالغ الصعوبة».
وشجع السلطات الموريتانية على انتهاج سياسات حذرة، وعلى إنجاز إصلاحات هيكلية بطريقة مدعومة، مؤكدا «أن الأولوية هي ضمان أكبر حرية للصرف لتقوية التنافس ولتحسين الوضع الخارجي وامتصاص الصدمات ولتمكين السياسة النقدية من تسيير أفضل للسيولة المصرفية ومن مسايرة النمو الاقتصادي».
نواكشوط -« القدس العربي»: