موريتانيا: رمضان يبدأ في ظل حجر منزلي ضاغط وحظر مربك للتجوال

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
سبت, 2020-04-25 06:26

رمضان بدأ أمس الجمعة في موريتانيا لكنه يستهل بشكل مختلف كثيراً هذا العام، فالحجر المنزلي مفروض على الجميع، فلا حرية للتجوال الليلي الذي اعتاده الصائمون، ولا سهرات ليلية ممتعة ولا تبادل للزيارات، ولا حتى صلاة التراويح التي تعود الصيام أداءها، فالمساجد والمصليات مغلقة بالكامل.

فقد حل شهر رمضان هذه السنة في ظروف مختلفة عن الماضي، فالكل هنا، شعباً وسلطات، يشد الأحزمة حتى لا تسجل حالات إصابة جديدة بوباء كورونا المنتشر بشكل مخيف في الجارتين مالي والسنغال.
ومع أن الرئيس الشيخ الغزواني قد أشار أمس في خطابه بمناسبة استهلال رمضان إلى أن موريتانيا من أقل دول العالم تضرراً بهذا الوباء، فقد بالغ في التحذير من خطر الوباء الذي ما يزال، حسب قوله، محدقاً.
وأكد الغزواني في خطابه أن «رمضان يحل هذه السنة ونحن نواجه، على غرار بقية دول العالم، جائحة فيروس كورونا المستجد»، مضيفاً قوله: «لا تزال بلادنا، والحمد لله، من أقل الدول تضرراً بهذا الوباء، وما ذاك إلا بفضل الله وعونه، أولاً، ثم بما تحليتم به، مواطني الأعزاء، من وعي ومسؤولية وحسن استجابة لما اتخذ من تدابير احترازية، وكذلك بفضل ما أبنتم عنه من تكافل وتعاضد، واستعداد للتضحية ضربت له طواقمنا الصحية وقواتنا المسلحة وقوات أمننا أنصع الأمثلة».
وأضاف: «إنني لأحمد الله على تعافي آخر المصابين إصابة مؤكدة بفيروس كورونا في بلادنا، غير أنني أؤكد ، في الوقت ذاته، على أن الخطر لا يزال قائماً، بحكم تعاظم وانتشار هذا الداء، وإن بمستويات مختلفة، في العديد من مناطق العالم بما فيها منطقتنا، فلا بد، إذاً، من دوام اليقظة والاحتراز».
ودعا الرئيس الموريتاني «العلماء والأطباء والمثقفين إلى التركيز هذه السنة في محاضراتهم وندواتهم على مخاطر هذا الوباء وعلى ضرورة دوام استصحاب الحيطة والحذر والأخذ بأسباب الوقاية والاحتراز، والتقيد الصارم بما يصدر من توصيات صحية أو يتقرر من إجراءات بهذا الخصوص».
ويدور سجال ساخن في شبكة التواصل، حول فتوى منع الصيام بسبب وباء كورونا، لكن الداعين لرخصة الإفطار بسبب الجائحة هزموا أمام القائلين بلزوم الصيام عملاً بقول الله تعالى: «وأن تصوموا خير لكم».
وتقسم التقاليد الموريتانية شهر رمضان إلى ثلاثة أسابيع يسمى أولها «أسبوع الخيل» لكونه يمر سريعاً غير منهك للصائمين، وبعد ذلك الأسبوع الثاني وهو الأسبوع المسمى «أسبوع الإبل»، وهو أكثر بطئاً وتثاقلاً، ثم يأتي آخر الشهر «أسبوع الحمير» المنهك للصائمين لطول أيامه.
وبحسب تدوينات المدونين، فإن أسابيع رمضان هذا العام ستكون كلها أسابيع حمير بطيئة ثقيلة لما يضفيه وباء كورونا على الحياة العامة من ركود وهدوء وخمول في المنازل.
فلن يعرف الموريتانيون هذا العام سهرات وجلسات الشاي، فالمتوقع أن يأوي الصائمون للنوم معظم الوقت وأن ينخفض النشاط لأدنى مستوياته.
ومع استفادة الصائمين من قرار السلطات تأخير حظر التجوال بساعتين، بدا اليوم الأول من رمضان أمس الجمعة بنشاط كبير، فالجميع أقبل على أسواق التبضع لاقتناء مستهلكات الصيام، وانتظمت أمام البنوك طوابير الموظفين الذين يبحثون عن تقديم رواتب شهر سيحتاجون إليها بعد صرفها الآن، لمواجهة مصروفات عيد الفطر.
في شهر رمضان يتحول كل شيء إلى الدين والتدين، فالإذاعات والقنوات تتخلى عن برامجها الترفيهية وتستبدل بها قراءة القرآن والمواعظ وحلقات لاستضافة العلماء في برامج مباشرة مع المستمعين والمشاهدين.وبخصوص الوجبات، فلم يكن الموريتانيون قبل عقدين من الزمن، حيث كانت حياة البداوة غالبة، يعرفون الأكلات المتنوعة المعروفة اليوم، فقد كانت المستهلكات في رمضان تقتصر على التمر والحليب الممزوج بالماء والسكر والمعروف محلياً بمسمى «الزريق»، إضافة لكاسات الشاي الأخضر التي يدمن عليها الجميع؛ وكانت الوجبة الرئيسية في رمضان هي وجبة العيش، وهي عصيدة تصنع من دقيق الدخن ويخلط عليها الحليب والملح والسكر، أما اليوم فقد تأثرت الموائد الموريتانية بالموائد المغربية وبما تعرضه قنوات التلفزة من وجبات وفنون طبخ.
وتتصدر الحريرة المغربية بمذاقها اللذيذ وجبات رمضان في غالبية الموائد الرمضانية على مستوى المدن، ويوفر مصدرو الخضراوات المغاربة للأسواق الموريتانية، رغم إكراهات الوباء، مستلزمات طبخ الحريرة من خضراوات وتوابل.
وتستلهم النساء الموريتانيات إعداد الوجبات مما يعرضه «يوتيوب».
وساهمت شبكات التواصل، يتقدمها تطبيق «واتساب»، في تبادل المعلومات حول الوجبات، حيث تنشط المجموعات الواتسابية في تبادل المقادير والصور عن الوجبات وعن أدوات المطبخ وفوائدها وأسعارها، وهو ما يسهل على الكثيرات منهن مشاوير التسوق في ليالي رمضان.
وسيكون لتطبيق «سناب» دوره الكبير، حيث تتبادل ربات الأسر والفتيات، على السريع، صور وجبات الإفطار افتخاراً أحياناً وتقديماً لمعلومات عن المأكولات أحياناً أخرى.
ورغم ارتفاع معدل الفقر في موريتانيا (٪40)، فالوجبات الرمضانية مكلفة يبذل فيها المال بسخاء، فالأغنياء يبذخون والفقراء يتجاوزون طاقاتهم ويتحملون الديون.

عبد الله مولو

نواكشوط – «القدس العربي»: