
سبعة آلاف ميل بحري؛ هي المسافة التي تفصل نواكشوط عن واشنطن (جيئة وذهابا).. مسافةٌ تبدو بحسابات الجغرافيا عادية؛ لكنها بمقاييس الفوارق بين عالمنا "الثالث" وعالمهم "الأول" تعادل سنوات ضوئية..
***
في البيت الأبيض يقيم رئيس أقوى وأغنى دولة في العالم (تخصص سنويا 900 مليار دولار موازنة للدفاع وحده)؛ ولك أن تتخيل ميزانية باقي القطاعات الأخرى.
هذا الرئيس المغرور؛ يحمل حقيبة الأزرار النووية؛ ويهدد منظمات الأمم المتحدة بقطع التمويل عنها؛ بل ويفرض العقوبات على محكمة الجنايات؛ لأنها طالبت بمحاكمة ابنه المدلل نتياهو؛ ويقف حائلا دون مجرد التنديد بالمجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون.
***
رغم كل ذالك يجد ساكن البيت الأبيض؛ نفسه مضطرا للتعامل مع دول العالم جميعها؛ إن لم ينظر إليها كشريك سياسي؛ فهي على الأقل سوق تجارية؛ وموارد هائلة؛ وطبيعة ما تزال في أغلبها بكرا؛ كما هو الحال عندنا في موريتانيا؛ مع ميزة أفضلية عنوانها الأمن والاستقرار في محيط إقليمي ملتهبٍ.
***
وجهَ "اترامب" دعوة لرئيس الجمهورية مع اربعة من زملائه في غرب إفريقيا.. في البيت الأبيض تصدرَ رئيسنا المشهدَ؛ وكان واسطة عٍقد الاجتماع وجها لوجه مع "اترامب".. بدأ بالكلام؛ وتحدث فأوصل الفكرة؛ وقدم موريتانيا بثروتها وفرصها الاستثمارية؛ ليس للرئيس الأمريكي فحسب؛ وإنما لمئات الملايين الذين يتابعون اللقاء في مناكب الأرض.
***
حرص الرئيس كما تابعنا؛ على عقد سلسلة لقاءات مع هيئات دولية وأمريكية؛ لتعزيز أهداف الزيارة؛ قبل أن يختتمها بلقاء مفتوح مع مجموعة من أفراد جاليتنا في واشنطن؛ نقل إليهم صورة البلاد ناصعة كما هي.. استمع إليهم وأسمعَ وأجاب على تساؤلاتهم.
***
في المقلب الآخر فشلت دعايات الخراصين في التشويش على الزيارة؛ رغم حملاتهم المسعورة التي بدات مبكرا؛ بالترويج للتطبيع؛ مخترقة وسائل إعلام عالمية؛ قبل أن تتراجع؛ منكسرة خائبة.. خاسرة.. خاسئة..
قد نختلف في كل شيئ؛ وهذه ظاهرة طبيعية وصحية أيضا؛ لكن المزايدة على رئيس الجمهورية في قضية فلسطين؛ سلعةٌ كاسدةٌ؛ وبضاعةٌ مزجاةٌ؛ ما لها من مشترٍ..
***
لقد ظل فخامة رئيس الجمهورية يصدع عبر المنابر الدولية؛ بأن "ما يجري بقطاع غزة، من قتل وتدمير، وخرق لمبادئ الشرعية الدولية، وحقوق الإنسان، يؤكد حاجة النظام الدولي إلى الإصلاح"..
والقضية الفلسطينية بالنسبة له "مظلومية شعب، وحرمة مقدسات، ونصرة أشقاء، لا يمكن التنازل عنها مطلقا".
فهل يمكننا بعد هذا أن نزايدَ..؟
سيدي محمد ولد ابه
[email protected]