لقد تواترت كل الدلائل على نجاح حملة المقاطعة التي دعا اليها المنتدى الوطني للديمقراطية وغيره من القوى الوطنية الرافضة لانتخابات 21 يونيو الفاقدة للمصداقية، كما أثبتت أن المنتدى استطاع، في فترة وجيزة، أن يفرض نفسه على الساحة الوطنية كقوة سياسية لا يمكن تجاوزها.
ومن أبرز هذه الدلائل وأكثرها دلالة الارتباك والهوس الذين ميزا خطاب مرشح النظام محمد ولد عبد العزيز، الذي لم يعد يرى من منافس له في هذه الانتخابات سوى المنتدى، والذي سقط خطابه في وحل البذاءات والشتائم التي لا يرضى أي شخص يملك أدنى حد من احترام نفسه أن يتفوه بها، أحرى أن تشكل خطابا لرئيس دولة يترشح لخلافة نفسه.
ومن أبرزها كذلك ما طالعنا به اليوم رئيس حزب محمد ولد عبد العزيز من اتهامات واهية للمنتدى تتمثل في احتجاز بطاقات تعريف المواطنين وشراء الذمم بالمال المشبوه، بل ما طالعنا به من تهديد باستخدام الأجهزة القمعية للدولة ضد المنتدى.
والحقيقة هي أن الجهة التي تقوم بشراء الذمم معروفة، وأن الجهة التي توزع اليوم المال المشبوه معروفة كذلك. فمن أين لمحمد ولد عبد العزيز مئات الملايين التي يوزعها خلال جولته الحالية على الأفراد والجماعات وحتى على المؤسسات الرسمية، والتي لا يمكن أن يكون لها من مصدر سوى خزينة الدولة وما يتم اغتصابه من رجال الأعمال المغلوبين على أمرهم؟ فالمعارضة، يا رئيس الاتحاد، شأنها شأن الغالبية الساحقة من الموريتانيين، لم تزدد بعدك الا فقرا وتهميشا، منذ أن استولى محمد ولد عبد العزيز على السلطة في البلاد.
والحقيقة هي أن المعارضة ليست بحاجة الى احتجاز بطاقات تعريف المواطنين. لقد احتجز المواطنون أنفسهم عندما عزف مئات الآلاف منهم أصلا عن التسجيل على اللائحة الانتخابية التي لا تزيد اليوم الا قليلا على نصف الموريتانيين البالغين سن الاقتراع، كما احتجزوا انفسهم عن المشاركة في الحملة الانتخابية التي اقتصرت مظاهرها على صور مكبرة لمرشح السلطة تغطي جدرانا صماء، وموسيقى تخدش الآذان تنبعث من خيام خاوية.
أما التهديد والوعيد باستخدام القمع والقوة ضد المنتدى ، فليس سوى أصدق تعبير عن الفشل الذريع الذي منيت به هذه الانتخابات، وعن النجاحات الباهرة التي يحققها المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة.
ان الموريتانيين لا يريدون المستحيل. يريدون رئيسا عاديا، يتمتع بأدنى حد من الأخلاق الحميدة، يعرف خطابا غير السب والألفاظ البذيئة، يريدون رئيسا بلا حفارة، يريدون رئيسا لا يطلق ابناؤه الرصاص على المواطنين دون أن يتعرضوا للمساءلة بينما يسجن المواطنون ويعذبون في أبسط جريرة وبلا جريرة ، يريدون رئيسا لا يتعرض للرصاص "الصديق" في ظروف غامضة ومشبوهة، يريدون رئيسا لا يطالعهم صوته وهو يماكس عصابات الاجرام على صناديق الدولار المزورة، يريدون رئيسا له ما يفتخر به سوى اغتصاب السلطة، يريدون رئيسا يحترم القانون ويقبل التصريح بممتلكاته، يريدون رئيسا لا تختلط عليه ميزانية الدولة وجيبه الخاص، يريدون رئيسا لم يزور تاريخ ومحل ميلاده. وفي النهاية، الموريتانيون لا يريدون المستحيل. انهم يريدون، كغيرهم من الشعوب، رئيسا يحترمهم ويكون جديرا باحترامهم.
نواكشوط، 16 يونيو 2014
اللجنة الاعلامية