الأزمة الدستورية الناجمة عن انقلاب 2008 في موريتانيا

ثلاثاء, 2019-06-04 16:27

 

بقلم عبد الرحمن ولد حمودي

باحث في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية

دأب قادة الانقلابات العسكرية في موريتانيا وخصوصا بالنسبة لانقلابي العاشر من يوليو 1978 والثالث من أغشت 2005، على إلغاء الدستور وحل كافة المؤسسات المنبثقة عنه، غير أن انقلاب السادس من أغشت 2008 سلك طريقا مغايرا سمح بموجبه بتعايش مؤسسات قائمة منبثقة عن الدستور الذي تم تعطيل جزء منه، مع الواقع الجديد الذي أسس له الانقلاب وتكرس بموجب الميثاق الدستوري المصادق عليه من طرف المجلس الأعلى للدولة بتاريخ 13 أغشت 2008.

فمبوجب هذا الميثاق تم "وضع حد نهائي السلطات رئيس الجمهورية المنصب يوم 19 ابريل 2007" وإسناد الصلاحيات التىي خولها له دستور 20 يوليو 1991 المعدل،للمجلس الأعلى للدولة  (المادة 2). كما أسندت إليه السلطة التنفيذية وخاصة الصلاحيات المنصوص عليها فى المواد من 23 إلى 39 من الباب الثانى من دستور 20 يوليو 1991 المعدل (المادة 5). وأصبح رئيسه هو من يعين الوزيرالأول والوزراء وينهي وظائفهم حسب الطرق المنصوص عليها فى الدستورويعين فى الوظائف المدنية والعسكرية (المادة 6).

وفي نفس الوقت نص الميثاق على أنه "يستمرالبرلمان والمجلس الأعلى للقضاء والمجلس الدستوري ومحكمة العدل السامية والمجلس الإسلامي الأعلى والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومحكمة الحسابات والمجموعات المحلية فىممارسة صلاحياتها طبقا للنصوص التى تحكمها" (المادة 8)[i].

 

لم تكن هذه أول مرة في موريتانيا يتواجد فيها منطق القوة في مواجهة مباشرة مع منطق القانون، غير أن الواقع الجديد قوبل برفض واسع من طرف الرئيس المطاح به وحكومته والقوى السياسية الداعمة له، مما تسبب في أزمة دستورية عاشتها البلاد ولم تعرف طريقها إلى الحل إلا تحت إشراف دولي وبفضل اتفاق سياسي أفضى إلى تنظيم انتخابات رئاسية في 18 يوليو 2009.

وفي حين لم تقتصر مقاومة الانقلاب (الفقرة الأولى) على القوى الداخلية الداعمة للرئيس المطاح به وشملت أطرفا فاعلة في المجتمع الدولي، فإن مسار الخروج من الأزمة (الفقرة الثانية) عرف عملية شد وجذب بين السلطة المنبثقة عن الانقلاب والسلطة المطاح بها، تواصلت لغاية التوقيع على اتفاق داكارواستمرت بعد ذلك طويلا.

الفقرة الأولى: مقاومة الانقلاب

لم يكن انقلاب السادس من أغشت 2008 مفاجئا للفرقاء السياسيين، لذلك ما إن أعلن عنه حتى بدأت مقاومته تتبلور لدرجة أن نفس اليوم الذي أزيح فيه الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله هو الذي أعلن فيه عن تشكيل الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية التي ستتزعم الجانب الأساسي من النضال ضد الانقلاب.

 وكما سبقت الاشارة إلى ذلك، فإن السلطة المنبثقة عن الانقلاب لم تجد في مواجهتها المعارضة الداخلية (أولا) وحدها بل إنها واجهت رفضا دوليا (ثانيا) ساهمت فيه منظمات إقليمية من ضمنها الاتحاد الافريقي والجامعة العربية إلى جانب بعض الدول والمنظمات الدولية.

أولا: المعارضة الداخلية

عبرت الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، في البيان الذي أعلنت فيه عن تشكيلها يوم 6 أغشت 2008، عن قلقها من أن العودة إلى دوامة الانقلابات العسكرية وتوفيرالأسباب الموضوعية للاضطرابات والقلاقل، من "شأنه أن يشوه صورة البلاد ويفقدها المصداقية التي حازتها بامتيازبفعل مؤسساتها الشرعية وخاصة مؤسسة الرئاسة مماسيزيد من حدة الأوضاع المعيشية الصعبة في البلاد ويدفع إلى مزيد من تردي الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطن".

واعتبرت الجبهة التي تشكلت من أربعة أحزاب سياسية هي: التحالف الشعبي التقدمي، التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"، العهد الوطني للديمقراطية والتنمية "عادل"، اتحاد قوى التقدم، أن "تعهدات العسكربتنظيم انتخابات رئاسية جديدة ليس أكثرمن حيلة مفضوحة للالتفاف على إرادة الشعب"، معلنة تمسكها"بالسيد سيديمحمد ولد الشيخ عبدالله رئيسا شرعيا للجمهورية الإسلامية الموريتانية" وإدانتها"للاعتقالات التعسفية التي قام بها العسكرلمجموعة من المواطنين على رأسهم ا لسيد رئيس الجمهورية والوزيرالأول ومن بينهم السيدان أحمدولد سيدي باب وموسى افال".

ودعت الجبهة الأحزاب السياسية والمنتخبين ومؤسسات المجتمع المدني وعموم الشعب الموريتاني وقواه الحية إلى الوقوف صفا واحدا لحماية الشرعية الدستورية والحفاظ على المكاسب الديمقراطية وعدم الانجرار وراء حملات الترغيب والترهيب التي سيقوم بها الانقلابيون وأعوانهم، كما دعت"الدول الصديقة والشقيقة والمؤسسات الدولية التدخل لفرض عودة الشرعية إلى البلاد"[ii].

وستتعزز صفوف الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية في يوم 07 أغشت 2008 بأبرز المركزيات العمالية التي رأت في الانقلاب "تراجعا كبيرا للديمقراطية في موريتانيا, ذلك النموذج الذي شكل مثلا يحتذى في إفريقيا والعالم العربي"، داعية لإعادة الشرعية الدستورية من خلال استرجاع السلطة للمؤسسات المنتخبة شرعيا ولبقاءالجيش"في مهمته الجمهورية والمتمثلة في حماية الحوزة الترابية وفي خدمة الشرعية الدستورية"[iii].

وانطلاقا من أن الانقلابات تعد "تصرفا بائدا ظن  الموريتانيون والعالم معهم أن عهدها قدولى إلى غير رجعة وخرقا سافرا للدستور الذي صوت عليه الشعب الموريتاني بحرية"، سيعلن رئيس الجمعية الوطنية مسعود ولد بلخير "التمسك بالرئيس المنتخب للبلد السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله باعتباره الرئيس الشرعي الوحيد للبلد" وعد مقبول أي حل للأزمة غير الإفراج الفوري عن الرئيس الشرعي وإعادته لممارسة مهامه الدستورية كاملة، إضافة إلى "رفض أي تعديل دستوري يفتح الباب لتشريع الانقلاب العسكري وربطه بالمؤسسات الديمقراطية الشرعية"[iv].

نفس الخطوة أيضا سيتخذها كل من رئيس مجلس الشيوخ باامباري ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي أحمد ولد سيدي بابه، لتتحول الجبهة مع مرور الوقت إلى قطب عريض للدفاع عن الشرعية الدستورية[v]، مركزة جهودها على الضغط الداخلي على السلطة المنبثقة عن الانقلاب من خلال المهرجانات والمسيرات والاعتصامات وغيرها، وعلى الضغط الخارجي عبر تعبئة المجتمع الدولي لعزل الانقلابيين ومحاولة فرض عقوبات عليهم[vi].

ومنذ تأسيسها بلورت الجبهة خطابا يركز على ضرورة الاسراع في تسوية الأزمة باعتبار أن الوقت في صالح الانقلابيين وأن إرغامهم على التراجع لن يكون ممكنا إلا بممارسة شتى أنواع الضغوط الممكنة بما فيها العقوبات الدولية، إضافة إلى أن نجاح أو فشل الانقلاب لن يكون حاسما في تقدم أو تراجع الديمقراطية في موريتانيا فحسب، بل أيضا في إفريقيا والعالم العربي[vii].

أما بالنسبة لإمكانية البحث عن حل للأزمة القائمة، فقد ظلت الجبهة متمسكة بضرورة تحقق شرطين أساسيين، قبل الدخول في أي حوار للبحث عن مخرج نهائي للأزمة. ويتعلق الأمر أولا: بإطلاق سراح الرئيس المطاح به سيدي ولد الشيخ عبد الله واستعادته لكامل سلطاته كرئيس للجمهورية واستئناف العمل بالدستور من دون تعطيل أي من مواده، وثانيا: بإقصاء العسكريين المشاركين في الانقلاب من الحياة السياسية بصفة شاملة ونهائية.

وتتعهد الجبهة بعد تحقق شرطيها "بالدخول في مشاورات مع جميع الفاعلين السياسيين الوطنيين –بالتعاون مع المجتمع الدولي- بغية التوصل إلى مخرج من الأزمة السياسية ضمن إطار الدستور وقوانين الجمهورية وأخذا في الحسبان وضعية السلطات الشرعية للبلاد"[viii].

ولا يمكن القول بأن الجبهة أهملت الجانب القانوني في نشاطاتها وإن كان اهتمامها به قد جاء متأخرا، حيث أنها لم تتوجه إلى المجلس الدستوري لطلب رأيه حول مدى شرعية الانقلاب إلا نهاية شهر ابريل 2006، أي بعد ثمانية أشهر على حصوله. وقد ظل من دون جواب طلب رئيس الجمعية الوطنية مسعود ولد بلخير، لرأي المجلس الدستوري فيما إذا كان انقلاب 6 أغشت 2008 يعتبر "إجراء شرعيا في نظر دستور 20 يوليو 1991 المعدل 25 يونيو 2006 وهل بإمكان هذا الانقلاب استبدال كل الشرعية المنبثقة عن هذا الدستور؟"[ix].

وعلى نفس المنحى حاول رئيس الجمعية الوطنية، حمل المجلس الدستوري على التراجع عن قراره رقم: 04/2009 المتعلق بشغور منصب رئيس الجمهورية، بالاعتماد على مجموعة حجج من بينها أنه لا يوجد في موريتانيا سوى دستور واحد هو الذي يجب أن تتأسس عليه قرارات المجلس بعيدا عن التأثر بالأوامر الدستورية الصادرة عن المجلس الأعلى للدولة باعتباره هيئة غير شرعية، إضافة إلى أن القرار صدر بناء على رسالة من الوزير الأول المعين من طرف هذه الهيئة غير الشرعية[x].

ثانيا: الرفض الدولي

من بين مميزات انقلاب 2008 عن غيره من الانقلابات التي سبقته في موريتانيا، أنه وقع ضد رئيس نصب في أعقاب انتخابات تعددية شارك فيها 19 مرشحا وتوجه فيها الناخبون لأول مرة إلى صناديق الاقتراع مرتين لحسم اختيارهم في جولة ثانية من التنافس بين مرشحين، وأنه أول انقلاب يواجه ممانعة داخلية منظمة وعلنية وأنه أول انقلاب يستند على برلمانيين منتخبين في دعم عملية تغيير للسلطة بالقوة[xi].

غير أن من بين مميزات هذا الانقلاب أيضا أنه وقع في ظرفية لم يعد الاستيلاء على السلطة بالقوة فيها محل ترحاب من طرف المجتمع الدولي، ذلك أن العولمة التي يعيش العالم تأثيراتها لم تعد شأنا اقتصاديا فحسب، بل هي أكثر من ذلك وعي كوني ينمو لصالح انتصار العدالة[xii].

وتكشف الممارسة الحديثة للدول الديمقراطية وبعض المنظمات الاقليمية والدولية، عن رفض واسع للاستيلاء على السلطة بالقوة باعتباره سلوكا ينتهك الشرعية القائمة ويصبح هذا الرفض أشمل حين يحصل الانقلاب ضد سلطة منتخبة بطريقة ديمقراطية[xiii]. ويتأسس هذا الرفض على موقف فقهي برز بقوة منذ نهاية الحرب الباردة يتعلق بوجود قاعدة في القانون الدولي العام تلزم كل الدول باعتماد نظام ديمقراطي[xiv].

ويخص الالزام المذكور بانتهاج الديمقراطية، بشكل رئيسي مسألة الانتخابات، ذلك أن الالتزامات الخاصة بالحقوق السياسية والمدنية للإنسان تحكمها آليات دولية متعددة، ليتعلق هذا الالزام فقط بمبدأ انتخاب قادة الدول أو من يسند إليهم القانون مهمة رقابتهم[xv]. وانطلاقا من المسؤولية الدولية، فإن رفض الاستيلاء على السلطة بالقوة قد لا يتوقف عند الادانة، بل يمتد ليشمل فرض عقوبات تتنوع بتنوع قوانين وأنظمة الجهات التي تفرضها[xvi].

ضمن هذا الاطار واجه انقلاب 6 أغشت 2008، رفضا إقليما ودوليا واسعا ما لبث أن أخذ شكله النهائي في صورة "مجموعة الاتصال الدولية حول موريتانيا" التي واكبت الأزمة حتى أشرفت على الاتفاق النهائي للخروج منها المصادق عليه بالأحرف الأولى في داكار يوم 2 يوليو 2009 والموقع في الخامس من نفس الشهر في نواكشوط.

كان الاتحاد الافريقي سباقا إلى إدانة الانقلاب والمطالبة بعودة الشرعية الدستورية، قبل أن يتخذ قراره يوم 9/08/2008 بتعليق عضوية موريتانيا استنادا إلى مواثيقهالتيتحظرالتغييراتغيرالدستوريةوعلى وجه الخصوصالميثاقالافريقيللديموقراطيةوالانتخاباتوالحكم الذي صادقت عليه موريتانيا قبل شهر من حصول الانقلاب[xvii]. وفي نفس الاتجاه، باستثناء تعليق العضوية، سارت باقي مكونات المجموعة الدولية: الجامعة العربية، منظمة المؤتمر الاسلامي، الاتحاد الأوربي، المنظمة الدولية للفرانكوفونية، منظمة الأمم المتحدة[xviii].

وقد قام أعضاء هذه المجموعة بإجراءات منفردة تجاه السلطات المنبثقة عن الانقلاب مثل: الاجتماع الذي عقده الأمين العام للجامعة العربية بممثلي الانقلاب يوم 9/9/2008، فرض الولاياتالمتحدةقيوداعلىسفربعضأعضاءالمجلسالعسكريوالحكومةإلىأراضيها يوم 16 اكتوبر، المشاورات بين الاتحاد الأوربي وموريتانيا في إطار المادة 96 من اتفاقية كوتونو يوم 20 اكتوبر، غير أن المجموعة منذ لقائها الثاني المنعقد 10 نوفمبر وجهت رسالة صريحة إلى السلطات المنبثقة عن الانقلاب بضرورة "التعاون مع الاتحاد الافريقي من أجل التوصل لحل سياسي يحظى بالإجماع ويتأسس على استعادة الرئيس الشرعي المنتخب لسلطاته"[xix].

وستبدأ المجموعة منذ لقائها في آديسآبابا بتاريخ 21 نوفمبر 2008 "بتشجيع أعضائها على اتخاذ الاجراءات المناسبة وبالذات العقوبات الفردية في حق داعمي الانقلاب"، كما ستعلن أنها باتت تعمل بالتنسيق مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي الذين عبروا عن استعدادهم "لدراسة الوضع في موريتانيا في ضوء التطورات الجارية لتسوية الأزمة وعودة الشرعية الدستورية"[xx].

وخلال الاجتماع 163 لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الافريقي يوم 22 ديسمبر 2008، سيتخذ قرارا بفرض عقوبات منتقاة ضد "كل المدنيين والعسكريين الذين يقومون بنشاطات من شأنها المحافظة على الوضع القائم غير الدستوري في موريتانيا إذا لم تتم العودة إلى النظام الدستوري قبل 5 فبراير 2009" وبالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي "من أجل إعطاء طابع عالمي للعقوابات"[xxi].

ومنذ اجتماعها يوم 28 يناير 2009، ستوضح المجموعة الدولية رؤيتها للخروج من الأزمة التي ستتضمن لأول مرة أن الحل يمر عبر تنظيم "انتخابات رئاسية حرة ومنتظمة" متناغمة في ذلك مع التطورات الداخلية التي بدأت منذ الافراج عن الرئيس المطاح به في 21 ديسمبر ترى في الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها الحل الوحيد المتاح[xxii]. وستتراخى قبضة المجموعة الدولية على الملف الموريتاني منذ لقائها في باريسيوم 20 فبراير2009،حيث ستعلن تأجيل "القراراتالحاسمة" إلىغايةنهايةشهرمارس،بهدف منحالرئيس الليبي معمر القذافيفرصةللقيام بوساطة بين أطراف الأزمة[xxiii].

ومع أن عقوبات الاتحاد الافريقي التي تشمل حظر السفر وتجميد الأرصدة ستدخل حيز التنفيذ يوم 5 فبراير وأن الاتحادالأوروبيسيعلقرسمياتعليق تعاونهالاقتصاديمعموريتانيالمدةعامينلحين"العودةإلىالنظامالدستوريعبرانتخاباترئاسيةحرةشفافة"، إلا أن الملف بعد فشل الوساطة الليبية في 9 مارس، سيقع بين يدي الرئيس السنغالي عبد الله واد الذي سينجح فيما فشل فيه نظيره الليبي[xxiv].

الفقرة الثانية: مسار الخروج من الأزمة

في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية المطالبة بالعودة إلى الشرعية الدستورية، قررت السلطات المنبثقة عن الانقلاب البحث عن مخرج للأزمة القائمة يفتح المجال أمام عودة البلاد لحياة دستورية طبيعية.

ضمن هذا الاطار جاء تنظيم "أيام تشاورية" في 26 ديسمبر 2008، "لوضعأسسسياسيةودستوريةلمرحلةانتقالية"،غير أنها لم تحظ بالإجماع المطلوب نظرا لمقاطعة الجبهةالوطنيةللدفاععنالديمقراطية لها، ومع ذلك قررت هذه السلطات المضي قدما في "أجندتها الخاصة" فأصدرت مرسوما يوم 22 يناير 2009 يقضي بالدعوة لانتخابات رئاسية يجري شوطها الأول يوم 6 يونيو [xxv]2009.

وفتح قرار السلطات المنبثقة عن الانقلاب الذي تقدمت به أيضا في شكل مقترح للخروج من الأزمة للمجموعة الدولية، الباب أمام مقترحات مضادة لأبرز أطراف الأزمة صبت كلها في اتجاه إجراء انتخابات رئاسية وإن اختلفت بشأن طريقة التنظيم وجهة الاشراف ومن يستطيع المشاركة فيها.

ففي حين اقترح الرئيسالمطاح به إعادته إلى منصبه علىأنيقومبعدذلكبالدعوةإلىحواروطنيشامليقودلتنظيمانتخاباترئاسيةوبرلمانيةمبكرة،فقد رفض زعيمالمعارضةأحمدولدداداه–الذي كان حتى ذلك الوقت من داعمي الانقلاب- عودةولدالشيخعبداللهإلىالسلطةمقترحا تنظيمانتخاباترئاسيةمبكرةيحظر علىالجنرالمحمد ولدعبدالعزيزالترشحلهاأومساندةأيمرشحلها[xxvi].

ورغم التباين في وجهات النظر، واصلت السلطات المنبثقة عن الانقلاب تنفيذ مقاربتها للخروج من الأزمة (أولا) التي تشمل استقالة الجنرالمحمد ولدعبدالعزيزمن رئاسة المجلس الأعلى للدولة وتوليرئيسمجلسالشيوخوالحكومةتسييرشؤونالبلاد للإشراف على الانتخابات، فيما استمرت الوساطات للبحث عن حل توافقي إلى أن تم التوصل إليه عبر اتفاق داكار (ثانيا).

أولا: مقاربة السلطات المنبثقة عن الانقلاب للعودة للشرعية الدستورية

بعد أن بدأت الأوضاع تتجه نحو البحث عن حل للخروج من الأزمة، برزت الاشكالية الرئيسية التي تعترض هذا الحل متمثلة في كيفية تجاوز الوضع القائم حيث تتعايش سلطة تنفيذية مشكلة بأوامر عسكرية مع مؤسسات ديمقراطية (البرلمان، المجلس الدستوري ...)، لاستئناف العمل بالدستور الذي تم تعطيل الجانب الأهم من أحكامه منذ الانقلاب؟

يقضي مقترح السلطة المنبثقة عن الانقلاب –كما سبقت الاشارة إلى ذلك- بتقديم الجنرال محمد ولد عبد العزيز استقالته من رئاسة الدولة، ليفتح المجال بذلك أمام تولي رئيس مجلس الشيوخ نيابة رئيس الجمهورية كما تنص على ذلك المادة 40 من الدستور، وهو ما يتطلب أن يتحقق المجلس الدستوري من شغور المنصب الرئاسي.

لكن قد لا يتعلق الأمر بمهمة سهلة بالنظر إلى تمسك الرئيس المنتخب بمنصبه وإلى أن طلب التحقق من الشغور لا يمكن أن يقدم إلا من طرف رئيس الجمهورية نفسه أو رئيس مجلس الجمعية الوطنية الرافض للانقلاب أو الوزير الأول الذي تمت إقالته، مع العلم أن السلطات الانقلابية بإمكانها أن تستخدم القوة لمنع هؤلاء من مزاولة مهامهم غير أنها لا تملك سحب شرعيتهم.

ومع ذلك فقد شكلت استقالة الجنرال محمد ولد عبد العزيز من رئاسة الدولة يوم 15 ابريل 2009 وإعادة تنظيم المجلس الأعلى للدولة، مناسبة للوزير الأول المعين من طرف السلطات الانقلابية، لتوجيه رسالة إلى المجلس الدستوري في نفس اليوم يطلب فيها "التحقق من توفر عناصر حالة شغور منصب رئيس الجمهورية"، ليأتي رد المجلس في شكل القرار 004/2009، مؤكدا: "أن هنالك شغورا فعليا في منصب رئيس الجمهورية وأن رئيس مجلس الشيوخ يتولى نيابة رئيس الجمهورية لتسيير الشؤون الجارية"[xxvii].

واستند المجلس الدستوري في قراره إلى إن المادة 41 من الدستور تنص على أنه: يتحقق المجلس الدستوري من الشغور والمانع النهائي على أساس طلب من: رئيس الجمهورية، أو رئيس الجمعية الوطنية، أو الوزير الأول.، وأن المادة 40 من الدستور تنص على أنه في حالة شغور أو مانع اعتبره المجلس الدستوري نهائيا، يتولى رئيس مجلس الشيوخ نيابة رئيس الجمهورية لتسيير الشؤون الجارية.كما استند إلى المادة الأولى من الأمر الدستوري رقم 001-2008 بتاريخ 15 إبريل 2009، المعدل والمكمل للأمر الدستوري رقم 002-2008 بتاريخ 13 أغشت 2008 المحدد للسلطات المؤقتة للمجلس الأعلى للدولة، التي نصت على إنهاء السلطات المؤقتة المسندة للمجلس الأعلى للدولة"[xxviii].

واستنتج المجلس الدستوريمن المعطيات السابقة"أن هناك شغورا فعليا بالنسبة لأعلى منصب في الدولة، ألا وهو منصب رئيس الجمهورية"، فأصدر حكمه انطلاقا من أن: "منصب رئيس الجمهورية لا يتحمل الفراغ ولو لحظة واحدة لما يترتب على ذلك من المفاسد الكبيرة، مما يجعل الأمر ذا طابع استعجالي وملح"، ومن أن"الظروف العامة للبلد منذ 6 أغشت 2008 ذات صبغة استثنائية يتحتم التعامل معها بقدر كبير من الحكمة والمسؤولية، تطبيقا لقاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد المعروفة في الشريعة الإسلامية التي هي المصدر الوحيد للقانون حسب نص الدستور في ديباجته، لا سيما إذا تعلق الأمر بجلب مصلحة أو درء مفسدة عامتين"[xxix].

لم يمر هذا القرار بالطبع من دون إثارة رفض الرئيس المطاح به ولد الشيخ عبد الله وكذلك رئيس الجمعية الوطنية الذي وجه رسالة بهذا الخصوص إلى المجلس الدستوري سبقت الاشارة إليها، غير أنه أيضا أثار جدلا قانونيا[xxx] ساهم فيه أبرز أساتذة القانون باعتباره يساوي بين الدستور والأوامر القانونية الصادرة عن السلطات الانقلابية بل ويجعل هذه الأخيرة حاكمة على الدستور، كما أن لا يأخذ في الحسبان بأن الرئيس الذي تتحدث عنه المادة 40 من الدستور هو الرئيس المنتخب الذي أدى اليمين الدستورية أمام نفس المجلس الدستوري يوم 19 ابريل 2007 وتمنحه المادة 26 من الدستور مأمورية 5 سنوات، وأن هذا الرئيس على اتم الاستعداد لممارسة مهامه[xxxi].

وبالرغم من إشارة القرار إلى قاعدة "جلب المصلحة ودرء المفسدة"، إلا أنه تجدر الاشارة إلى أن من بين نتائجه كونه يتسبب في عدم التجانس على مستوى قمة الهرم القانوني من خلال مساواته بين الدستور والأوامر القانونية من دون أن يوضح الأسباب القانونية لذلك، حيث أعطى الانطباع بأن هناك دستوران أحدهما مصادق عليه من طرف الشعب والثاني معتمد من طرف المجلس الأعلى للدولة وأن الثاني أعلى درجة من الأول[xxxii].

كما أن من نتائجه كونه يؤسس لعدم الاستقرار الدستوري الملازم لدسترة الانقلابات العسكرية، إذ أن الرسالة التي يحملها لأي انقلابي محتمل هي أنه حين ينجح في الاستيلاء على السلطة فإن تصرفه سيرفع إلى مقام الدستور بل سيتبوأ مكانة أسمى منه. وبالتالي فإن هذا القرار لا يقدم للسلطات القائمة سوى خدمة مؤقتة باعتباره يحمل بذور الاعتراف بدستورية أفعال من يحتمل أن ينجحوا في إزاحتها وحتى من قد يأتون من بعد أولئك[xxxiii].

هذا بالإضافة إلى أن مقاربة المجلس الدستوري المتعلقة بحل قضايا تتعلق بالقانون "الوضعي" من خلال اللجوء إلى مفاهيم ومبادئ الشريعة الاسلامية، تضع حدا لانفصام واستقلالية كل من النظامين، مما يثير التساؤلات حول تحديد تلك المبادئ وموقعها ضمن الهرم التشريعي. وهو ما يمكن على مستوى آخر أن ينزلق بالقاضي الدستوري الموريتاني إلى الميدان الزلق لرقابة الملاءمة[xxxiv].

هل كان المجلس الدستوري مجبرا على الاختيار بين مواجهة غير متكافئة الأطراف مع السلطات العسكرية، أو الانخراط في أجندة هذه السلطات بذريعة أن"الظروف العامة للبلد منذ 6 أغشت 2008 ذات صبغة استثنائية يتحتم التعامل معها بقدر كبير من الحكمة والمسؤولية"؟ أم أنه كانت لديه إمكانية لمقاربة مسألة الشغور من زاوية أخرى؟

لعله كان من ضمن الخيارات المتاحة أمام المجلس الدستوري أن ينظر إلى خصوصية الوضعية انطلاقا من المادة 40 من الدستور ويلاحظ عدم قدرة الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله على ممارسة مهامه بالنظر لواقع الحال. وفي هذه الحالة وبعد أخذه في الحسبان استقالة الجنرال محمد ولد عبد العزيز الذي كان يحوز على السلطة –في الواقع وليس في الجوهر- يمكن للمجلس أن يلاحظ وجود "مانع مؤقت" –وليس نهائي- يحول بين الرئيس في الواقع وليس بالقانون ومزاولة السلطة، ويقوم انطلاقا من ذلك بتعيين رئيس مجلس الشيوخ كرئيس بالنيابة[xxxv].

تنطلق هذه الرؤية من التعلق بشرعية الرئيس المنتخب وبالتالي من رفض الانقلاب وأيضا من ضرورة استمرارية الدولة. وهي وإن كانت تشترك مع قرار المجلس الدستوري في أخذ الواقع الذي تعيشه الدولة في عين الاعتبار، فإنها في نفس الوقت تفتح الباب أمام العودة للنظام الدستوري وكانت ستجنب المجلس الدستوري الحرج الذي وضع فيه حين اضطر لاحقا لأخذ العلم باستقالة الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله يوم 26 يونيو 2009 في إطار تفاهمات اتفاق داكار، نفس الرئيس الذي كان المجلس قد أعلن منصبه شاغرا في القرار 004/2009.[xxxvi]

وتجدر الاشارة هنا إلى أن المجلس الدستوري قد لاحظ في قرار 006-2009 بتاريخ 27 يونيو 2009، شغور منصب رئيس الجمهورية وكلف مجددا رئيس مجلس الشيوخ بنيابته وذلك بناء أيضا على طلب من الوزير الأول، غير أنه لم يحدد النتائج القانونية لقراره والمتمثلة في استئناف العمل بالدستور "كوثيقة ديمقراطية شرعية" منذ التعيين الشرعي للرئيس بالنيابة بعد استقالة الرئيس ولد الشيخ عبد الله[xxxvii].

وبطبيعة الحال فإن عودة العمل بالدستور تقود –بحسب نظرية تغير الظروف القانونية والواقعية- إلى توقف العمل بكل النصوص المخالفة له. ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالأمرين الدستوريين المتعلقين بتنظيم وإعادة تنظيم المجلس الأعلى للدولة، كما يخص أيضا النصوص المعينة للحكومة المنبثقة عن الانقلاب وكذلك النصوص المؤسسة للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات ومرسوم استدعاء الهيئة الناخبة[xxxviii].

وتجدر الاشارة إلى أن كل هذه القضايا تم تناولها في إطار اتفاق داكار الذي سنتعرض له في الفقرة الموالية.

 

ثانيا: اتفاق داكار

نجحت الوساطة السنغالية مدعومة من طرف مجموعة الاتصال الدولية حول موريتانيا، كما سبقت الاشارة إلى ذلك في إقناع الأقطاب السياسية الكبرى: الأغلبية البرلمانية الداعمة للجنرال المستقيل محمد ولد عبد العزيز، الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية المريدة للرئيس المستقيل، تكتل القوى الديمقراطية برشاسة زعيم المعارضة أحمد ولد داداه، بتوقيع اتفاق سياسي يقضي بتنظيم مرحلة انتقالية يلتزمون بالتسيير التشاركي لهامن خلال حكومة وحدة وطنية انتقالية وتشكيل لجنة وطنية مستقلة للانتخابات تشرف على انتخابات رئاسية يشارك فيها كل من يرغب في ذلك.

وبحسب الاتفاق فقد فضلت الأطراف أن تكون فترة الانتقال قصيرة تحت ضغط الاتحاد الإفريقي، الذي يصر في حالات التغيير المنافية للدستور على تحديد فترة انتقالية وعلى العودة للحياة الدستورية في غضون ستة أشهر، مع الاعتراف بصعوبة المشكلات الناجمة عن مثل هذا الخيار والمتعلقة"بشفافية الانتخابات شكلا ومضمونا، أي الثقة في الأدوات الانتخابية ومصداقيـة الاقتراع في مجمله وتساوي كافة المترشحين أمام وسائل الإعلام العمومية وحياد الإدارة الإقليمية والمتابعة الدقيقة لمجمل المسلسل الانتخابي من طرف المجوعة الدولية"[xxxix].

تنطلق المرحلة الانتقالية –طبقا للاتفاق- بتوقيع الرئيس سيدي محمد ولد الشيوخ عبد الله لمرسوم يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية على أن لا يكون لذلك مساس بالقرارات الحكومية السابقة، قبل إعلانه عن قراره الاستقالة بمحض إرادته من مأموريته ليتوليرئيس مجلس الشيوخ شغل منصب رئيس الجمهورية بالنيابة. ويتمثل دور حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية في السهر على استمرارية الدولة وتتولي تسيير شؤون الوطن كما تشرف على تطبيق الاتفاق عامة وتتخذ بالخصوص الإجراءات الضرورية لتنظيم وحسن إجراء الانتخابات الرئاسية.

ويحدد الاتفاق يوم 18 يونيو 2009 موعدا للشوط الأول من الانتخابات الرئاسية كما حدد فاتح أغسطس 2009 -عند الاقتضاء - موعدا للشوط الثاني، على أن تحدد حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية تواريخ وفترات كافة العمليات المتعلقة بالمسلسل الانتخابي وخاصة منها المراجعة الاستثنائية للائحة الانتخابية وتصحيح الوثائق الانتخابية وتصديق ملفات الترشحات .

وتعهدت الأطراف الموقعة للاتفاق باتخاذ كل التدابير اللازمة لدي السلطات الحكومية المختصة بغية التحديد العاجل لإجراءات فعالة كفيلة بتلطيف الأجواء وخلق بث روح الثقة على مستوى الساحة السياسية. وبالامتناع عن إثارة ملفات قضائية ضد شخصيات مهما يكن انتماؤهم السياسي.

كما تعهدت المنظمات الدولية والشركاء الدوليون لموريتانيا بتقديم الدعم والمساعدة اللازمين إلى السلطات الموريتانية المختصة بما في ذلك الخبرة القانونية والتكنولوجية والفنية والمساهمات المالية المعتبرة الضرورية لتغطية تكاليف كامل المسلسل الانتخابي كما يطلب من المجتمع الدولي، بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي، وضع آلية متكاملة وفعالة كفيلة بتوفير ما ينبغي من مساعدة ورقابة انتخابية للتأكد من إجراء انتخابات رئاسية منسجمة مع التشريعات الموريتانية ومع المعايير الدوليــة المتعارف عليها في هذا المجال[xl].

واتفق الأطراف على أن لا يجعل هذا الاتفاق حدا نهائيا لمتابعة الحوار الوطني حول النقاط الأخرى التي ربما يكون لها دور في تعزيز المصالحة الوطنية والديمقراطية، وذلك بعد الانتخابات الرئاسية مباشرة، من آجل: تعزيز قواعد الممارسة الديمقراطية المتعددة والحرص على تجنب تغيير الحكومة بشكل غير دستوري بما في ذلك إصلاح المؤسسات الوطنية للأمن، ترقية الحكم الرشيد، تسوية الخلافات حول السلطة عبر طرق سياسية مع احتمال إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، معالجة كافة القضايا الأخرى التي من شأنها تعزيز الوحدة الوطنية وتوطيد المصالحة والاستقرار[xli].

لم يعترف الاتفاق بمكانة خاصة للقوات العسكرية والأمنية، بل أكد على أن "أجهزة الدفـاع والأمن تقوم بأدوارها في إطار ما ينص عليه الدستور وقوانين الجمهورية"، بالرغم من المحاولات التي تم القيام بها "للاعتراف بدور سياسي للعسكريين إلى جانب المؤسسات الديمقراطية العادية" والتي وصفت بأنها "فكرة غير ديمقراطية ومستحيلة التطبيق وخطيرة على السلم المدني، إضافة إلى كونها تسير في الاتجاه المعاكس للتوجهات التي سلكتها الديمقراطيات الناشئة"[xlii].

ومعه أنه يمكن القول بأن المهمة الرئيسة لاتفاق داكار متمثلة في العودة إلى حياة دستورية طبيعية قد تحققت بتنصيب الرئيس بالنيابة، إلا أن أولى مهام السلطات الانتقالية تمثلت في تنظيم انتخابات رئاسية شفافة، فهل نجحت هذه السلطات في مهمتها أم أنها فشلت في ذلك لتستمر الدولة الخارجة للتو من أزمة دستورية في أزمتها السياسية حتى بعد تنظيم الانتخابات؟

بعد تقديم الجنرال محمد ولد عبد العزيز لاستقالته وتولي رئيس مجلس الشيوخ منصب نائب رئيس الجمهورية بالنيابة، قام هذا الأخير بالمصادقة على مرسوم يؤجل تاريخ الانتخابات الرئاسية التي كانت السلطات المنبثقة عن الانقلاب قد حددت لها 6 يونيو 2009 "في انتظار أن يتم استدعاء الهيئة الناخبة لاحقا"، غير أنه ما لبث أن أصدر المرسوم رقم 083/2009 بتاريخ 23 يونيو 2009 يستدعي الهيئة الناخبة يوم 18 يوليو 2009 للاقتراع الرئاسي[xliii].

ورغم أن الرئيس بالنيابة باممادو الملقب امباري في بيان رئاسي، اعتبر أن "مرسوم استدعاء هيئة الناخبين يهدف مبدئيا إلى توفير جميع الظروف المادية والفنية الضرورية لتنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة والتي تتطلب فترة زمنية غير قابلة للتمديد"، وأنه "يبقى منسجما مع روح ونص الاتفاق المذكور"[xliv]، إلا أن المجلس الدستوري –الذي أحيل إليه من طرف زعماء المعارضة- حكم بعدم دستوريته في قراره رقم 005/2009.

لقد تضمن مرسوم الرئيس بالنيابة تأكيدا لصحة الترشحات المعتمدة للانتخابات التي كان مقررا إجراؤها في 6 يونيو مع إمكانية سحب بعضها، كما أكد بقاء ترتيب المرشحين المعتمد من طرف المجلس الدستوري لتلك الانتخابات قائما على أن يكمل المرشحون الجدد اللائحة، مع حظر أي طعن في الترشحات المعتمدة سابقا، حيث كان المجلس الدستوري في قراره رقم 001/2009 قد اعتمدطلباتأربعةمترشحينللرئاسة،مرتبين على النحو التالي: محمدولدعبدالعزيز، كانحاميدوبابا، ابراهيمامختارصار، اسغيرولدامبارك[xlv].

وقد برر المجلس الدستوري رفضه للعمل بمرسوم 23 يونيو، نتيجة انتهاكه للأمر القانوني رقم 027/91 المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، الذي ينص على أن "المجلس الدستوري يعتمد اللائحة النهائية للمرشحين ويقدمها للحكومة"، كما أنه "يتجاهل مبدأ عاما من مبادئ القانون يكرسه القانون الدستوري الحديث وتضمنته ديباجة دستور 1991 الذي هو مبدأ الانصاف ومساواة الحظوظ بين المواطنين"، ذلك المبدأ الذي يكفل للمرشحين نفس المعاملة من دون تمييز "مما يضمن لهم المساواة الكاملة في مجال الطعون المتعلقة باللائحة الانتخابية أو بأي جانب آخر".

واعتبر المجلس في قراره، أنه "وحده المخول بتحديد من يمتلكون الحق في الطعن في كلما يتعلق بالانتخابات الرئاسية كما أنه يعود إليه إعداد اللائحة النهائية للمترشحين وأن اختصاصه محدد بالقوانين النظامية ولا يمكن أن يحدد بمرسوم"، لافتا إلى أن "الفقهالدستوريقداستقرعلىوجوباستشارةالمجلسالدستوريفيكلمايتعلقبالانتخابات الرئاسية والاستفتاء وخصوصا المرسوم المتعلق بالهيئة الناخبة،وهومالمتتممراعاتهفيهذهالحالة". وقد أثار القرارارتياحعددمنممثليالمرشحينوقياداتالمعارضةباعتبار"أنهأعادللمؤسسةالقضائيةهيبتهاومكانتها"[xlvi].

وعلى المستوى السياسي كان التأثير المباشر للقرار هو دفع الأطراف السياسية للإسراع في التوصل لاتفاق على تشكيلة الحكومة الانتقالية الواردة في اتفاق داكار، الشيء الذي حصل يوم 26 يونيو. وفي أعقاب اجتماعها الأول تضمن البيان الصادر عنه مرسوما باستدعاء الهيئة الناخبة، تبين أنه نفس المرسوم السابق الذي سبق للمجس الدستوري الحكم بعدم دستوريته، وأن المجلس لم يصادق عليه خلال اجتماعه بل اكتفى بمناقشته دون الاتفاق على قرار بشأنه[xlvii].

ومن جديد توجه زعماء المعارضة للمجلس الدستوري الذي رد عليهم بشكل غير مباشر من خلال بيان صادر عنه يوم 28 يونيو يطلع من خلاله الجمهور على أنه "يبدأ تنظيم مداومة في مقره لاستقبال الترشحات لرئاسيات 18 يوليو ابتداء من 28 إلى 30 يونيو 2009". وهو رد مثير للاستغراب بالنظر إلى أن نطق القاضي يجب أن يتم من خلال مداولة مكتملة الشروط، وإلى أن المجلس كان قد حكم قبل فترة قصير بعدم دستورية هذا المرسوم، قبل أن يقرر العمل بمقتضاه في هذا الوقت متجاهلا بذلك "حجية قراراته التي كان يتشبث بانطباقها على الجميع بما فيها عليه هو نفسه"[xlviii].

ومع ذلك فقد فرض بيان المجلس نفسه بضغط من المجموعة الدولية أو على الأصح بفعل "الانتهازية الأمنية" للشركاء الأوربيين "الذين يرغبون في تحويل موريتانيا لآلة حرب ضد الارهاب والهجرة السرية أكثر من رغبتهم في مساعدتها على الخروج من أزمتها"[xlix] أو ربما بضغط من "جشع" بعض مرشحي المعارضة الذين كانوا يعتقدون بأن الانتخابات ستكون في مصلحتهم وأنها فرصة سانحة لهزيمة المرشح محمد ولد عبد العزيز[l].

وهكذا تغاضى الجميع في الواقع عن عيوب جلية في مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة، تاركين بذلك "شائبة" يمكن استغلالها من طرف المرشحين الخاسرين للطعن في نزاهة الانتخابات وبالتالي عدم الاعتراف بنتائجها مما يترك الأزمة السياسية مفتوحة بين أبرز الفاعلين السياسيين. وهو ما حصل بالفعل بعد حصول المرشح محمد ولد عبد العزيز على 52.58% من أصوات الناخبين في الشوط الأول.

وبالرغم من أن ثلاثة مرشحين (أحمد ولد داداه، مسعود ولد بلخير، اعل ولد محمد فال) تقدموا بطعن أمام المجلس الدستوري ضد حصول اختلالات شابت الانتخابات من ضمنها: التلاعب باللائحة الانتخابية، ظروف الاقتراع، تقنيات إنتاج بطاقات التصويت، إلا أن المجلس الدستوري بعد استشارة وزارة الداخلية واللجنة المستقلة للانتخابات، حكم بصحة انتخاب محمد ولد عبد العزيز رئيسا للجمهورية في قراره رقم 005/2009 الصادر بتاريخ 23 يوليو 2009.

هل كان من الأجدى بالنظر لخصوصية انتخابات 2009، أن لا يكتفي المجلس الدستوري بوجهتي نظر وزارة الداخلية ولجنة الانتخابات، وأن يتحمل مسؤولياته كاملة باعتباره قاضي انتخابات للقيام بتحقيق تكون نتائجه مقنعة للجميع، مقدما بذلك مساهمة بالغة الأهمية في وضع حد للأزمة السياسية التي يهدد استمرارها استقرار البلاد؟

 

[i]- ورد في ديباجة الميثاق الدستوري: وضعتالقواتالمسلحةوقواتالأمن،منخلالالمجلسالأعلىللدولةحدانهائيالسلطاترئيسالجمهوريةالمنصبيوم 19 ابريل 2007 وقررتاتخاذالإجراءاتاللازمةمنأجلضماناستمراريةالدولةوالإشرافبالتشاورمعالمؤسساتوالقوىالسياسيةوالمجتمعالمدني،علىتنظيمانتخاباترئاسيةتمكنمندفعالمسارالديمقراطيفىالبلدوتأسيسهعلىقواعدثابتةودائمة.

وتتعهدالقواتالمسلحةوقواتالأمنأمامالشعبالموريتانيبالقيامخلالأقصرفترةممكنةبتنظيمانتخاباتحرةوشفافةتمكنمستقبلامنسيرمستمرومتناسقللسلطاتالدستورية.كماتعلنعنإرادتهافىاحترامكافةالتعهداتالدوليةالمتخذةباسمالدولةوعنانضمامهاللمبادئالواردةفىالإعلانالعالميلحقوقالإنسانوميثاقالأممالمتحدةوجامعةالدولالعربيةوالاتحادالإفريقيومنظمةالمؤتمرالإسلامي.

ويهدفهذاالأمرالدستوري،بدونالمساسأكثرمنماهوضروريبأحكامدستور 20 يوليو 1991 المعدل،إلىتحديدالسلطاتالمؤقتةللمجلسالأعلىللدولة.

 

[ii]- انظر بيان الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية في: جريدة الأخبار، العدد 1020 بتاريخ 09/08/2008.

 

[iii]- بيان المركزيات العمالية الموقع من طرف: اتحادالعمالالموريتانيين، الكونفدراليةالوطنيةللشغيلةالموريتانية، الكونفدراليةالعامةلعمالموريتانيا، الاتحادالنقابيلعمالموريتانيا، الكونفدراليةالحرةلعمالموريتانيا، الاتحادالعاملعمالموريتانيا، الاتحادالوطنيلعمالموريتانيا، الاتحادالحرللشغيلةالموريتانية، اتحادالنقاباتالحرةلموريتاني. في: http://aljebha.canalblog.com/

 

[iv]- راجع النداء الصادر عن رئيس الجمعية الوطنية ولد بلخير يو 10/08/2008، في: http://aljebha.canalblog.com/

[v]- وصل عدد الأحزاب المنضوية تحت لواء الجبهة  ........

[vi]- للاطلاع على نشاطات الجبهة، يمكن الرجوع إلى أرشيف منظمة من أجل موريتانيا: http://www.archive.for-mauritania.org/ar/index.php?article_id=848?&list1page=87

 

[vii]- رسالة مسؤول العلاقات الخارجية في الجبهة د. محمد ولد مولود بتاريخ 14/09/2008، إلى رئيس لجنة الاتحاد الافريقي حول أزمة موريتانيا (ارشيف الجبهة).

[viii]- رسالة من رئيس الجبهة ورؤساء مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، إلى ممثلي منظمات الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي والجامعة العربية المجتمعين في آديسآبابا 4 سبتمبر 2008 (أرشيف الجبهة).

[ix]- طلب رأي دستوري موجه من طرف رئيس الجمعية الوطنية إلى المجلس الدستوري بتاريخ 23 ابريل 2009 (أرشيف الجبهة).

[x]- رسالة موجهة من طرف رئيس الجمعية الوطنية إلى المجلس الدستور، غير مؤرخة وغير مرقمة (أرشيف الجبهة).

[xi]- د. الخليل النحوي، تساؤلات على هامش الانقلاب السادس في موريتانيا، http://www.archive.for-mauritania.org/ar/index.php?article_id=312

 

[xii] - Daniel Mockle, Mondialisation et Etat de droit, Bruylant 2002, p 398.

[xiii] - Jean d’Aspremont, l’Etat de drit en droit international, Editions A.Pedone, Paris 2009, p 124.

[xiv] - Jean d’Aspremont, l’Etat non democratique en droit international, Editions A.Pedone, Paris 2009, p 263.

[xv]- نفس المرجع السابق، ص 263.

[xvi]- نفس المرجع السابق، ص 304. كما يمكن التوسع في هذا الموضوع بمراجعة Jean d’Aspremont, l’Etat de drit en droit international، مرجع سابق، الصفحات من 123 إلى 152.

[xvii]- جريدة الصحافة، العدد 176 بتاريخ 14/08/2008، ص 3.

[xviii]- جريدة الأمل الجديد، العدد 567 بتاريخ 21 فبراير 2009.

[xix]- محضر الاجتماع التشاوري حول الوضع في موريتانيا المنعقد يوم 10 نوفمبر 2008 بآديسآبابا، في: http://au.int/ar/

[xx]- محضر الاجتماع التشاوري حول الوضع في موريتانيا المنعقد يوم 21 نوفمبر 2018 بآديسآبابا، في: http://au.int/ar/

[xxi]- جريدة الأمل الجديد، العدد 569 بتاريخ 23 فبراير 2009.

[xxii]- محضر الاجتماع التشاوري حول الوضع في موريتانيا المنعقد يوم 28 يناير 2009 بآديسآبابا، في: http://au.int/ar/

[xxiii]- محمد محمود أبو المعالي، موريتانيا: قراءة في مبادرات حل الأزمة.. وآفاق وساطة القذافي، http://www.swissinfo.ch

[xxiv]- محمد غلام، مسار الأحداث بعد انقلاب 2008، http://www.aljazeera.net/news/arabic/

[xxv]- نفس المصدر.

[xxvi]- محمد محمود أبو المعالي، مصدر سابق.

[xxvii]- قرار المجلس الدستوري رقم 004/2009، منشور في: http://www.saharamedias.net/

[xxviii]- نفس المصدر.

[xxix]- نفس المصدر.

[xxx]- رفضت مبادرة الدفاع عن الدستور المشكلة من مجموعة من المحامين قرار المجلس الدستوري للأسباب التالية:
1- أن المجلس الدستوري لم يعلل قضاءه بما يكفي، فحالة الشغور والمانع المذكورة في المادة 40 من الدستور، التي كانت غير نهائية، زالت بمجرد تخلي الجنرال محمد ولد عبد العزيز عن السلطة وبذلك أصبح بمقدور رئيس الجمهورية السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله المتواجد على التراب الوطني، والمتمتع بكامل قواه العقلية والبدنية والمتمسك بمسؤولياته، أن يعاود مباشرة مهامه، فكان من المتعين على المجلس الدستوري أن يقر هذه الواقعة لا أن يتجاهلها ويعين نائبا لا يجوز اللجوء إليه مع وجود المنوب عنه.

2- أن المجلس الدستوري تصرف بناء على عريضة من الوزير الأول المعين من طرف الجنرال محمد ولد عبد العزيز، بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للدولة الذي مهما قيل يعتبر كيانا غير دستوري، والواجب قانونا أن لا يرد الطلب على المجلس الدستوري إلا من رئيس الجمهورية أو الوزير الأول المعين من طرفه طبقا لمقتضيات الدستور أو من رئيس الجمعية الوطنية (المادة 41 من الدستور).
3- أن المجلس الدستوري طبق كما يتبين من قراره مقتضيات الأوامر "غير الدستورية" الصادرة عن المجلس الأعلى للدولة دون اعتبار لتنافيها المطلق مع المقتضيات الدستورية ودون التعرض لحجيتها ومصدر إلزاميتها وهذا ما يتنافي مع طبيعة المجلس الدستوري ويخرجه عن إطاره كهيئة رقابة دستورية أدى أعضاؤها اليمين على أن يقوموا بوظائفهم بكل إخلاص وأن يمارسوها بكل تجرد "في إطار احترام الدستور"، طبقا للمادة 3 من الأمر القانوني رقم 04/92 الصادر بتاريخ 18 فبراير 1992 المتضمن القانون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري. راجع: http://www.archive.for-mauritania.org/ar

[xxxi] -Pr Mohamed Mahmoud O. Mohamed Saleh,  Les deux constitutions : (A propos de la Décision du Conseil Constitutionnel du 15 avril Sur la Vacance du poste de Président de la République) , Le Calame n°684, du mardi 21 avril 2009.

[xxxii]- نفس المصدر.

[xxxiii]- نفس المصدر.

[xxxiv] -Professeur Ahmed Salem OULD BOUBOUTT,Le juge constitutionnel mauritanien et le coup d’Etat du 6 août 2008, Chronique jurisprudentielle d’une année de crise de l’Etat de droit,

[xxxv] - Hamid Estur : Peut-on  bâtir une solution constitutionnelle et consensuelle sur le chantier d’une solution unilatérale ? Réflexions sur les solutions de sortie de crise institutionnelle  en Mauritanie au lendemain de l’intérim du Président Ba M’Baré, Journal  Le Calame, n°686,  4 mai 2009.

[xxxvi]- نفس المصدر.

[xxxvii]- البروفسور أحمد سالم ولد ببوط، مصدر سابق.

[xxxviii]- نفس المصدر.

[xxxix]- وثيقة "اتفاقداكاربينالأقطابالسياسيةالثلاثــةالكبرىفيموريتانيا"، ص 1، أرشيف الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية.

[xl]- نفس المصدر.

[xli]- نفس المصدر.

[xlii] - Omar OuldDeddeOuldHamady, L'armée et la démocratie, réponse à Ahmed Baba Miske, Nouakchott Info, 31 janvier 2007

 

[xliii]- البوابة الموريتانية للتنمية: http://www.pmd.mr/pages/ar/article?idTopic=5AFF0281-550A-8054-00F0-454532FB5F5F&idRubric=52524C81-550A-8054-0035-5A1FB40499BC&idArticle=BA10E467-3EC1-ED2E-0109-A8DF606DBECC

 

[xliv]- بيان صادر عن رئاسة الجمهورية في: http://aziz-maroc.blogspot.com/2009_06_01_archive.html

 

[xlv]- البوابة الموريتانية للتنمية، مصدر سابق.

[xlvi]- دستوري موريتانيا يلغي دعوة للرئاسيات، http://www.aljazeera.net/news/arabic/2009/6/24/%d8%af%d8%b3%d8%aa%d9%88%d8%b1%d9%8a-%d9%85%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%aa%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a7-%d9%8a%d9%84%d8%ba%d9%8a-%d8%af%d8%b9%d9%88%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%b1%d8%a6%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%aa

[xlvii]- البروفسور أحمد سالم ولد ببوط، مصدر سابق.

[xlviii]- نفس المصدر.

[xlix] Professeur Lo Gourmo Abdoul, Quoi après les élections du 18 juillet..sortie de crise républicaine ou poursuite du Coup d’Etat ?

http://fr.ufpweb.org/2009/07/07/lo-gourmo-abdoul-quoi-apres-les-elections-du-18-juillet-sortie-de-crise-republicaine-ou-poursuite-du-coup-detat/

 

[l]- بعد صدور بيان المجلس الدستوري تقدم 6 مرشحين من بينهم 5 من المعارضة، بملفات ترشحهم، وهم: أحمد ولد داداه، محمد جميل منصور، اعل ولد محمد فال، مسعود ولد بلخير، حمادي ولد اميمو وصالح ولد حننا.