علي هامش التشاور القائم منذ أيام، كثر القيل والقال، وتجاوز الحدود حول إشكالية اللغة العربية، ومحاولة النيل من ترسيمها، ووضعها في درجة ومستوي اللهجات الوطنية.
بل ذهب البعض ممن تعود على الإساءة للآخرين والنيل من أعراضهم في سياق هذا التشاور سعيا منه في خلق تشويش ووضع عراقيل واهية في بداية المشوار واصفا إياها بأنها لغة أجنبية.
كأنه نسي اوتناسى بأننا بلد المليون شاعر عربيا تأريخيا وحاضرا قبيل وبعيد أي حوار أو تشاور.
إن إثارة النعرات ووضع العراقيل، ونشر خطابات الكراهية عبر فوكالات الإساءة أمور لاتخدم التعايش السلمي ولا تماسك وحدة الشعب،
كان من الضروري في خضم هذا التشاور وفي إطار التعاطي مع مختلف القضايا الوطنية، أن ننطلق من مسلمة لامراء فيها بأن اللغة العربية هي لغة الدين الإسلامي الواحد المشترك، وبأنها هي اللغة الرسمية دستوريا لذا فإن لم يوحدنا الدين الواحد، والشعور بالإنتماء الى وطن واحد، فإن لغة المستعمر سوف لن توحدنا إطلاقا.
أما مسألة اللهجات الوطنية فهي مصانة دستوريا، يجب تطويرها و تأطيرها للاستهلاك والتواصل المحلي ليس إلا.
اللغة مهما كانت وبالمفهوم الأوسع، لم تعد تشكل عائقا ابسيتيمولوجيا في التواصل والتخاطب والتعامل، نتيجة أن العولمة اختزلت العالم في قرية صغيرة.
لكن بالمقابل تظل اللغة امتدادا وتأصيلا لهوية الشعوب وانتماءاتها.
من أجل الولوج الي تشاور بناء ذات مخرجات واعدة. يجب علي الفرقاء السياسيين وأعضاء الأحزاب والمتتبعين والمهتمين بالشأن العام، تجاوز الخلافات وإثارة النعرات والمصالح الضيقة، والتجرد بكل أمانة من التعصب للانتماءات الضيقة، وتحكيم العقل وتقليب المصلحة العامة على الخاصة سبيلا في إرساء دولة مؤسسات وقانون، إيمانا بأن موريتانيا حاضنة للجميع قوية بتنوعها العرقي وبتنوع ثرواتها.
إن تعزيز الوحدة الوطنية في الظرف الحالي، لا يمكن تجسيده واقعيا إلا من خلال توفير عدالة إجتماعية تشمل الجميع، في ظل تطبيق صارم وعادل للمنظومة القانونية وتعليم جمهوري يمهد لنهضة بناء وتنمية بلد عبر تنمية اقتصادية مستديمة لها القابلية علي خلق فرص عمل وامتصاص أكبر كم من البطالة في الأوساط الاجتماعية الهشة والعريضة.
كما يتطلع البعض لمخرجات تشاور تراعي ضرورة عدم استمرارية تدوير المفسدين وإعادة توظيف المتقاعدين في رئاسة المجالس الإدارية وبعض الوظائف الأخري انصافا واحتراما لحقوق الأجيال الصاعدة المتعلمة ذات الكفاءات العالية والمؤهلات العلمية الكبيرة وعدم حرمانهم من الولوج الي الوظيفة.
إحدي وستون سنة من عمر الدولة الموريتانية كانت كفيلة برفع التحديات وتجاوز الأزمات وإرساء سياسات اقتصادية ناجعة ضمانا لاستغلال امثل للثورات الوطنية وانعاكاسها إيجابا علي الدخل القومي.
في حين يظل برنامج رئيس الجمهورية الطموح تعهداتي الوحيد المتاح والكفيل بالخروج بالبلاد و العباد الي بر الأمان عبر خطة إقلاع اقتصادية واعدة وتأزر شامل للمستضعفين والمهمشين سيشكل قفزة نوعية نحو غد أفضل.
إن تم اسقاطه وتجسيده علي أرض الواقع فإن مختلف مكونات وطبقات المجتمع ستعيش وتتعايش بانسجام ولو بلغة الإشارة.
حفظ الله موريتانيا