محمد محفوظ المختار – كاتب صحفي
كان شهر رمضان المبارك والذي انقضى قبل أيام معدودات شاهدا على إشاعة أجواء من الروحانية أضفت لمسات تربوية على المشهد الإعلامي الوطني خاصة منه ما يتعلق بالإعلام العمومي، حيث تم ضخ دماء جديدة في المسطرة الرمضانية كانت لها فعاليتها في نقل تلك الاجواء إلى داخل بيوت المواطنين عبر مختلف وسائل الإعلام المتاحة.
ولعل أكثر منتوج الإعلامي كمالا وتنوعا ونضوجا أسهم في نقل صورة إعلامية رمضانية كاملة الوضوح برز من خلال باقة البرامج والندوات والسهرات التي قدمتها إذاعة موريتانيا، حيث كانت المسابقة الكبرى لحفظ وترتيل كتاب الله تعالى والتي تنافس فيها ما يزيد على ألف وخمسمائة متسابق التي بثت من خلال أمواج الإذاعة على مدار ليالي رمضان باكورة أعمال هذه المؤسسة ، ثم جاءت صلاتي التراويح والتهجد على أثر ذلك بوابة لحض الناس على التزام النوافل، وجاء مصحف المعلم للفت الانتباه إلى أسلوب جديد في غرس القرآن الكريم في نفوس الأشبال، وبرنامج فتيات قارئات ليبرز شمولية هذا القرآن وضرورة تعليمه للفتيات، وتهدف مختلف هذه البرنامج القرآنية إلى إبراز جديد الأساليب لبث لتدارس كتاب الله تعالى ودوام ترتيله على مسامع المواطنين حيث ما كانوا في المدن أو القرى أو الارياف أو حتى على ظهور العيس حيث يمكن لكل مواطن مهما كان موقعه الاستماع إذاعة موريتانيا وذلك بفعل عمليات تقوية البث المتتالية التي قامت بها الإدارة الحالية لإذاعة موريتانيا في مختلف مناطق الوطن.
ولم تغب السنة والشمائل النبوية عن مسطرة البرامج بل كانت ماثلة في المجالس التي احتضنها مسجد إذاعة القرآن الكريم بإذاعة موريتانيا، وتعد تجربة هذه المجالس رائدة في الإقليم خاصة بل في عموم عالمنا العربي بأسره، ولا يخفى ما لهذه المجالس من أثر بالغ وأهمية قصوى في ربط المواطن بالسنة المطهرة والشمائل النبوية وحثه على استحضارهما في يومياته.
لم تتلقص المساحة الرمضانية التي كانت متخصصة لإطلاع الناس على أحكامهم الشرعية وتوعيتهم بما يطرأ على مختلف جوانب حياتهم من أمور صحية، حيث حافظت روضة الصيام على مساحتها الإذاعية عبر بثها من مباني المسجد الجامع بالعاصمة نواكشوط طيلة الشهر الكريم فكان الفقه والطب صنوان يتم إمداد المواطنين بهما من خلال هذا المنبر كما أن السهرة الرمضانية كانت حاضرة بقوة على مدار ليالي رمضان فتم للمواطن مراده وأشبع نهمه الفقهي والثقافي والصحي.
لم ينحصر الإنتاج الرمضاني في ما سبق التنويه إليه، بل تجاوزه إلى لتقديم مادة إعلامية متنوعة تسهم في تربية الروح حيث تم بث برامج كانت في مجملها تهدف إلى تزكية النفس وتربية الروح عبر بث صالح المثل والقيم الإسلامية ومكارم الأخلاق التي جاء رسولنا صلى الله عليه وسلم متمما لها.
ولأن الدين الإسلامي لا يهمل جانب الترفيه في مختلف الأزمنة كانت للبرامج الخفيفة مساحتها في الإحياء الرمضاني حيث تم تقديم برنامج طرف ونوادر الذي كان منبرا لإحياء الموروث المحظري، وإعادته إلى حلبة التناول والتداول من خلال تجديد أواصر الرحم الثقافية ورصد يوميات الطلاب في المحظرة الشنقيطية العتيقة ولا يخفى ما في مثل هذه البرامج من ربط خلف الأمة الشنقيطية بسلفها، وحفظا للموروث المحظري وصيانة له. هذا بالإضافة إلى سهرات مديحية ومسابقات رمضانية متنوعة.
لا يعني ما سبق ذكره أن إذاعة موريتانيا احتكرت المشهد الإعلامي الرمضاني بل يوضح حقيقة ماثلة تجلت في أنها قدمت منتوجا إعلاميا امتاز بالجودة والتنوع والثراء، وذلك ما جعل المستمع لإذاعة موريتانيا عبر الإذاعة الأم والإذاعات المتخصصة والمحطات الجهوية للإذاعة بل وحتى المشاهد لشركاء الإذاعة في الفضاء السمعي البصري والمتصفح لمختلف المنصات الالكترونية يجد في ما تقدمه إذاعة موريتانيا ما يغني حاجياته المعرفية مهما كان تنوعها.
الإحياء الرمضاني برهن على حقيقة يجب لفت الانتباه لها وهي أن كل نجاح وتألق لا يحتاج أكثر من إرادة جادة وإدارة لديها من النضج والمسوؤلية ما يجعلها تحمل مؤسسة إعلامية بمكانة إذاعة موريتانيا إلى صدارة المشهد الإعلامي الوطني بتألق بارز وحضور بالغ وتأثير مشهود.