أصبح الوقت ضيقا جدا على تهيئة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بما يتطلبه ذلك من تسمية أعضائها وتأديتهم للقسم وانتخابهم لرئيسها قبل الموعد الذي حدده التشاور بين الداخلية والأحزاب وهو الـ31 أكتوبر/ تشرين الثاني الجاري.
فقد أدت خلافات بين أحزاب الموالاة وكذا بين أحزاب المعارضة إلى إعاقة اقتراح الأشخاص الذين سيمثلون قطبي الأغلبية والمعارضة في اللجنة المذكورة.
وبالنسبة لأحزاب الأغلبية، فقد أكدت مصادر مقربة من مشاوراتها، أنها لم تحسم بعد آلية اختيار الأعضاء وهي في ذلك بين ثلاث طرق أولاها إسناد الأمر إلى رئيس الجمهورية لاختيار قائمة بممثلي الأغلبية، والثانية اقتراح أسماء للرئيس ليختار من بينها ممثلي الأغلبية، والثالثة اقتراح أسماء من كل تحالف سياسي داخل الأغلبية.
وليست أحزاب المعارضة أوفر حظا في مجال تسمية ممثليها في هذه اللجنة التي ستتحكم في تسيير وإعلان نتائج الانتخابات المقبلة سواء النيابية والجهوية والبلدية المقررة بداية العام المقبل، أو الانتخابات الرئاسية المقررة في العام الموالي 2024.
وتتركز خلافات أحزاب المعارضة، على اتجاهين أحدهما يقوده إسلاميو حزب التجمع ويدعو لتطبيق حرفي لقانون اللجنة المستقلة للانتخابات القاضي باختيار أعضاء لم يشغلوا مؤخرا مناصب في أحزابهم، والثاني يدعو لتسمية شخصيات من الأحزاب، دون الالتزام بالقانون.
وتتمسك أحزاب التحالف الشعبي التقدمي والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل” أقوى أحزاب المعارضة في البرلمان، وحزب الصواب بنص قانون اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، بينما أحزاب “تكتل القوى الديمقراطية” و”اتحاد قوى التقدم” التي تطالب بتقديم كل حزب لثلاثة أسماء على أن يتولى قادة الأحزاب اختيار ممثلي المعارضة من بينها.
وتعتقد الأحزاب الداعية للخيار الثاني “أن الاتفاق الذي تمخض عنه التشاور السياسي بين الأحزاب ووزارة الداخلية مؤخرا يتيح للأحزاب الحرية في تعيين ممثليها في اللجنة المستقلة للانتخابات”.
وبالنظر لضيق الوقت، فسيكون يوم الثلاثاء 17 من شهر أكتوبر الجاري، حسب المصادر، هو الموعد النهائي لحسم تسمية ممثلي أحزاب الأغلبية والمعارضة في اللجنة الانتخابية ليتسنى إصدار مرسوم بأعضاء اللجنة.
وحددت وثيقة التشاور بين الأحزاب ووزارة الداخلية يوم 31 من شهر أكتوبر الجاري لاختيار أعضاء اللجنة المكونة من 11 عضوا، 6 منها لأحزاب الأغلبية و5 عن أحزاب المعارضة.
ونفى الوزير الناني ولد اشروقه الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية “ما يتردد عن وجود خلاف بين الأحزاب السياسية حول تشكيلة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات”.
وأضاف الوزير في المؤتمر الأسبوعي للحكومة “أن الأطراف السياسية اتفقت على عدد الأعضاء”، مشيرا إلى أن أجل الـ31 أكتوبر الجاري لا يزال محددا وباقيا”.
وكانت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات قد قدمت استقالة أعضائها الأسبوع الماضي، بعد الاتفاق الذي وقعته الأحزاب السياسية مع الحكومة أواخر شهر سبتمبر الماضي، وذلك لتمكين اللجنة مـن التحضير الجيد والمبكر والتشاركي للانتخابات المنتظرة.
هذا ويجري على هامش هذه التطورات نقاش حول تأويل وتفسير شرط حياد أعضاء اللجنة، الذي نص عليه المرسوم المنشئ للجنة المستقلة للانتخابات.
وأكد المحامي المامي ولد مولاي أعل “أنه يحسن، في خضم الحديث عن إجراءات اختيار أعضاء اللجنة المستقلة للانتخابات، تذكير الفرقاء السياسيين، والأعضاء الذين سيتم اختيارهم، بأن هؤلاء الأعضاء سيتمتعون بحق يعرف في بعض المدارس القانونية الحديثة بـ”حق نكران الجميل”، ومعناه أنه ليست للتشكيلات السياسية التي اقترحت الأعضاء منة على هؤلاء الأعضاء ولا جميل يتعين رده، بل من حق كل عضو أن يتخذ في إطار عمله موقفا ضد الحزب الذي اقترحه مما يعد نكرانا للجميل في الأدبيات العادية، وهذا هو معنى اشتراط القانون للحياد في أعضاء اللجنة”.
وحدد المرسوم رقم 2018-035 الصادر في مارس 2018، إجراءات تعيين أعضاء لجنة التسيير وانتخاب رئيس ونائب رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وينص المرسوم على اختيار أعضاء لجنة تسيير اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات من طرف لجنة تسمى لجنة التعيين تتألف من ثمانية أعضاء، أربعة من المعارضة وأربعة من الأغلبية؛ وتعين هذه اللجنة من بين أعضائها رئيسين واحد من مجموعة الأغلبية وواحد من مجموعة المعارضة.
وتقترح كل من مجموعة الأغلبية ومجموعة المعارضة من خلال ممثليهما في الرئاسة المشتركة للجنة التعيين قائمة من أحد عشر اسما يكون إلزاميا من ضمنهم ثلاث نساء.
ويعد الرئيسان المشتركان حسب الترتيب الأبجدي قائمة من اثنين وعشرين شخصا مختارين ويقدمانها إلى لجنة فرعية منبثقة عن لجنة التعيين تتألف من أربعة أعضاء اثنان من المعارضة واثنان من الأغلبية تسمى “اللجنة الفرعية للتقييم”.
وتكلف لجنة التقييم بتقييم مدى توفر المؤهلات في الاثنين والعشرين عضوا الذين تم اختيارهم، ومن هذه المؤهلات المستوى التعليمي، ومهارات الاتصال، والعمل الجماعي، والإلمام الجيد بجغرافية البلد، والكفاءة الثابتة في التسيير الإداري العمومي أو الخصوصي، واستقلالية التفكير، وعدم التحيز والصدق، ولاستقامة الأخلاقية، وعدم الارتباط بعلاقات مع بلد أجنبي قد تضر بالمصالح الحيوية للبلد.
وتضع اللجنة قائمة من أحد عشر عضوا يكون من ضمنهم ثلاث نساء تتوفر فيهم الشروط المطلوبة وتقدم للجنة التعيين لاعتمادها بشكل توافقي في أجل 48 ساعة، حيث تقوم بعد تصديقها بإحالتها من خلال الرئيسين المشتركين إلى رئيس الجمهورية للقيام بالتعيين.
وفي حالة تعذر التوافق في المدة المحددة أعلاه يتعين على لجنة التقييم إحالة قائمة الـ22 إلى رئيس الجمهورية الذي سيكون الحكم النهائي فيها.
عبد الله مولود
نواكشوط- “القدس العربي”