
إعداد: إسلمو ولد سيدي أحمد محماده
خبير وكاتب مهتم بالقضايا الوطنية والعربية
في القرن الحادي والعشرين، لم يعد في إمكان أيّ دولة أن تحقق الأمن والرخاء لمواطنيها بمعزل عن التعاون مع الدول الأخرى، ممّا يقتضي المزيد من التنسيق بين الدول، بصرف النظر عن الأوضاع الداخلية الخاصة بكل دولة.
لقد أصبح العالَم "قرية واحدة"، كما يقال؛ وذلك بسبب ثورة المواصلات، وسرعة تدفّق المعلومات، وتعدد وسائل الاتصال، وسهولة التواصل الاجتماعيّ، وتطلع المجموعات والأفراد إلى الإسهام الفاعل في صنع القرارات المصيرية التي تضمن التعايش السلميّ بين بني البشر، على أسس عادلة ومُنصِفة.
وبالتوازي مع هذا التعاون الدوليّ المطلوب، لا بد من التنسيق والتعاون بصفة خاصة بين المجموعات البشرية التي تربطها علاقات خاصة.
إنّ الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية والسياسية والاقتصادية، ومخلَّفات الاحتلال الأجنبيّ، والتطلع إلى المستقبل، والمصير المشترك... كلها عوامل تؤكد حتمية التعاون العربيّ الإفريقيّ وتجعل منه مَطلبًا ملحًّا وأداةَ تنمية لا غنًى عنها.
وللتذكير، فقد عُقدت أول قمة عربية إفريقية بالقاهرة في شهر مارس/ آذار 1977م. وقد تضمَّن "إعلان القاهرة"، من بين أمور أخرى:
1-الإعلان السياسيّ.
2-إعلان برنامج للتعاون العربيّ الإفريقيّ.
3-الإعلان الاقتصاديّ.
وكانت الجهود في تلك الفترة منصبة على خلق آليات للتعاون، تمثلت-على سبيل المثال لَا الحصر-في إنشاء: المصرف العربيّ للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، والصندوق العربيّ للمعونة الفنية للدول الإفريقية، والمعهد العربيّ الإفريقيّ للثقافة والدراسات الإستراتيجية، والمعرض التجاريّ العربيّ الإفريقيّ، إلخ.
وعُقِدت القمة العربية الإفريقية الثانية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2010م بليبيا. وقد صدرت عن هذه القمة وثيقة مهمّة تتضمّن خُطة عملٍ للتعاون العربيّ الإفريقيّ خلال الفترة من: 2011 إلى 2016م.
وحتى لا نطيل الحديث في الماضي، وانطلاقًا ممّا اعْتُمِدَ في القِمتيْن (قمة التأسيس، وقمة التخطيط) من قرارات وتوصيات، فمن الواضح أننا لم نصل بعدُ إلى تحقيق الأهداف المنشودة.
لا بد من تفعيل مؤسسات العمل العربيّ الإفريقيّ. ومنها: المجلس الوزاريّ العربيّ الإفريقيّ، واللجنة الدائمة للتعاون العربيّ الإفريقيّ، ولجنة تنسيق التعاون العربيّ الإفريقية، إلخ.
مع التركيز في هذه الفترة الحرجة التي يعيشُها الجانبان (العربيّ والإفريقيّ) على تنسيق المواقف في المحافل الدولية، تجاه القضايا الحيوية المشتركة.
بالإضافة إلى استِشراف المستقبَل، بِإعطاءِ نفَسٍ جديد للتعاون العربيّ الإفريقيّ في مختلِف المجالات، ومراجعة الخُطة المذكورة (2011-2016) وتقويمها، من خلال ما آلت إليه الأمور.