
لطالما ارتبط الشاي بكونه أحد المشروبات الأكثر شعبية حول العالم، إذ يستهلكه الملايين يوميًا سواء في الصباح مع وجبة الإفطار، أو بين الوجبات كمنشط بعد الظهر، أو حتى في المساء كوسيلة للاسترخاء. ومع ذلك، فإن فوائده لا تقتصر على النكهة أو تأثيره المحفّز بفضل الكافيين، بل كشفت دراسة حديثة عن خاصية غير متوقعة لهذا المشروب، وهي قدرته الطبيعية على تنقية المياه من الملوثات السامة، مثل الرصاص والكادميوم والزرنيخ.
الشاي كمرشح طبيعي للمياه
وفقًا لدراسة نشرتها مجلة ICS Food & Technology، فإن أوراق الشاي تمتلك قدرة طبيعية على امتصاص المعادن الثقيلة وتصفيتها من الماء. إذ تلتصق هذه المعادن بأسطح الأوراق، ما يسمح بإزالتها ببساطة عند التخلص من الأوراق أو أكياس الشاي بعد النقع.
وأوضح بنيامين شيندل، المؤلف الرئيسي للدراسة، أن هذه العملية تحدث بشكل طبيعي أثناء تحضير الشاي، حيث يتم استخلاص المعادن من الماء، دون أن يتم استهلاكها لاحقًا، مما يجعل هذه الطريقة فعالة وآمنة لتنقية المياه.
الوقت عامل حاسم في تنقية الماء
أجرى الباحثون اختبارات على مجموعة متنوعة من أنواع الشاي، وطرق التخمير، وأوقات النقع، ووجدوا أن مدة النقع تلعب دورًا أساسيًا في تحسين فعالية التنقية. فعلى سبيل المثال، عند نقع كوب متوسط من الشاي لمدة خمس دقائق، انخفضت مستويات الرصاص في الماء بنسبة 15%.
أما عند تخمير الشاي لفترات أطول، مثل تركه طوال الليل كما هو الحال مع تحضير الشاي المثلج، فإن تأثير التنقية يصبح أكثر وضوحًا، حيث يتم امتصاص المزيد من المعادن الضارة. ورغم أن النقع لفترة قصيرة يحقق إزالة معتدلة للملوثات، فإن الدراسة أكدت أن كل دقيقة إضافية تزيد من كفاءة التنقية.
أفضل أنواع الشاي لتنقية المياه
اختبر الباحثون أنواعًا مختلفة من الشاي، بما في ذلك الشاي الأسود، والشاي الأخضر، والشاي الصيني الأبيض، إلى جانب أنواع أخرى من شاي الأعشاب. وأظهرت النتائج أن أوراق الشاي المطحونة أكثر فعالية في جذب الملوثات مقارنة بالأوراق الكاملة، وذلك بفضل زيادة مساحة السطح التي تتيح امتصاصًا أكبر للمعادن.
كما كان لنوع أكياس الشاي تأثير على كفاءة الامتصاص؛ حيث أثبتت الأكياس المصنوعة من السليلوز، وهي مادة عضوية قابلة للتحلل مستخرجة من الأشجار، فعاليتها الكبيرة في امتصاص المعادن. في المقابل، لم تحقق أكياس الشاي المصنوعة من النايلون أداءً جيدًا، بل قد تطلق كميات كبيرة من الجزيئات البلاستيكية الدقيقة في الماء، بينما أظهرت أكياس الشاي القطنية قدرة محدودة على الامتصاص.
اكتشافات تعزز من قيمة الشاي
تأتي هذه الدراسة لتعزز من أهمية الشاي ليس فقط كمشروب مفضل للكثيرين، ولكن أيضًا كمادة طبيعية ذات إمكانيات مذهلة في تحسين جودة المياه. وبينما تتزايد المخاوف بشأن تلوث المياه بالمعادن الثقيلة، قد يكون استخدام الشاي وسيلة بسيطة وفعالة للتقليل من تلك الملوثات، مما يفتح آفاقًا جديدة للاستفادة من هذا المشروب العريق بطرق غير تقليدية.