موريتانيا والسنغال: نجاح عملية سد تسرب مخيف للغاز في إحدى آبار حقل السلحفاة آحميم الكبير وسط تحذيرات بيئية

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
سبت, 2025-03-15 13:54

بعد تكتم على حادثة التسرب لعدة أسابيع، أعلنت وزارة الطاقة والنفط الموريتانية، أمس الجمعة، عن نجاح عملية سد تسرب فقاعات الغاز من البئر A02 في حقل السلحفاة آحميم الكبير (GTA)الواقع على الحدود البحرية الموريتانية السنغالية والذي تتولى شركة بي بي البريطانية الإشراف على عمليات استغلاله.
وأكدت “أن سد منفذ التسرب تم بعد تنفيذ عملية دقيقة شملت إنزال وتركيب المعدات الفنية (LRP) وتثبيتها على رأس البئر، ما أدى إلى وقف التسرب بشكل نهائي”.
ووفقًا للفحوص التي أجرتها الفرق الفنية، تضيف الوزارة، فقد تم احتواء التسرب بالكامل، فيما تستمر فرق المراقبة في متابعة الوضع ميدانيًا لضمان عدم حدوث أي تداعيات أخرى.
وأوضحت الوزارة أن الفرق الفنية تواصل مراقبة البئر باستخدام معدات متطورة، فيما توجد عربة آلية مزودة بكاميرات وحساسات (ROV) تحت سطح المياه بالقرب من رأس البئر، لضمان المتابعة الدقيقة ونقل الصور من الموقع في الوقت الحقيقي، كما أكدت الوزارة “أن أحدث البيانات تشير إلى عدم وجود أي تلوث على سطح البحر، حيث لم ترصد آخر جولة جوية بالمروحية، التي أجريت في 11 مارس الجاري، أي مواد على سطح البحر، كما لم تكشف الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية في 12 مارس الجاري، عن أي مؤشرات على تسرب مواد هيدروكربونية”.
وأضافت “أن الجولات الجوية بالمروحيات ستتواصل إلى جانب المراقبة الدورية بالأقمار الصناعية، لضمان متابعة دقيقة لأي تطورات محتملة، كما تواصل البحرية الوطنية الموريتانية دورياتها المنتظمة في المنطقة لمراقبة الوضع والتدخل عند الضرورة.
وتعود حادثة تسرب الغاز ليوم 19 شباط/فبراير 2025، عندما أُبلِغ عن تسرب غازي من البئر A02 في حقل السلحفاة آحميم الكبير، المشروع المشترك بين موريتانيا والسنغال، والذي تديره شركة بي. بيBP البريطانية.
وأثار هذا التسرب انتقادات بشأن تكتم السلطات الموريتانية وشركة BP على الحادث وتأخرهما في إبلاغ الرأي العام.
ووفقًا لمصادر بيئية مهتمة بهذا الشأن، فقد استمر التسرب لعدة أيام دون إعلان رسمي، ما دفع بعض النواب الموريتانيين إلى التعبير عن قلقهم.
وانتقد النائب البرلماني الموريتاني محمد الأمين ولد سيدي مولود، في تدوينات له، “تكتم شركة BP على تسرب الغاز من إحدى الآبار في مياهنا الإقليمية”، مؤكداً “أنه قد يؤدي إلى كارثة بيئية وربما بشرية”، وداعياً “السلطات الموريتانية للتصرف بحزم وشفافية في هذا الشأن”.
وأصدرت وزارة البيئة الموريتانية بيانًا مقتضبًا عن الحادثة أعلنت فيه فتح تحقيق في التسرب، دون تقديم تفاصيل إضافية.
ويسلط حادث تسرب الغاز الضوء على ضرورة تعزيز الشفافية والتواصل الفعّال مع الجمهور في مثل هذه الحالات، لضمان الثقة بين الجهات المعنية والمجتمع، وتفادي انتشار الشائعات والمعلومات غير الدقيقة.
ويعد تسرب الغاز من الآبار البحرية أحد أخطر التهديدات البيئية، حيث يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع نسب غاز الميثان في الجو، وهو أحد الغازات الدفيئة القوية التي تساهم في تغير المناخ بمعدلات تفوق تأثيرات ثاني أكسيد الكربون بعدة مرات. كما يمكن أن يؤثر تسرب الغاز على الحياة البحرية من خلال الإضرار بالتنوع البيولوجي البحري، إذ يؤدي تلوث المياه بالغازات إلى اضطراب في التوازن البيئي، ما يؤثر على الكائنات البحرية الحساسة مثل الشعاب المرجانية والأسماك.
ويؤدي تفاعل الغازات المتسربة مع مياه البحر إلى تقليل الأكسجين الذائب، ما قد يتسبب في نفوق الأسماك والكائنات البحرية الأخرى، كما يمكن للغازات المتسربة أن تؤثر على جودة الهواء عند تبخرها، أو تتفاعل مع مكونات المياه لتشكل مركبات ضارة بصحة الإنسان والكائنات الحية.
ويأتي هذا الحادث في ظل تحذيرات متكررة من قبل منظمات حماية البيئة بشأن المخاطر الناجمة عن استغلال الغاز في حقل السلحفاة آحميم الكبير.
فقد سبق لمنظمات بيئية دولية، مثل “السلام الأخضر” (Greenpeace) ومنظمة “أصدقاء الأرض ” (Friends of the Earth)، أن أبدت مخاوفها حول التداعيات البيئية لاستغلال موارد الغاز في هذه المنطقة الحساسة بيئيًا.
وحذرت هذه المنظمات من أن عمليات الاستخراج والتنقيب قد تؤدي إلى تفاقم تآكل السواحل والتلوث البحري، فضلاً عن المخاطر المرتبطة بالتسربات الغازية، التي يمكن أن تؤثر على النظم البيئية في المنطقة، وتؤدي إلى تهديد مصادر رزق المجتمعات الساحلية التي تعتمد على الصيد البحري.
وفي ظل هذه التحديات، تبرز أهمية تعزيز الرقابة البيئية على المشاريع الاستخراجية، واعتماد تقنيات أكثر أمانًا للحد من مخاطر تسرب الغاز. كما يتطلب الوضع تكثيف جهود التنسيق بين الجهات الحكومية، والمنظمات البيئية، وشركات الطاقة، لضمان تطبيق معايير السلامة وحماية البيئة البحرية بشكل فعال.
وعلى الرغم من نجاح عملية سد التسرب، فإن هذا الحادث يسلط الضوء على الحاجة إلى استراتيجيات وقائية أكثر صرامة، لضمان سلامة عمليات التنقيب والإنتاج، وحماية البيئة البحرية من الآثار السلبية المحتملة في المستقبل.

 عبد الله مولود

نواكشوط ـ «القدس العربي»