قال تقرير بريطاني إن الانخفاض المستمر في أسعار النفط، سيؤثر بالضرورة على النمو الحقيقي لإجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي ما لم تتخذ هذه الدول خطوات جادة بخصوص سياسات التنويع الاقتصادي في أسواق المنطقة، محذرا من أن هذا الانخفاض قد يفرض ضغوطات لا يُستهان بها على اقتصادات دول الخليج العربي.
وتوقّع التقرير الذي معهد المحاسبين القانونيين في إنكلترا وويلز أن تواجه اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي تبعات رئيسية من جراء هبوط أسعار النفط مع اعتمادها الكبير على الصادرات السلعية.
وقال دوغلاس ماكويليامز المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين "تتّجه حصص كبيرة من الموازنات الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي نحو الإنفاق العام، مثل الأجور أو الرواتب السخيّة في القطاع العام، ودعم الأغذية والوقود، فضلا عن المساعدات المالية المباشرة للعائلات.. وربما تساهم بعض الإصلاحات في إطار هذا الدعم في تقليل الضغوطات على الميزانية العامة للحكومة، خاصة وأنها تواجه تراجعا في العوائد النفطية".
ووفقا لصندوق النقد الدولي وأسعار النفط المتوقعة لبلوغ نقطة التعادل في 2015، ستعاني البحرين وعمان من ضغوطات هائلة، إذ تحتاجان إلى أسعار لا تقل عن 116 و108 دولارات للبرميل على التوالي، لتحقيق التوزان بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة العامة.
في المقابل، تتمتع كلّ من السعودية وقطر والإمارات والكويت بوضع مالي أفضل، نظرا لنضوج أنظمتها المصرفية المحلية وتطورها، ونفاذها إلى الأسواق الدولية على نطاق واسع.
كما ان الدول الأربعة تحتكم الى صناديق الثروات السيادية الضخمة التي تحقّق عوائد استثمارية مرتفعة للغاية.
وتُكشف أحدث التوقعات لصافي الإقراض الحكومي في دول مجلس التعاون للعام 2016 أن كلا من الكويت والإمارات وقطر لديها أعلى الفوائض من إجمالي الناتج المحلي السنوي لكل منها، وبنسب 24.1% و9.8% و6.6% على التوالي.
والبحرين هي البلد الوحيد بين الدول الخليجية، التي تعاني من عجز مالي حاليا بنسبة 4.8%، كما أنه من المتوقع أن يصل صافي الإقراض الحكومي في سلطنة عمان إلى نحو 1.8% من إجمالي الناتج المحلي في 2016.
وقال التقرير البريطاني إن إنتاج السعودية تقلّص بنسبة 3.1% خلال الربع الثاني، ويعود ذلك جزئيا إلى انخفاض الصادرات، والإنفاق الحكومي الأكثر تشدّدا، ومن المرجّح أن تنعكس الإيرادات الضعيفة للصادرات على إجمالي الناتج المحلي خلال السنوات المقبلة، خاصة مع تباطؤ النمو السنوي من 4.2% هذا العام إلى 3.9% في العام 2016.
وأكد ماكويليامز "على الرغم من أن خطط الإنفاق الحكومي كبيرة، إلا أنها ليست بالضرورة غير مستدامة، فلا بد للخطط الطموحة الخاصة بالاستثمارات وإنشاء البنى التحتية في شتى أنحاء المنطقة أن تحفّز من مقوّمات النمو على المدى القريب".
وأضاف "يمكن لهذه الاستثمارات أيضا أن تزيد من الإنتاجية على المدى البعيد، كما أن هناك أخبارا سارة حول زيادة الطلب من الأسواق الناشئة، وبالتحديد من منطقة اتحاد دول جنوبي شرق آسيا المعروفة باسم 'آسيان'".
ويقول محللون إنه من المحتمل أن يتم خفض مستويات الإنتاج النفطي في دول الخليج استجابة لتراجع الأسعار، تماما كما فعلت السعودية فيما مضى وذلك لتعديل أسعار النفط.
ومع ذلك، فإن خطط الإنفاق المقترحة في ضوء أسعار نقطة التعادل ـ كما يقول مراقبون ـ تفترض أن معظم دول مجلس التعاون المصدرة للمنتجات الهيدروكربونية ليس لديها المرونة لتحتمل الانخفاض المستمر سواء في الإنتاج أو العوائد.
وقال مايكل آرمسترونغ المدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا تعليقا على التقرير الذي جاء تحت عنوان رؤى اقتصادية "يتّضح من ضعف أسعار النفط مدى أهمية أن تنمو الاقتصادات بعيدة عن الاعتماد الكلي على السلع.. ومن خلال الاستمرار في التركيز على زيادة التنويع الاقتصادي سيساعد ذلك على ضمان الاستقرار والنمو الاقتصادي المستدام".
وقال اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي في سبتمبر/أيلول، إن دول مجلس التعاون الخليجي تطمح إلى رفع مساهمة بعض القطاعات الاقتصادية في ناتجها المحلي الإجمالي لا سيما القطاع الصناعي، ورجحت أن يبلغ حجم الاستثمار الصناعي الخليجي قرابة تريليون دولار بحلول 2020، مقارنة بـ323 بليون دولار حاليا.
وأشار تقرير صادر عن الاتحاد قوله إن دول الخليج تستهدف رفع مساهمة القطاع الصناعي في الاقتصاد إلى 25 في المئة بحلول العام 2020 مقارنة بنحو 10 في المئة في الوقت الحالي، مستفيدة من النمو المتواصل للقطاع وحجم الاستثمارات الحكومية والخاصة المتدفقة في المشاريع الصناعية.
وتوقع الاتحاد، نمو اقتصاد دول المجلس بنسبة 4.2 في المئة خلال العام 2014، وبقيمة تناهز1.7 تريليون دولار، مقارنة بنحو 1.65 تريليون دولار العام 2013.