قال بنك التسويات الدولية إنه في الوقت الذي تتخلص فيه البنوك من الاُصول عالية المخاطر، في ظل تشديد القواعد التنظيمية، فإن مديري الاُصول يحاولون سد الفجوة التمويلية وإستخدام تأثيرهم المتنامي بطرق قد تضر بالأسواق.
وقال البنك في تقريره السنوي أمس الأحد ان النظام المالي يقف عند مفترق طرق بعد حوالي ست سنوات على الأزمة المالية التي إضطرت دافعي الضرائب إلى إنقاذ البنوك.
وتعيد البنوك ضبط أنشطتها بالتخارج من الاُصول عالية المخاطر، لتقليص حجم رأس المال الإضافي الذي يجب أن تحوزه في إطار قواعد صارمة جديدة، وذلك من أجل تفادي التدخل الحكومي عند حدوث أزمات في المستقبل.
وقال تقرير بنك التسويات «في الإقتصادات المتقدمة الأكثر تأثرا بالأزمة يتراجع الإئتمان المصرفي للشركات لصالح التمويل المعتمد على السوق.»
ويتزامن نمو قطاع إدارة الاُصول – حيث تجاوزت قيمة الأصوال تحت الإدارة 60 تريليون دولار – مع زيادة حصة اللاعبين الكبار في السوق حيث أصبح أكبر عشرين من مديري الاُصول يشكلون ما يزيد على ربع القطاع.
ويواجه مجلس الإستقرار المالي العالمي – ومقره في مبنى بنك التسويات الدولية نفسه في بازل في سويسرا – معارضة من كبار مديري الاُصول لخططه في فرض رقابة صارمة عليهم.
ويقر بنك التسويات الدولية بفوائد التمويل المعتمد على السوق. ويشجع الإتحاد الأوروبي الصناديق على ضخ الأموال في البنية التحتية حيث يأتي نحو 70 في المئة من تمويل الإقتصاد في دول الاتحاد – 28 دولة – من البنوك.
لكن بنك التسويات حذر من أن مديري الاُصول قد يضرون بقوى السوق وتكلفة التمويل. وقال التقرير «يجري تقييم مديري المحافظ بناء على الأداء في المدى القصير وترتبط الإيرادات بالتقلبات في تدفقات أموال العملاء».
وأضاف «قد يكون للشركات التي تدير اُصولا كبيرة بمفردها تأثيرا غير متناسب على حركة السوق في بعض الأوقات. وهناك مبعث قلق آخر من هذا التركز إذ أن المشكلات التشغيلية أو القانونية في شركة تدير اُصولا كبيرة قد يكون لها تأثيرات غير متناسبة على المنظومة ككل».
وقال بنك التسويات إنه مازالت هناك شكوك بخصوص نسب رأس المال الأساسي – المؤشر الرئيسي لسلامة مركز البنك – التي تعلنها البنوك. فهناك تفاوت في طريقة حاسب البنوك لتلك النسب من خلال تقييم أوزان المخاطر في اُصولها.
وقال التقرير «يشير تأثير تلك الممارسات المختلفة إلى أن هناك مجالا للتضارب في تقييم المخاطر ومن ثم في النسب الإلزامية».
ويرجع السبب الرئيسي لتلك الإختلافات في طريقة تجنيب البنوك للأموال اللازمة لتغطية التعثر المحتمل في سداد الديون السيادية التي تحوزها.
لكن التقرير لم يصل إلى حد دعم بعض صناع السياسات الذين يريدون إلغاء تقييم إنعدام المخاطر المرتبط بأكثر من نصف السندات السيادية التي تحوزها البنوك. فقد أظهرت الحاجة لإنقاذ عدة دول في الاتحاد الأوروبي أن السندات السيادية قد تفقد قيمتها بشكل حاد.
ولم يذهب أيضا إلى حد دعم مطالبات متشددة من مسؤولين تنظيميين في بريطانيا والولايات المتحدة يريدون إحداث تغييرات جوهرية في النماذج التي تستخدمها البنوك الكبرى في تقييم المخاطر.
وقال التقرير إن النماذج التي تستخدمها البنوك تتيح «اختلافا طبيعيا ومحل ترحيب لتقييم المخاطر بين البنوك». وأضاف أن هناك حاجة لمزيد من التقييم الموضوعي للمخاطر الأساسية وفرض رقابة أفضل على استخدام النماذج.
وتابع «إن إستحداث نموذج تنظيمي موحد على غرار أوزان مشتركة لتقييم المخاطر تستخدمها جميع البنوك قد يشجع على تركيز المخاطر بدلا من توزيعها».
من جهة ثانية قال بنك التسويات الدولية ان القطاع المصرفي في أوروبا هو في وضع حرج حتى بعد مرور ست سنوات على ذروة الأزمة المالية العالمية.
وقال خايمي كاروانا، المدير العام للبنك «الخبر السار هو أن الإقتصاد العالمي يتعافى وأن النمو العالمي تحسن خلال العام الماضي.. لقد ترسخت الإصلاحات، وإن كان بشكل متباين».
ولكن في حين خرجت منطقة اليورو من الركود، كما إعترف كاروانا ، أشار التقرير إلى أن هناك الكثير مما ينبغي القيام به لجعل البنوك أكثر مرونة ولكي تكون نماذج أعمالهم أكثر إستدامة.
وقال بنك التسويات الدولية إن هناك خطر في أوروبا يتمثل في الديون المرتفعة التي تحتفظ بها البنوك، مضيفا أن البنوك في منطقة اليورو تعمل مع البنك المركزي الأوروبي لمعالجة المشكلة.
وقال التقرير الصادر عن «البنك المركزي للبنوك المركزية» والذي يضم 60 بنكا مركزيا من مختلف أنحاء العالم «في البلدان التي ضربتها الأزمة، هناك حاجة للتركيز بدرجة أكبر على إصلاح الميزانية والإصلاحات الهيكلية والتركيز بدرجة أقل نسبيا على الحوافز النقدية والمالية».