قال عبد الله البدري، الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك»، أمس الأحد ان المنظمة لا تستهدف سعرا محددا للنفط، في مؤشر على استمرار سياسة «أوبك» الرامية للحفاظ على مستويات الإنتاج دون تغير، ما ساهم في هبوط حاد لأسعار الخام واضطراب في الأسواق العالمية.
وقال البدري الذي كان يتحدث في دبي ان سعر النفط – الذي انخفض لأدنى مستوياته في خمس سنوات في الأيام القليلة الماضية – نزل عما تمليه العوامل الأساسية في السوق.
وقال البدري للصحافيين على هامش مشاركته في «المنتدى الاستراتيجي العربي» في دبي «نريد ان نعرف ما هي الأسباب الرئيسية التي ادت إلى هذا الانخفاض في اسعار النفط».
واضاف «عندما نرى العرض والطلب هناك زيادة ولكن بسيطة ولا تؤدي إلى هذا الانخفاض الذي بلغ 50 في المئة» منذ حزيران/يونيو الماضي. وتابع «اذا استمر هذا اعتقد ان المضاربة دخلت بقوة في تخفيض الاسعار».
وشدد البدري على ان منظمة «أوبك» ما زالت تحافظ على سقف الإنتاج نفسه منذ عشر سنوات، وهو بحدود 30 مليون برميل يوميا، فيما المنتجين من خارج المنظمة اضافوا حوإلى ستة ملايين برميل يوميا إلى المعروض.
كما ذكر ان النفط الصخري الذي ارتفعت معدلات إنتاجه بقوة في السنوات الاخيرة في الولايات المتحدة وكندا، والذي يقدر حجمه بثلاثة مليون برميل يوميا، «له تأثير» على السوق، ولكن كلفة إنتاجه عالية تصل إلى 70 دولار للبرميل.
وهذه أول تصريحات للبدري منذ أن أبقت «أوبك» على مستويات إنتاجها دون تغيير في اجتماعها الشهر الماضي، قائلة إنها لا تستهدف سعرا محددا للنفط.
وأدى التراجع الحاد في أسعار النفط إلى هبوط أسهم شركات الطاقة والعملات المنكشفة على صادرات الخام يوم الجمعة الماضي، وضعف الإقبال على أصول تنطوي على مخاطرة. كما دفع المستثمرين صوب السندات الحكومية رغم بيانات قوية لمعنويات المستثمرين في الولايات المتحدة.
وبالإضافة إلى تأثير إبقاء «أوبك» على سقف إنتاجها دون تغيير، ساهمت توقعات وكالة الطاقة الدولية في تفاقم الاتجاه النزولي لنفط، وأذكت مخاوف من تداعيات سلبية اوسع نطاقا مثل تخلف شركات ودول تتأثر بشدة بأسعار الخام عن سداد الديون.
كما يقال أن هبوط الأسعار يزيد من الضغوط الانكماشية في أوروبا، ما يعزز التكهنات بان يضطر البنك المركزي الأوروبي إلى تبني المزيد من اجراءات التحفيز في أوائل العام المقبل.
وفي أحدث ردود الفعل على هبوط أسعار النفط تراجعت بحدة أسواق الأسهم في الشرق الأوسط اليوم لتشهد بورصات الخليج مزيدا من الانخفاض وتفقد نحو 150 مليار دولار من قيمتها منذ نهاية أكتوبر تشرين الأول.
وقال البدري ان «أوبك» تسعى لمستوى أسعار ملائم للمستهلكين والمنتجين، لكنه لم يحدد رقما معينا. وردا على سؤال حول ما إذا كانت هناك حاجة لاجتماع طارئ للمنظمة قبل يونيو/حزيران، ابتسم البدري وقال «لا أعلم».
وتابع ان قرار أوبك خلال اجتماعها في نوفمبر/تشرين الثاني عدم خفض الإنتاج لم يكن يستهدف أي منتج بعينه.
وأضاف أن البعض يقول إن القرار كان يستهدف الولايات المتحدة والنفط الصخري، لكنه أوضح أن ذلك غير صحيح، وكذلك ما يتردد عن أن القرار موجه ضد إيران وروسيا.
وبحسب البدري، فإن دول الخليج «ليست في خطر» نظرا إلى الفوائض المالية الكبيرة التي راكمتها في السنوات الأخيرة التي شهدت ارتفاعا لأسعار النفط.
ويعتقد المعهد المالي الدولي ان هذه الدول جمعت احتياطات مالية تقدر ب2450 مليار دولار راكمتها خلال السنوات الاخيرة بفضل ارتفاع اسعار الخام.
واذ توقع البدري ان «سنتين او ثلاث ستمر بسلام» بالنسبة لهذه الدول، دعاها إلى «تخفيض ميزانياتها» و»تخفيض الدعم» على اسعار الطاقة للحد من «الهدر» الذي «يفوق 60٪» في هذا القطاع على حد قوله.
كما دعا دول الخليج ودول «أوبك» عموما إلى عدم التوقف عن الاستثمار في النفط، لاسيما في الاستكشاف والإنتاج، وذلك استعدادا للمستقبل، خصوصا بعد العام 2020.
وقال ان «تخفيض استثمارات النفط سيؤدي إلى عدم وجود تزويدات جديدة في السنوات المقبلة، ما سيؤدي إلى بدوره إلى ارتفاع الأسعار».
وتوقع ان تكون اسعار الخام عند مستويات مرتفعة جدا بعد 2019 في حال توقف الاستثمار في النفط، مشيرا إلى ان تقديرات «أوبك» لما بعد العام 2020 هي ان «صناعة النفط في أمريكا ستنخفض لأن الاحتياطي قليل».
وتستعد المنظمة بحسب برامجها لإنتاج 93 مليون برميل من الخام يوميا في العام 2040، لانها «الوحيدة التي تملك احتياطات» نفطية، وهذا يتطلب «استثمارات لتلبية حاجات العالم».
وعن التوقعات بانحسار دور «أوبك» بسبب تنامي قدرة المنتجين من خارجها، وتوجه الولايات المتحدة نحو «اكتفاء ذاتي» مفترض، قال البدري «أمريكا ستستمر بالاعتماد على نفط الشرق الاوسط لسنوات طويلة».
واضاف ان «اوبك ستكون هناك بعد سنوات كثيرة. خذوا هذا مني أنا».