الرجل المناسب في المكان المناسب ؛مقولة للحكماء و نصيحة من السياسيين ، رددت كثيرا و طبقت قليلا .
الأصداء وصلت إلينا فنطقتها الأفواه وسمعتها الآذان...جربت في أ وربا ونجحت، تداولت مرارا وتكرارا في إفريقيا و في العالم العربي ، ولم نتمكن من استيعابها .قال جل من قائل : << نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات >> سورة الزخرف آية 32 .
وكان محمد صلي الله عليه وسلم لا يسند المهام الخاصة إلا لمن يراه أهلا لذلك .فما استخلافه لأبي بكر في الصلاة ,وبعثه أسامه في جيش الفتح إلا مراعاة لظروف الفرد و إمكاناته و قدراته علي القيادة وتسيير الأشخاص .
ومن هذا المنطلق بات ضروريا في إدارة الشؤون العامة اصطفاء بعض الكوادر لتوليهم الشأن الإداري والتنفيذي في البلاد . ففي بلدان العالم الثالث تظل الجهة والقبيلة والفئة من الحقائق التي يتعامل معها ولاة الأمور، بحيث أن المناصب تتوزع حسب مصالح آنية للرئيس أو الملك من أجل توطيد حكمه و ضمان استمرار سلطانه .
في بعض الأحيان يلجأ الرئيس إلي تشكيل حكومة من السياسيين المعروفين فيسيرون الشؤون العامة على مجاز مخل يهدف في أحيان كثيرة إلى خلق قواعد شعبية قد تكون في الغالب وهمية، و تارة يقوم بتشكيل حكومة من التكنوقراط موزعة بصفة ارتجالية لا تراعي فيها الجودة ولا التخصص .
الحكومة الموريتانية الحالية لا تخرج عن هذه القاعدة ، فكل إلا من رحم ربك، يقوص في بحر هائج لا سبيل للنجاة منه.
إذا أخذنا مثلا ميدان الخارجية المعروف بوعورة تضاريسه وكثرة فيضاناته فنجد أن صاحب (ة) الحظ يجب أن يكون خاليا من الضعف والتردد . الوزيرة الحالية، رغم كفاءتها و استعدادها للعمل ،ستجد صعوبات جمة للقيام بمهمتها علي أكمل وجه .لذلك عليها أن تتحلى بالصفات التالية :
1. اللياقة البدنية والنفسية لتحمل الأسفار والتلاؤم مع تغيرات الطقس
2 .القدرة علي الفهم والتحدث باللغات : العربية ،الفرنسية ،الإنجليزية
3 . المظهر الدبلوماسي اللائق :الزي وطلاقة الوجه ،والانسجام مع تشريفات الدول.
4. اليقظة التامة في المؤتمرات الصحفية و تفادي الأسئلة الفخ
5. فهم معمق لرسالة موريتانيا الدبلوماسية :
- حسن الجوار انطلاقا من مبادئ الأخوة والصداقة
- عدم الغوص في مسائل قد تسبب حرجا لبعض الجيران ( مشكلة أزواد ،الصحراء الغربية ، كازامانص.....)
- التعاطي بحكمة مع الإرهاب
- التمسك بقوة بالثوابت الثقافية للبلاد : (الهوية العربية الإسلامية ،الوحدة الوطنية...)
6 . فهم الوضعية الدولية الحالية : ( معرفة بالعلاقات الدولية،الجيوستراجية ، و إشكالية المصالح و ميزان القوة )
هذه الشروط قد لا تجتمع في قلب واحد لكن القليل منها يجزي وقد يثاب صاحبه . نرجو الله العلي القدير أن يكون في عون كافة وزرائنا كل حسب اختصاصه .
النعمه ولد أحمد
أستاذ في جامعة العلوم الإسلامية بلعيون