شهور طويلة من المفاوضات بين موريتانيا والاتحاد الاوروبي تنتهي بتوقيع تجديد ابروتوكول اتفاق الصيد البحري بين الطرفين لمدة اربع سنوات قادمة. اتفاق جاء بعد مخاض عسير نتيجة إصرار المفاوض الموريتاني على تطبيق شروطه كاملة على نظيره الأوروبي، وهو ما تم أخيرا، حيث نص الاتفاق الجديد على " تخفيض الكمية المسموح للأسطول الأوروبي باصطيادها من 300 ألف طن فى البروتوكول المنتهي إلى 225 ألف طن فى البروتوكول الجديد وهو ما يعنى استبقاء 75 ألف طن فى إطار تشجيع توطين المنتجات."
ومكن البروتكول الجديد من محافظة موريتانيا على المكاسب التى حققتها فى البروتوكول المنصرم مثل "مرتنة 60% من العاملين على متنها، إضافة إلى تحصيل ضريبة من الكمية التي تصطادها هذه السفن بواقع 2% وتخصيصها لتعزيز الأمن الغذائي عبر التوزيع المجاني والبيع بأسعار رمزية فى مختلف مناطق البلاد فى اطار البرامج التي تنفذها الشركة الوطنية لتوزيع الأسماك."
و"سيعزز البروتوكول الجديد مداخيل الخزينة العامة للدولة بحوالي 100 مليون يورو سنويا فضلا عن المداخيل المتأتية من النشاطات المصاحبة لفائدة الميناء والعمالة البحرية وأصحاب المهن ." هذه المداخيل المتأتية من اتفاق الصيد ستعزز ميزانية الدولة التي خلت هذه السنة من التبويب على الاتفاقية، مما يعني أنها ستمثل رافدا مهما للاقتصاد الوطني، يسمح بسد أي عجز غير متوقع قد يطرأ على ميزانية التسيير أو الاستثمار.
وبعيدا عن الجدوائية الاقتصادية للاتفاقية الجديدة للصيد فإنها أيضا لا تخلو من انعكاسات سياسية لا تخطئها عين المراقب. فقد أكد طول نفس المفاوض الموريتاني حرص صناع القرار على تلبية شروطهم كاملة أوإلغاء الاتفاقية من أساسها، وهو موقف يعكس حرص النظام على الحفاظ على مقدرات الأمة والدفاع عن مصالحها الاقتصادية في وجه الأطماع الغربي التي اعتادت نهب ثروات الشعوب الأخرى ورميها بالفتات من وراء البحار، على شكل قروض تكبل الاقتصاد وتضع المواطن رهينة لدى مؤسسات التمويل العالمي.
وأكدت من جهة أخرى أن الذراع الأوروبي المفتولة ذراع رخوة لا تصمد طويلا مع لاعب يجيد التعاطي مع هذا النوع من الخصوم الشركاء. إن التوقيع اليوم على تجديد اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوروبي مكسب جديد ينضاف لغيره من المكاسب الوطنية التي تحققت خلال السنوات القليلة الماضية، وهو يؤكد ما ذهبنا إليه في مواقف سابقة من أن النظام الحاكم نابع من إرادة هذا الشعب، غيور على مصالحه، لديه كامل الاستعداد للذهاب بعيدا إذا تعلق الأمر بالمصلحة العليا للوطن والشعب..