مصر: توسيع نطاق الضريبة الإستثنائية على الثروة ليسري أيضا على الشركات

ثلاثاء, 2014-06-10 11:27

وسعت مصر المثقلة بالمتاعب الإقتصادية نطاق ضريبة إستثنائية على الثروة، لتشمل الشركات بعد أن اقتصرت في البداية على الأفراد الذين يزيد دخلهم السنوي عن مليون جنيه.
وأوردت الجريدة الرسمية يوم الجمعة الماضي أن مصر فرضت ضريبة إضافية سنوية مؤقتة، بنسبة خمسة في المئة ولمدة ثلاث سنوات، إعتبارا من الفترة الضريبية الحالية على من يتجاوز صافي دخلهم مليون جنيه من الأشخاص الطبيعيين أو أرباح «الأشخاص الإعتباريين »في أشارة إلى الشركات والهيئات والمؤسسات.
وكان مسؤولون قد أوضحوا في مارس/آذار أنه سيتم تطبيق الضريبة الإستثنائية على الأفراد وليس الشركات.
وسمحت الحكومة بموجب قانون الضريبة المؤقتة لدافعي الضرائب الإضافية بتوجيهها لتمويل مشروع خدمي أو أكثر في مجالات التعليم أو الصحة أو الإسكان أو البنية التحتية أو غيرها من الخدمات الاُخرى.
وقال أشرف الشرقاوي الرئيس السابق للرقابة المالية في مصر «هذا القانون سيرفع ضريبة الدخل على الأفراد ( لمن يزيد دخله السنوي عن مليون جنيه) من 25 في المئة إلى 30 في المئة.«
وأضاف «ستزيد الضريبة على الشركات التي تحقق أرباحا أقل من 10 ملايين جنيه إلى 25 في المئة بدلا من 20 في المئة حاليا، والشركات التي تزيد أرباحها عن 10 ملايين جنيه ستدفع ضريبة 30 في المئة بدلا من 25 في المئة حاليا.«
وصدر قانون الضريبة الإستثنائية بعد أيام قليلة من الإعلان عن تعديلات في قانون منفصل للضريبة على الدخل تسمح بفرض فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية والتوزيعات النقدية في البورصة.
وجرى إرسال التعديلات للرئيس الجمهورية لاقرارها ولكن لم يتضح بعد ما إذا كان الرئيس السابق عدلي منصور أقر القانون أم ترك هذه المهمة للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تولى مهام منصبه أمس الأول.
وقوبلت الضريبة الإستثنائية بترحيب كثير من رجال الأعمال لكنها أثارت في الوقت نفسه بعض المخاوف.
وأبدى أحمد أبو هشيمة، الرئيس التنفيذي لمجموعة «حديد المصريين »تأييده للضريبة قائلا «لازم نستحمل الثلاث سنوات المقبلة من أجل البلد والعدالة الإجتماعية.«
لكنه أضاف «لابد أن يكون ذلك بالتوازي مع سن تشريعات جديدة لتحفيز الإستثمار وتشجيعه.«
ولايزال الإقتصاد المصري يعاني من هجرة الإستثمارات وإنخفاض السياحة بسبب الإضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في عام 2011.
وقال أبو هشيمة «لابد للحكومة أن تعمل على تشجيع التسهيلات البنكية للشركات حتى تتوسع، وكذلك تشجيع المنتج المصري، وفرض رسوم على المنتجات الأجنبية.. أتمنى التركيز على دخول الإقتصاد الغير الرسمي في الإقتصاد الرسمي.«
وتعاني مصر متاعب إقتصادية جمة، مع إرتفاع معدلات التضخم والبطالة. وتتوقع الحكومة الآن نمو الإقتصاد بنسبة 2.5 في المئة فقط في السنة المالية الحالية التي تنتهي في 30 يونيو/حزيران.
وعلى النقيض من أبو هشيمة، قال مسؤول تنفيذي في شركة غذائية «أنا ضد هذه الضريبة. »وبرر موقفه قائلا «لدينا بالفعل أعباء وزيادة في تكاليف الإنتاج، وخاصة أسعار المواد الخام التي نستوردها، ولا نجد لها عملة صعبة إلا من السوق الموازية. الشركات تعاني منذ 3 سنوات ولا تجد من يساعدها.«
وتواجه مصر نقصا في إحتياطيات العملة الصعبة، بسبب تراجع إيرادات السياحة والإستثمارات الأجنبية، فضلا عن أن كثيرا من المغتربين يفضلون إرسال أموالهم إلى البلاد عبر السوق السوداء التي يحصلون فيها على أسعار أعلى.
وقال المسؤول التنفيذي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه «هذا وقت غير مناسب لفرض مثل هذه الضريبة.. لا بد أن يفكر صانع القرار في التوقيت قبل اتخاذ أي قرار. قد نلجأ لرفع الأسعار لتعويض زيادة الضريبة.«
وقال الشرقاوي ان الضريبة المؤقتة ليست جديدة وهناك العديد من الدول التي فرضتها في أوقات الأزمات «لكن يجب مراعاة المناخ الإستثماري وجاذبيته«.
وسبق أن فرضت مصر ضريبة إستثنائية على أصحاب الدخول المرتفعة بعد حرب عام 1967 .
وتعمل مصر على تغيير عدد من قوانين الإستثمار وتذليل العقبات من أجل تشجيع المستثمرين الأجانب على العودة من جديد للإستثمار في مصر بعد فرار عددا منهم إثر إنتفاضة يناير/كانون الثاني 2011.
ويرى وائل زيادة، رئيس قطاع البحوث في المجموعة المالية «هيرميس »الإستثمارية، أن الحكومة تتحرك سريعا بزيادة الضرائب «لحل المشاكل الهيكلية وسد عجز الموازنة. ولكن الضريبة هذه المرة مؤقتة لأن الحكومة لديها خطة لمواجهة زيادة النفقات في الموازنة خلال 3 سنوات.«
وتحاول مصر إجراء إصلاحات مثل تقليص الدعم السخي للمواد البترولية والكهرباء.
وقال زيادة «وصول الضريبة إلى 30 في المئة على الشركات الكبيرة قد يعد عنصرا غير مشجع للإستثمار لأن بعض القطاعات لم يتعافى بشكل كبير بعد 2011«.
وأضاف «قد يكون رد فعل الشركات على زيادة الضريبة غير جيد، لكن لا أعتقد أن الضريبة ستقلل الإستثمارات أو تمثل عنصرا طاردا لها. من الناحية الإقتصادية، قرار الحكومة بفرض ضرائب أو زيادتها قد يدفع البعض لزيادة الأسعار وبالتالي إرتفاع التضخم.«
وتباطأ تضخم أسعار المستهلكين في المدن المصرية خلال أبريل نيسان إلى 8.9 في المئة على أساس سنوي من 9.8 في المئة في مارس/آذار.
وقال رجل الأعمال تامر بدر الدين، الرئيس التنفيذي لشركة بلاستيك «أنا شخصيا مع الضريبة طالما أنها لثلاث سنوات فقط، ولكن لابد أن يكون ذلك مع تشجيع الإستثمار.«
وأشار بدر الدين إلى أن الضريبة المؤقتة تنطوي على جانب إيجابي يتمثل في إتاحة الفرصة لدافع الضريبة لتحديد المشروعات الخدمية التي يريد توجيه أمواله لها. لكنه أضاف «الجانب السلبي للضريبة هو إمكانية تأجيل بعض الشركات التسليمات الضريبية لها أو أن تتوجه للإقتصاد غير الرسمي.«
ويرى كامل جلال، من مجموعة «حديد عز »أن ضريبة الدخل لا تؤثر بشكل سلبي على تقييم الشركات الكبيرة، بل تؤثر بشكل إيجابي خاصة على الشركات الممولة من قروض ورأس مال. وقال إن الضريبة لن تؤثر على الأسعار خاصة أنها ضريبة مؤقتة.
و«حديد عز »المصرية هي أكبر منتج لحديد التسليح في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال جلال «يمكنك كشركة توجيه الضريبة الإضافية لأي نشاط خدمي تريده وهذه نقطة ستشجع الممول على السداد لأنه سيكون على علم أين تذهب أمواله.«
وتسعى مصر لتعزيز الإنفاق على التعليم والصحة وخلق وظائف جديدة، لتخفيف وطأة البطالة، التي وصلت إلى أكثر من 13 في المئة من قوة العمل.

القدس العربي