بخلاف معظم المسيرات السابقة للمعارضة الموريتانية، اختار منظمو مسيرة الرابع من يونيو، الجامع السعودي منطلقا للمسيرة الرافضة لانتخابات السادس من يونيو الرئاسية، حيث ستختتم بمهرجان في جامع بن عباس، وبين الجامعين يسعى المعارضون إلى لم شمل المعارضة تحت يافطة المقاطعة، مساحة كبيرة سيختزلها اليوم أنصار المنتدى المكون من أحزاب سياسية وهيئات مجتمع مدني وشخصيات مستقلة، في ظل تفسيرات هنا وهناك.
درج أنصار المعارضة على انتهاج مسار طويل ينطلق بالقرب من مسجد المغرب، ويمر عبر شوارع رئيسية تفتح على جنباتها أكبر أسواق العاصمة، فيلتحق بالركب من أراد ودون عناء، ففي كل محطة يعلق متظاهرون بالمسيرات، أسابيع من التحضير خلص بعدها المنتدى إلى أن كل الطرق تؤدي إلى مسجد بن عباس، لكن أقصرها يعتبر الأفضل بحسب هؤلاء.
استمدت التظاهرات السابقة زخمها من آلاف العمال المنتمين لحركات سياسية، ونقابات عمالية كانوا يزحفون من مناطق قريبة من الميناء والرياض وعرفات، فيما يسهل نقل آخرين بتكاليف أقل في زمن ارتفعت فيه فاتورة المحروقات بينما يراهن منظمو مسيرة اليوم على آلاف المصلين ممن يفترض أن لهم خلفيات إيديولوجية وسياسية حيث تعتبر بعض تلك الأحزاب أن الخروج في المظاهرة استجابة لنداء أحزابها يعد عبادة تماما كما الصلاة استجابة لنداء الرحمن.
لكن آخرين يقدمون تفسيرات أخرى لاختيار المنطقة الواقع قرب الجامع السعودي، فمنهم من يرى أن ارتفاع درجات الحرارة يجعل من الصعوبة بمكان تحمل بضع كيلومترات سبرا على الأقدام لاسيما وأن معظم قادة المنتدى ستحتم عليهم الانتقال إلى نقطة الانطلاق قبل الشروع في رحلة راجلة.. نحو نقطة الوصول.
ومهما يكن من أمر فإن فكرة المسجد تظل حاضرة في كل مسيرة تنظمها المعارضة، فالمسيرات إما أن تطلق بمحاذاة مسجد المغرب أو أن تنطلق بمحاذاة الجامع السعودي، وحتما تنتهي بمهرجان عند جامع بن عباس.
بالنسبة للجامع السعودي قد يكون الرهان يتمثل أساسا في استغلال الزخم الذي قد يمنحه العدد الأكبر من المصلين الذين سيكونون قد أنهوا لتوهم أداء صلاة العصر، وغالبا لا تكون هنالك مشاغل بعد العصر لأن معظم المصلين سيكونون قد أنهوا مهامهم في وسط المدينة، ويستعدون لرحلة العودة إلى منازلهم، ولا بأس أن يمر بعضهم بمحطة بن عباس، هناك يزيد العدد وربما يؤدي صلاة المغرب في جمع أكبر هنا قد يكتب لها أجر الصلاة وربما أجر التظاهر، يعلق أحدهم.
لكن انطلاق المسيرة من أمام الجامع السعودي في منطقة أقرب إلى القصر الرئاسي والمصالح الحكومية قد يحمل هو الآخر في طياته رسائل، إذ يسعى المتظاهرون إلى أن تتسلل أصوات رفض الانتخابات، إلى نوافذ القصر الرئاسي، وفي ذلك أيضا قد يشكل الوجود الأمني المكثف، ما يبرره على الأقل باعتبار ضيق المساحة وقربها من مركز المدينة حيث البنوك والنقاط الساخنة.
يمكن للمنتدى المعارض أن يبرر خطواته هذه، لكن يمكن أيضا لأنصار النظام أن يتهموا المنتدى بالعجز عن الحشد في مساحات أوسع، وعدم القدرة على السير في دروب طويلة.