سيدي الرئيس ... أدرك المشهد / إسلمو ولد أحمد سالم

أربعاء, 2022-06-15 09:46

سنوات المأمورية الأولى تكاد تنقضي و نحن نعدد الآمال و ننتظر اللحظات الحاسمة لما خلناه خطوات متئدة للتغيير، و في كل مرة تأتي النتائج عكس ما تهفو إليه أفئدة الأغلبية الساحقة من أبناء الوطن ، و في كل مرة نحلل و نبرر ، و نعتبر أنها خطوات تكتيكية للإمساك بمجامع أدوات السلطان .

ثلاث حكومات متتالية ، و العديد من اللجان الوزارية ، و العديد من الخطابات التي تنم عن وعي للمشهد ؛ و تهدئة شاملة مع المعارضة ، و التحضير للتشاور . 
و تتفتق الآمال و تكثر التصورات عن التشاور  و النقاط التي ستثار ، و كيف أن البلد سيشهد تحولا كبيرا في طريقة التسيير و طريقة ممارسة السياسة ، و كيف ستنبثق عنه أسس جديدة لتقوية اللحمة الوطنية و توحيد المرتكزات الثقافية و النهوض بالتعليم و بالحكامة الرشيدة و أسس التنمية الاقتصادية و البشرية ،لكننا نجد عند الانطلاقة أن أسباب الفشل تكمن في أدوات التنفيذ ، و أن المشرف المباشر لم يوفق في إدارة العملية ، و تجلى ذلك في المقاطعة و الانسحابات ، و حتى تصريحات الأغلبية و الحزب الحاكم ، ليتوقف بدون سابق إنذار و دون معرفة الأسباب .
ملف الفساد الذي بدأ بمئات المتهمين ، و سال حوله الكثير من المداد ، و كثرت التصريحات ، و أمل الموريتانيون أنه قد بزغ فجر جديد من المحاسبة الدقيقة على نهب المال العام ، و أن الدولة و القانون فوق كل الاعتبارات ، لكن الملف سرعان حففته المقصات من كل جانب ليتقلص إلى 11شخصا ، ثم تخرج الرؤوس الكبيرة  لتكون صدمة للرأي العام ، و يصبح ملف الفساد ككل الأشياء الجميلة التي انتظرناها و لم تأت مطابقة للتصورات .
صراعات تكاد تطفو على السطح بين أدوات الأغلبية ، و تصريحات و تعليقات من مقربين قد تصل حد الاستغراب ، و عودة عناصر العشرية للواجهة مستخدمة الإعلام الألكتروني و السوشيال ميديا  و المواقع الصفراء ، و ربما استخدمت بعض قادة الرأي من المستثمرين في التصريحات ، و مع ذلك ، سيدي الرئيس لا زلنا نأمل و نطمح و ننتظر ما الذي ستقومون به المشهد بعد هذا الإعوجاج الكبير ، و هذه الحيصة بيصة التي نتجت عن تبرئة بعض أباطرة العشرية و إخراجهم من الملف ، و سعيهم للعودة للواجهة مستغلين نفس الأدوات التي تسلقوا بها ذات يوم.

سيدي الرئيس ..

لقد أجمع الموريتانيون على شخصكم و على برنامجكم ، و لا زال الكثير منهم  يثق في إرادة الإصلاح عندكم ، و يثق بمعرفتكم لكل ما يدور من حولكم ، و لا يصدقون ما يروج له بعضهم بعدم تحكمكم بأدوات المشهد ، بل و يعتبرون أن كل هذا المخاض و هذه الحركة و الشائعات و التصريحات ، في الحزب و داخل أروقة سياسة الأغلبية ، إنما هي مخاض و محاولة لفرملة البرنامج الذي تودون تطبيقه ، و الطريقة التي ستغيرون بها الأحداث ..
يتحدث الكثيرون أن السياسة و التحضير للانتخابات بدأ يسيطر على حركة الأحداث ، و يظهر - حسب بعضهم - في سيل التعيينات في المستشارين و المكلفين بمهام ، و يفسرون ذلك أنه تقريب و إشراك للمؤثرين و قادة الرأي في المجتمعات .
و في ذات الوقت - سيدي الرئيس- ينتشر الفزع بين المثقفين و المطلعين على الأوضاع الاقتصادية العالمية من أزمة الغذاء و الارتفاع المذهل للأسعار ، و ما قد ينبئ بمجاعة في بلد لا ينتج نصف غذائه، و يعتمد على صادراته في استيراد قوته اليومي و ملبسه و دوائه و مستلزمات حياته .
إننا أمام وضعية صعبة للغاية ، ففي حين يشتد الزحام حول السبل التي توصل بكم ، يعاني المواطن شظف العيش و ارتفاع الأسعار ، و لا أعتقد أن لعبة الإلهاء بالسياسة التي بدأ بعض الساسة يروج لها بالدعوة للمهرجانات و الزيارات الكرنفالية ، ستكون ذات أثر مع تفاقم الأوضاع .

سيدي الرئيس ...

الشعب هو مصدر السلطة ، فأديروا ظهوركم للمفسدين، و بادروا بعميات إصلاح لا هوادة فيه تمسح الطاولة بهم ، و تحدث ثورة في مجال الانتاج الزراعي و التنموي . طهروا أدوات السلطة من عناصر الفساد و أباطرة السياسة التقليدية المتحجرة و عناصر النحس و فرامل التطوير ، و أشركوا أسراب الشباب المتنور الذي هو أدرى بأدوات عصره ، فهذه الوجوه الممجوجة ترمز للفساد ، و لمراوحة الدولة نفس نمط التسيير الذي عرفته منذ عقود ، فلا أمل في إصلاحهم و لا الإصلاح بهم...