الصحافة إلى أين؟!

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
ثلاثاء, 2025-02-11 10:02

بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن

من غرائب المشهد الإعلامي والسياسي الموريتاني، تحول بعض الصفحات الواتسابية والفيسبوكية إلى شبه أحزاب سياسية بلا اعتراف، وعزوف الجمهور عن الأحزاب التقليدية والمنابر الإعلامية الجادة، وتبنى بعض هذه الصفحات لبعض الملفات الحقوقية، وامتناع الدولة عن الترخيص لبعض النشاطات الدعائية لبعض تلك الصفحات، وهروب بعض الجمهور لمدونين غير جادين مطلقا، يستغلون في الخارج عامل الحرية.

 

كل هذا هل سيساهم في التقليل محليا من مكاسبنا في مجال الحرية الإعلامية وحرية التعبير، مع ما قد يصدر من أحكام ضد بعض الصحفيين، على إثر بعض المخالفات، مع إقالات من بعض الوظائف بسبب إبداء بعض الآراء.

 

كل هذا المشهد في سياق حرية الصحافة وحرية التعبير، هل سنتمكن من فحصه واستنطاقه بموضوعية، لنقف على حقيقة واقعنا، ومدى نجاح الطابع الديمقراطي، أم هل الديمقراطية الموريتانية في تراجع وخطر؟!.

 

ولعله يمكن القول بأن من أكثر ما يدفع بالبعض للسجن سواءً تعلق الأمر بحرية التعبير وحرية الصحافة قانون الرموز المستحدث في ظل النظام القائم في مأموريته الأولى، وقبل شهرين تقريبا تدخل المجلس الدستوري لإلغاء رمزية الشخصيات العمومية، والإبقاء على رمزية الرئيس، وربما سيقلل ذلك من ضحايا حرية الصحافة وحرية التعبير، ولتعزيز الحريات، مما يليق بالطبقة السياسية والقانونية، المطالبة بإلغاء هذا القانون كليا وإصدار قوانين محسنة تعمق وتعزز حرية الصحافة وحرية التعبير، لأن ما هو موجود من قيود أخلاقية وقوانين يكفى لعقاب المخالفين، بدل زيادة فرصة عقاب الممتهنين للصحافة ومساحات حرية التعبير.

 

فالبلد دستوريا بلد ديمقراطي يحمى الحريات، وينبغي أن نسعى لضمان ذلك في الميدان، التزاما وتنفيذا، ولقد بقي قانون الرموز ردحا من الوقت في خطة الرئيس غزواني للتخويف فقط دون تطبيق صارم، على منحى المثل الحساني "نعت بصاراتك وخل خساراتك"، لكن بدأ تفعيله، ولما بدأ تفعيله تصدى له المجلس الدستوري ونجح في الحد منه.

 

فإلى متى سيصل قانون الرموز لخلق مزيد من التضييق على الصحفيين ومستغلي حرية التعبير، وهل حرية التعبير وحرية الصحافة في خطر بسبب هذا القانون المثير للجدل، على رأي البعض، وهل يجوز لمن يتولى الأمر العمومي مع ما قد يرتكب من أخطاء أن يحصن قانونيا، وهل يتماشى ذلك مع الطابع الديمقراطي، الذى هو الأصل في دستور 20 يوليو، ولماذا تعمل الديمقراطيات العريقة على تكريس نقد الرؤساء ومع ذلك نحصنهم نحن قانونيا بهذا القانون، رغم حاجتهم الماسة للتوجيه والنصح والانتقاد، وهو ما حصل في كل التجارب الديمقراطية التعددية الجادة؟!، ومتى تنجح الحكومات الموريتانية والمشرع الموريتاني في رفع العقابيل والعقبات أمام الحريات، ولماذا لا نفكر في ضحايا السجن والإقالة الذين بدأوا يدفعون الثمن بسبب قانون الرموز، مع تعيين وتجديد الثقة في قوم أدانتهم بعض الهيئات الرقابية العليا بسبب تجاوزات مالية كبيرة، ومع ذلك يبقى حملة الأقلام وأصحاب الحناجر الحرة هم الضحية، ومع هذا الواقع الملموس لا ينبغي أن نستغرب إن ادعت منظمة مراسلون بلا حدود تراجعنا في بورصة الحريات، سواءً تعلق الأمر بحرية الصحافة أو حرية التعبير.

 

لقد بدأنا نشاهد منذ سنوات تزايد الهجرة وتهريب بعض المعلومات، لبعض المدونين في الخارج لنشرها، استغلالا لعامل الحريات الإعلامية الراسخة في أمريكا مثلا، حيث سيظل كل ممتهن للحرية في الداخل في خطر، ما دام أسلوب التتبع الدقيق للهفوات، رغم ما تكرره الحكومة رسميا من حرصها على الحريات ومكانتها في التقييم الدولي في مؤشر الحريات، لكن أخطاء بعض الممارسين للحريات الصحفية والحريات العامة وصرامة القوانين المفعلة قد يعرض هذه الحريات لبعض أوجه التضييق، ولولا حرص بعض القضاة على حماية الحريات الصحفية لعاشت المهنة الصحفية في موريتانيا واقعا أصعب، وندعو بإلحاح حكومتنا للمزيد من الحرص على الحرية الإعلامية وتخفيف التحديات وزيادة حماية الصحافة والصحفيين، فقد رجعنا لمسلسل سجن الصحافة، وكم من صحفي أقيل من عمله بسبب إبداء بعض الآراء.

 

وفي هذا الاتجاه ينبغي أن يتأمل الرئيس محمد ولد غزواني ووزيره الأول المختار ولد اجاي ووزير العدل ووزير الداخلية والوزير الوصي على الإعلام، فهل هذا الواقع الصعب مقصود ولو ساهمت فيه بعض الأخطاء من داخل القطاع، أم أن حرص حكومتنا على الحريات وطابعنا الديمقراطي سيدفع للحد من مسار العقاب البدني والتضييق المعيشي.

 

فوجود بعض الأخطاء لدى بعض الصحفيين ينبغي أن لا يبرر الاستمرار في العقاب، كما أن الصحفيين ينبغي لهم التمسك بعروة الحذر والمهنية، حتى لا يعرضوا أنفسهم ومهنتهم للعقاب والمطاردة.

 

وعموما حرية الصحافة وحرية التعبير بدأت تتعرض لبعض التسخين، والأولى إعادة الاعتبار وتفهم الأسباب، فمن غير اللائق دفاع الحكومات عن أعضائها ليسجن صحفي، ومن غير اللائق تجاهل الصفقات المائعة، ولا خيار بين الحرية والصمت، سوى تعطيل الحريات المقررة دستوريا.

 

ولعل خروج صحفي كبير مثل حنفي بحجة التداوي في الخارج وتهديد آخرين بالسجن يؤكد للأسف البالغ مدى الورطة التي قد تعانيها الصحافة في الأفق المرتقب، إذا لم تتضافر جهود السلطات التنفيذية والقضائية والأمنية والتشريعية، بقيادة صاحب الفخامة، محمد ولد الشيخ الغزواني لحماية المهنة الصحفية.

 

وفي هذا الجو بدأ البعض يتساءل، بأسلوب مغرض أحيانا، وبأسلوب موضوعي أحيانا أخرى، هل الصحافة في خطر؟!

 

وللتذكير صاحب الفخامة، إننا واثقون من حرصكم على الحرية الإعلامية والمصالح المرتبطة بها، وكذلك جدوائية تعامل الوزير الوصي على القطاع، الدكتور الحسين ولد مدو لكن هذه الحصيلة تستدعى إعادة النظر، حتى لا تذهب الحريات الصحفية سدى.

- سجني وإقالتي في يوم واحد،

- إقالة موسى ولد بهلى رئيس رابطة صحفية معتبرة، وذلك من وظيفته بقناة الموريتانية.

- إقالة ولد التباخ من قناة الموريتانية.

- ضرب الصحفي حنفي بسبب نقاش حول صفقة مثيرة للجدل، حتى ظهر ثوبه بدم قان مخيف على مستقبل المهنة.

- احتمال سجن المدون عبد الرحمن ولد ودادي.

 

صاحب الفخامة الرجاء النظر في هذا المسار التصاعدي منذ انطلاق المأمورية الثانية، مع دعوتنا لجميع الزملاء بضرورة التشبث بعروة المهنية ومراعاة بعض المحاذير، ومع ضرورة طبعا التمسك بحق الانتقاد، ومعالجة أوجه الخلل في نمط التسيير العمومي، وهو ما شرعت من أجله المهنة الصحفية.