في تحول مفاجئ، لمنحى التطورات التي أعقبت اجتماع مندوبي الدول العربية في القاهرة وما خلفه من اختلاف في وجهات النظر حول توصيف التدخل المصري في ليبيا، ينفي الدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي ما وصفها بالتصريحات المغلوطة المنسوبة له.
وكانت المواقع الإخبارية ووكالات الأنباء نشرت بيانا قالت أنها حصلت عليه من الأمانة العامة للمجلس ومنشور في موقعها الإلكتروني على شبكة الانترنت ينتقد فيها التصريحات المصرية التي وجهتها للدوحة. وأكد الزياني “أن دول مجلس التعاون دائماً ما تسعى إلى دعم ومؤازرة جمهورية مصر العربية بقيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي في كافة المجالات، وهذا ما تترجم في اتفاق الرياض واتفاق الرياض التكميلي الذي وقعه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس″.
وأضاف أن الأمر ينبع من “إدراك القادة لأهمية التلاحم والتكامل مع مصر الشقيقة، باعتبار أن أمن واستقرار مصر من أمن واستقرار دول الخليج، وخاصة في ظل الظروف الدقيقة والحساسة التي تمر بها المنطقة والعالم بأسره، والتي تستدعي الترابط الوثيق بين الأشقاء جميعاً”. وأضاف الأمين العام لمجلس التعاون أن “دول المجلس قد أكدت وقوفها التام مع مصر وشعبها الشقيق في محاربة الإرهاب وحماية مواطنيها في الداخل والخارج، وتؤيد كافة ما تتخذه من إجراءات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية في ليبيا، بعد العمل البربري الذي قام به تنظيم داعش الإرهابي بذبح 21 مصرياً في الأراضي الليبية”. وأكد أن “ذلك حق أصيل من حقوق الدول في الحفاظ على أمنها واستقلالها وسلامة مواطنيها”.
ويأتي آخر بيان من أمانة مجلس التعاون الخليجي على لسان أمينه العام ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن العواصم الخليجية تناصر مصر وتقف في صفها وتؤيد كافة القرارات التي تتخذها. وكانت وكالات الأنباء الدولية قد نشرت في وقت سابق من نهار أمس الخميس بيانا نسبته للزياني نشر على الموقع الإلكتروني للأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي يتضامن فيها مع قطر رافضا الاتهامات المصرية، للدوحة التي استدعت بسببها سفيرها من القاهرة.
وعبر الأمين العام لمجلس التعاون عبد اللطيف الزياني في البيان الأول الذي سرعان ما نفاه، عن رفضه “للاتهامات التي وجهها مندوب مصر الدائم لدى جامعة الدول العربية إلى دولة قطر بدعم الارهاب”.
ووصف الزياني ردود فعل القاهرة، بـ”أنها “اتهامات باطلة تجافي الحقيقة وتتجاهل الجهود المخلصة التي تبذلها دولة قطر مع شقيقاتها دول مجلس التعاون والدول العربية لمكافحة الإرهاب والتطرف على جميع المستويات”. واعتبر الزياني أن التصريحات المصرية “لا تساعد على ترسيخ التضامن العربي، في الوقت الذي تتعرض فيه أوطاننا العربية لتحديات كبيرة تهدد أمنها واستقرارها وسيادتها”. وتلقت الدوحة بارتياح شديد ردة فعل مجلس التعاون الخليجي وهي تعالج الأزمة الدبلوماسية مع القاهرة. وكشف دبلوماسي تواصلت معه “القدس العربي”، أن التصريح الذي أدلى به أمين عام مجلس التعاون جاء في وقته ليؤكد للجميع أنه هناك موقف خليجي تجاه القضايا التي تمس أي دولة عضوة في هذا الكيان، ويعبر عن تضامن دوله في جميع الأزمات. وحتى الآن لم تتضح مواقف العواصم الخليجية الأخرى تجاه هذه القضية.
ويتوقع حسب بعض المصادر، أن يكون هناك اجتماع طارئ لأمانة مجلس التعاون الخليجي لمعالجة تداعيات الأزمة القطرية المصرية لوقف تطاير شظاياها في الأجواء خصوصا وأن المنطقة مقبلة على تحديات محورية. وأعلنت دولة قطر أنها استدعت سنفيرها لدى القاهرة للتشاور على خلفية تصريحات لمندوب مصر في الجامعة العربية اتهم فيه الدوحة بدعم “الإرهاب”. وأكدت وزارة الخارجية القطرية في بيانٍ لها شجب وإدانة العمل الإجرامي الذي أودى بحياة واحدٍ وعشرين مواطناً مصرياً في ليبيا.
وأشار البيان إلى أن ما جاء على لسان مندوب مصر السفير طارق عادل جانبه الصواب والحكمة ومبادئ العمل العربي المشترك. وأكد أن دولة قطر تستنكر هذا التصريح الموتور الذي يخلط بين ضرورة مكافحة الإرهاب وبين قتل وحرق المدنيين بطريقة همجية لم يلتفت لها مصدر التصريح. وطالب بيان الخارجية القطرية الذي أفرد له تلفزيون الدولة الرسمي مساحة هامة من نشراته الإخبارية، بعدم الزج باسم الدوحة في أي فشل للحكومة المصرية لأن قطر كانت وستظل داعمة لإرادة الشعب المصري واستقراره.
وتعتبر قطر أن الاتهامات المصرية لها تأتي بحجة تحفظها على فقرة في بيان للجامعة بشأن الغارات الجوية التي تشنها القاهرة على مدينة درنة شرقي ليبيا، والتي جاءت ردا على إعدام مسلحين ينتمون لفرع تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا 21 عاملا قبطيا مصريا.
وتعتبر الدوحة أنها تدعم الجهود السلمية للتوصل لحل سلمي في ليبيا من دون تعقيد الوضع هناك على خلفية الصراعات التي تشهدها طرابلس والخلافات بين مختلف الأطراف المتصارعة. وتتحفظ قطر على جهود القاهرة في السعي لدى مجلس الأمن لرفع الحظر على السلاح في ليبيا تفاديا لتردي الوضع العام في البلد الذي يواجه أزمات متعددة الأوجه.
ومن المرتقب أن يسجل الملف المصري وعلاقته بدول مجلس التعاون الخليجي في الفترة الأخيرة تفاعلات وتداخلات محورية، وهو الذي يتميز بحركية مستمرة، مع حدوث تطورات لافتة جعلت الغموض يكتنف الكثير من تفاصيله.
القدس