يستعد أحد زعماء الأحزاب المنضوية تحت لواء المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة للانضمام إلى معسكر الأغلبية، ذلك المعسكر الذي لم يكف عن مهاجمة المنتدى والتقليل من شأن من هم فيه.
هذا التصرف اليومي في بلد الترحال الذي يعتاد فيه الأشخاص على التنقل باستمرار دون بوصلة دون تحديد وجهة معينة. كان هذا الترحال يمارس في البادية دون أن يثير مشكلة، لكنه انتقل إلى المدينة في دولة تريد أن تكون ديمقراطية، وهو مسلك يضر دون شك بالديمقراطية وينقص من مصداقية الممارسة السياسية في البلد.
لقد وجدت الكلمة الحسانية 'بلتيك' التي هي تحريف للكلمة الفرنسية POLITIQUEمدلولها الكامل –للأسف- في البلد. بلتيك تشمل المناورات والضربات تحت الحزام والكذب والخيانة...
وقد عززت الأحكام العسكرية المتعاقبة منذ 1978 مثل هذا النوع من الممارسة السياسية في عقليات الموريتانيين، وأصبحت ممارسة السياسة بمعناها الحقيقي تعرض الشخص للعقوبة القاسية، وتركز الخطاب السائد حول نقطة واحدة هي خطر السياسة.
وفى مثل هذه الفوضى يكفي الشخص لكي يكون ناشطا سياسيا أن يعين في وظيفة إدارية أو يكون وجيها اجتماعيا، رغم أنه لا علاقة للسياسة أبدا بأي من هذا، بل هي على النقيض منه. فرجل السياسة هو من يعمل في الصالح العام لخدمة الآخرين مقابل الحصول على دعمهم أو تصويتهم.
وكان على حكامنا أن يسعوا –بدل إفقاد السياسة ورجالها المصداقية- إلى ظهور طبقة سياسية حقيقية قادرة على النهوض بالقضايا الوطنية وتقديم الحلول المناسبة لها وخلق الأمل للمواطنين.
تلك هي مصلحة الوطن ومن يمسكون بالسلطة أيا كانوا. فما الفائدة من الاستمرار في إضعاف الخصوم، الضعاف أصلا، وضمهم لزمرة المصفقين بعد أن كانوا من أشد المنتقدين للسلطة مقابل الحصول على كسرة خبز كان يمكنهم الحصول عليها لو لم يكن النظام ينتهج سياسة تجويع المعارضين.
ومع ذلك فإن التاريخ يعلمنا أن مثل هذا النوع من الانضمامات القائم على هذا المنطق لا يفيد شيئا لأي من أطرافه.
Biladi 937
ترجمة مركز الصحراء